الخميس 29 اغسطس 2024

منذ 65 ألف سنة.. وصول البشر إلى قارة استراليا

القارة الأسترالية

ثقافة25-8-2024 | 18:21

إسلام علي

يعتبر تحديد متى وكيف انتشر البشر في المحيط الهادىء هي مسألة جدلية، إذ إن الدراسات السابقة تعاني من عدم دقة في التأريخ الزمني، مما يجعل من الصعب تحديد توقيت وحركة البشر في هذه المنطقة بشكل دقيق.

يُعد ملجأ ماجدبيبي الصخري في شمال أستراليا أحد أقدم المواقع التي احتلها البشر، حيث يعود تاريخه إلى نحو 60 _65 ألف سنة، وكان الإنسان العاقل لأجل الوصول إلى هذه المنطقة مضطراً للعبور عبر جزر والاسيا وصولاً إلى ساهول وهي جزء من الجرف القاري للقارة الأسترالية.

وتعتبر قارة ساهول في العصر البليستوسيني، والتي ربطت غينيا الجديدة وأستراليا، من ضمن المواقع الموجودة على طول هذا المسار الجنوبي، وهما يظهران أدلة على الاحتلال البشري يعود تاريخها فقط إلى نحو 44 ألف سنة.

وتعرف قارة أستراليا أحيانًا بأسماء ساهول أو ميجانيزيا لتمييزها عن أستراليا، وتتكون من كتل اليابسة الموجودة على اللوحة القارية لأستراليا، وهذا يشمل البر الرئيسى لأستراليا، تسمانيا، وجزيرة غينيا الجديدة، التي تضم بابوا غينيا الجديدة وغينيا الجديدة الأندونيسية.

دفعت هذه التناقضات بعض علماء الآثار إلى التشكيك في دقة تواريخ شمال أستراليا، مقترحين أن البشر ربما وصلوا إلى ساهول بعد ذلك بكثير، أي بعد 50 ألف سنة.

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Antiquity بقيادة عالم الآثار الدكتور ديلان غافني وفريق دولي من الباحثين، تم تقديم أقدم دليل معروف على وصول البشر إلى المحيط الهادئ منذ أكثر من 50 ألف سنة.

يعود تاريخ هذا الدليل، الذي يتمثل في قطعة أثرية مصنوعة من راتنج الأشجار وجدت في كهف مولولو بجزيرة وايجيو بإندرونسيا، إلى حوالي 55-50 ألف سنة.

تم تصنيع هذه القطعة من خلال قطع شجرة واستخراج نسغها المتصلب، مما يوفر رؤى حول توقيت وطرق هجرة الإنسان العاقل عبر الجزر وتكيفهم مع البيئة الجديدة.

تشبه طريقة استخراج الراتنج تلك التي توصف في الروايات الإثنوغرافية عن شعب وايجيو، ولا يزال غير واضح الاستخدامات المحددة للراتنج، ولكنه يُحتمل أن يكون استُخدم لإشعال النيران، بناء القوارب، أو حمل الأدوات الحجرية.

ووفقاً للدكتور غافني، فإن الاكتشاف يظهر تطور العمليات التكنولوجية للأشخاص الذين انتقلوا إلى بيئات الغابات المطيرة حيث توجد أشجار الراتنج، وهذا يضيف إلى فهمنا المتنامي لقدرة البشر الأوائل على التكيف والمرونة في العصر البليستوسيني.

من المرجح أن الإنسان العاقل وصل إلى جزيرة وايجيو بواسطة مركبة مائية منذ نحو 50 ألف سنة، عندما كانت المسافة بين وايتاتا وساهول تتراوح بين 2.5 و6 كيلومترات.

استخدم الباحثون نماذج محاكاة حاسوبية لتيارات البحر في العصر البلستوسيني لتقدير المدة التي كان يستغرقها البحارة للوصول بين هذه الجزر، ووجدوا أن نسبة النجاح كانت مرتفعة للبحارة المهرة.

بالإضافة إلى قطعة الراتنج، تم العثور على قطع أثرية أخرى تقدم رؤى حول استراتيجيات التكيف والقدرات التي امتلكها البشر الأوائل، وتشير بقايا الحيوانات المتراكمة في الكهف إلى أن البشر كانوا صيادين ماهرين قادرين على استغلال الحيوانات في البيئات الاستوائية.

وعلى الرغم من ندرة القطع الأثرية الحجرية في كهف مولوكو بجزيرة وايجيو ، إلا أن هذه الاكتشافات تقدم رؤى مهمة حول السكن البشري على طول الطريق الشمالي إلى ساهول.

ويُحتمل أن يكون البشر الذين لديهم أصول مشتركة مع إنسان دينيسوفان اللذان قد هاجرا على طول هذا الطريق الشمالي، ستكون هناك حاجة لمزيد من الأبحاث للحصول على صورة أوضح لحركة وتوقيت هذه التجمعات البشرية.

ويعرف إنسان دينيسوفا أنه نوع أو مجموعة فرعية من البشر القدماء الذين عاشوا في منطقة آسيا، تم اكتشاف آثارهم لأول مرة في كهف دينيسوفا في جبال ألتاي في سيبيريا، روسيا، يعود تاريخ هذه الآثار إلى حوالي 50,000 إلى 300,000 سنة مضت.

يقول الدكتور جافني: "نحن نواصل أبحاثنا في جزر راجا أمبات في إندرونسيا، ورغم التحديات التي تواجهنا في بيئات الغابات المطيرة، إلا أن هناك إمكانات كبيرة لتحسين فهمنا للماضي البشري هنا بشكل كبير، وذلك نقلا عن موقع phys.org لأخبار العلوم والتكنولوجيا.