قال أحمد سلام المستشار الإعلامي السابق بالسفارة المصرية في بكين والخبير بالشأن الصيني،إن مشاركة مصر رفيعة المستوى في القمة الرابعة لمنتدى التعاون الصيني- الإفريقي (فوكاك) بالعاصمة الصينية بكين تُعد خطوة هامة وضرورية، إذ تمثل الدول المشاركة في القمة تجمعا للدول الإفريقية النامية، كما أن التبادلات بين مصر والدول أعضاء المنتدى تسهم بدورها في تعزيز تبادل الخبرات، وتطبيق مبدأ المنفعة المشتركة والمتبادلة بين مصر والصين والدول الإفريقية والاقتصادات النامية الأخرى، من خلال الخبرات الناجحة في تنمية الدول.
وأكد سلام ، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط ،أهمية المشاركة المصرية في القمة في عرض رؤية مصر بشأن مستقبل التعاون الصيني - الإفريقي في إطار المنتدى، وذلك من خلال مشاركة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بالجلسة الافتتاحية لمنتدى التعاون الصيني- الإفريقي، وعدد من الجلسات الأخرى رفيعة المستوى، بجانب حديثه أمام جلسة "التحول الصناعي وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء"، إلى جانب عقد رئيس الوزراء مجموعة هامة من اللقاءات مع عدد من المسئولين الصينيين والأفارقة، فضلًا عن عدد من اللقاءات مع مسئولي أبرز وأهم الشركات الصينية، ومن بينها شركات صينية كبرى عاملة في السوق المصرية.
وأشار إلى أنه من المتوقع أيضا أن تسفر المشاركة المصرية في القمة عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والعقود المتعلقة باستثمارات جديدة أو قائمة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فضلا عن عدد من الاتفاقيات المُهمة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
منتدى التعاون الصيني-الإفريقي
وتأتي مشاركة الوفد المصري رفيع المستوي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فعاليات القمة الرابعة لمنتدى التعاون الصيني- الإفريقي (فوكاك) والتي تنطلق غدا /الأربعاء/وتستمر على مدى ثلاثة أيام، بالعاصمة الصينية بكين، انطلاقاً من تركيز السياسة الخارجية المصرية في الوقت الحالي على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع مختلف دول العالم، وفي مقدمتها الصين، حيث بدأ رئيس الوزراء بمجرد وصوله إلى بكين جدول لقاءاته مع كبار المسئولين الصينيين واستهلها بلقاء تشاو له جي، رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
وكان رئيس مجلس الوزراء قد شارك في أكتوبر الماضي في منتدى الحزام والطريق الثالث للتعاون الدولي، وتم على هامش المنتدى توقيع أربع اتفاقيات جديدة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تضمنت توقيع خطاب نوايا بين وليد جمال الدين، وليو أيمين، رئيس مجلس إدارة شركة الصين أفريقيا تيدا للاستثمار، تتعلق بطلب توسعات جديدة لتنمية وتطوير مساحة أخرى من الأرض تبلغ 3 كم2 لإقامة منطقة صناعية إضافية بالمنطقة الصناعية بالسخنة، لتضاف إلى مساحة منطقة تيدا- مصر، والتي تبلغ 7.3 كم2 وتخطت إجمالي الاستثمارات بها حاجز الـ2 مليار دولار.
كما تم أيضا توقيع 3 اتفاقيات إطارية ثلاثية الأطراف، باستثمارات تصل إلى 755 مليون دولار فضلاً عن توقيع خطاب نوايا لتوسعات المطور الصناعي، وتتمثل هذه الاتفاقيات في اتفاقية إطارية لإنشاء مشروع لإنتاج مواسير حديد الدكتايل داخل تيدا – مصر، لإنتاج 250 ألف طن من أنابيب حديد الدكتايل ومنتجاته بشكل أساسي لتغطية احتياجات إمدادات وخطوط المياه ومياه الصرف وتحلية مياه البحر والتدفئة، باستثمارات تقدر بنحو 145 مليون دولار للمرحلة الأولى، كما يوفر 600 فرصة عمل ، إلى جانب اتفاقية إطارية لإقامة مشروع لإنتاج الزجاج المصقول بقدرة 800 طن يومياً، وخط إنتاج الزجاج المدلفن بقدرة 800 طن يومياً، حيث من المتوقع أن يتم إنتاج 243.200 طن من منتجات سلسلة الزجاج المصقول للبناء سنويًا و235.000 طن من منتجات السلسلة المدرفلة للوحدات الكهروضوئية سنويًا، باستثمارات 500 مليون دولار، توفر من 600 إلى 800 فرصة عمل.
وأشار سلام إلي أن هذه الاتفاقية الإطارية تهدف لإنشاء مشروع مجمع صناعي للبروم والمعالجة العميقة في مصر، باستخدام مياه البحر المركزة أو محلول ملحي من البحيرات المالحة من محطات تحلية مياه البحر المحلية كمواد خام، على أن يصل حجم الإنتاج السنوي إلى 140 ألف طن من منتجات البروم، بمساحة 270 ألف متر مربع، وباستثمارات 110 ملايين دولار، وتوفر 700 فرصة عمل.
وأكد أحمد سلام أن تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، يعد مؤشرا هاما للجهود التي يبذلها الجانبان لتفعيل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
ووفقا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد بلغ حجم التبادل التجاري المصري- الصيني 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022.
يذكر أن حجم الصادرات المصرية إلى الصين بلغ 909 ملايين دولار خلال 2023، مقابل 1.9 مليار دولار خلال عام 2022، بينما بلغ حجم الواردات المصرية من الصين 12.9 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 14.8 مليار دولار خلال عام 2022، كما تتمثل أهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى الصين خلال عام 2023، في الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها، بقيمة 414 مليون دولار، ومصنوعات الأحجار والأسمنت، بنحو 116 مليون دولار، والفواكه بنحو 78 مليون دولار، والآلات والأجهزة الكهربائية بقيمة 31 مليون دولار، فضلا عن النحاس ومصنوعاته بنحو 27 مليون دولار.
وعلى الجانب المقابل، فقد تمثلت أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من الصين خلال عام 2023، في الآلات والأجهزة الكهربائية بقيمة 4.3 مليار دولار، والحديد والصلب بقيمة 1.2 مليار دولار، وألياف النسيج الصناعية بنحو 1.1 مليار دولار، والمنتجات الكيماوية العضوية بقيمة 790 مليون دولار، واللدائن ومصنوعاتها بنحو 773 مليون دولار.
وقد بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في مصر 956.7 مليون دولار خلال العام المالي 2022/ 2023، مقابل 563.4 مليون دولار خلال العام المالي 2021/ 2022، بينما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في الصين 208.4 مليون دولار خلال العام المالي 2022/ 2023 مقابل 126.5 مليون دولار خلال العام المالي 2021/ 2022.
كما بلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالصين 19.5 مليون دولار خلال العام المالي 2022/ 2023، مقابل 13.2 مليون دولار خلال العام المالي 2021/ 2022، فيما بلغت قيمة تحويلات الصينيين العاملين في مصر 3.5 مليون دولار خلال 2022/ 2023، مقابل 4.1 مليون دولار خلال 2021/ 2022.
وفي تصريحات سابقة للمستشار الاقتصادي والتجاري الصيني بالقاهرة، قال إن الصين تعد أكثر الدول نشاطا في الاستثمار في مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ صافي الاستثمارات الصينية المباشرة 748 مليون دولار في العام المالي 2022 - 2023؛ ويوجد أكثر من 2500 شركة مسجلة في مصر برأس مال صيني، معظمها في مجالات التنقيب عن النفط والغاز والتصنيع والطاقة الجديدة والبناء وخدمات تكنولوجيا المعلومات والزراعة وغيرها من الصناعات.
كما القي الخبير بالشأن الصيني أحمد سلام الضوء علي المشروع العملاق، الخاص بمنطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر بالسويس (تيدا)، الذي اجتذب حوالي 180 شركة صينية وأجنبية، من بينها حوالي 60 شركة صينية لإقامة مشروعات فيها وأكثرها في مجال الصناعة باستثمارات فعلية تجاوزت 3 مليارات دولار، وتوفير ما يقرب من 10 آلاف فرصة عمل، وفي بداية عام 2024 تم التوقيع على 10 مشروعات جديدة، بما في ذلك "شين فنج" للحديد والصلب و"شين شينج" لأنابيب الحديد الزهر.
وأضاف أن مجال البنية التحتية، كان أحد أهم المجالات الذي نفذته الشركات الصينية في مشروعات متعددة من بينها منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة وقطار السكك الحديدية الخفيف في مدينة العاشر من رمضان، وجسر السكة الحديد الدوار لقناة السويس، ومحطة أبو قير، وتحديث شبكة الكهرباء الوطنية، ومنها محطة كوم أمبو للطاقة الكهروضوئية بقدرة 500 ميجاوات ومحطة طاقة الرياح بخليج السويس بقدرة 500 ميجاوات التي أقامتها الشركات الصينية وهي حاليًا أكبر المشروعات الفريدة من نوعها في مصر، فضلا عن ذلك ساعد المركز المصري لتجميع الأقمار الصناعية واختبار تكاملها بدعم الصين، في أن تصبح مصر أول دولة في إفريقيا تتمتع بقدرات اختبار تجميع وتكامل الأقمار الصناعية.
وشدد سلام، على أن التعاون بين الصين وإفريقيا أصبح من أكثر الحقائق وضوحا في العلاقات الدولية الراهنة، في ظل تنامي الثقة المتبادلة بين الجانبين، والتي تؤكدها الأرقام والمشاريع الصينية في الدول الإفريقية.
وأشار سلام الى أنه في الآونة الأخيرة برزت بعض الأصوات الإعلامية الغربية، ولاسيما في الإعلام الأمريكي، التي ترفض الاتهامات الغربية للصين، وتؤكد على أن ما تقوم به الصين من تعاون مع إفريقيا يصب في المصلحة المشتركة للصين ودول القارة،فقد أشارت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية في مقال لـ "دانيل روندي" في أغسطس 2024، إلى إن انخراط الصين مع بلدان الجنوب العالمي، وخاصة من خلال مبادرات مثل مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية؛ يؤكد طموحها في تقديم نفسها كمزوِّد للسلع العامة الدولية في مجالات مثل التخفيف من حدة الفقر والأمن الغذائي والرقمنة.
يذكر أن أكثر من 70 دولة كانت قد انضمت إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية، مع وجود أكثر من 100 دولة تدعم أهدافها؛ مما يساعد على إبراز دور الصين كقائدة في مجال التنمية. وأكد الكاتب أن هذا الالتزام يتناقض مع نمط الحمائية العالمية المزعوم من جانب الولايات المتحدة المتهمة بالفشل في تقديم الدعم الاقتصادي الكافي. مشيرا إلى أن الصين ليست مجرد منافس "للقوة الكبري العالمية" بل إنها أيضًا منافس "للقوة الناعمة". فالصين يمكنها الآن أن تبدأ في ملء أي فراغات تتركها الولايات المتحدة؛ وهو الأمر الذي لم يكن لديها القدرة أو القوة أو الاستعداد للقيام به قبل عقدين من الزمان".
كما أوضح أحمد سلام أن التعاون بين الصين والدول الأفريقية وعلي رأسهم مصر بدأ يحقق العديد من الفوائد والمكاسب المشتركة للجانبين، ومن الأهمية بمكان أن تعمل مصر، من خلال مشاركتها في قمة منتدى التعاون الصيني – الأفريقي ببكين، على الاستفادة القصوى من تعاونها مع الصين وأفريقيا، بما يؤدي إلى تعزيز محاولاتها المستمرة للنهوض وتفعيل مكانتها الاقتصادية في أفريقيا والعالم خاصة في ضوء انضمام مصر لمجموعة البريكس يناير الماضي.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد قام بزيارة دولة إلى الصين في مايو 2024، حيث شارك كضيف شرف في الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الصيني، وظهر جليا وقتها التفاهمات المشتركة بين الرئيس الصيني ونظيره الصيني شي جين بينج للتوافق على مشروعات وبرامج تعاون بما يُسهم في تعزيز الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين ويعود بالنفع على شعبيهما الصديقين.
وخلال زيارته الحالية للصين ،أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ،حرص مصر على أهمية تعزيز التعاون والتبادل البرلماني بين البلدين الصديقين بشكل منتظم باعتبارها أحد أهم ركائز العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، موضحا أن مصر تنظر إلى الصين بوصفها مثالًا يُحتذى به في مجال البناء والنهضة العمرانية، وأن بكين تُعد شريكًا استراتيجيًا لمصر في مواجهة الأزمات الدولية الراهنة.
كما أكد دعم الحكومة المصرية للشركات الصينية العاملة في مصر، حيث يحرص على زيارة مشروعاتها بمصر، ومتابعة سير العمل بها وتذليل العقبات أمامها في رسالة واضحة لدعم مصر لتلك المشروعات ،لافتا إلى أنه تم إنشاء وحدة الصين بمجلس الوزراء تحت رئاسة المهندسة راندة المنشاوي مساعد أول رئيس الوزراء، مع إشراف مباشر من رئيس الوزراء، لمتابعة مختلف المشروعات الصينية، وهو ما يؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة المصرية لتعزيز التعاون الاستثماري والتجاري مع الصين.