تعد جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع الأديب الفرنسي.. «فردريك ميسترال»
ولد الأديب والشاعر والمسرحي والمعجمي الفرنسي فردريك ميسترال في 8 سبتمبر 1830م، وأنهى دراسة الحقوق في جامعة مدينة إيكس «Aix-en-Provence»، عاصمة بروڤانس القديمة، في الجنوب الشرقي من فرنسا بالقرب من مدينة مرسيليا، ولكن «ميسترال» لم يشتغل بدراسته الأكاديمية في الحقوق، فقد اتجه في رحلته بالحياة إلى كتابة الشعر حتى أصبح أهم شعراء مدينة «بروڤانس».
وقدم «ميسترال» العديد من الكتابات شعرًا ونثرا في لغة مدينة المحلية والخاصة «بروڤانس»، ومن إبداعاته قصيدة «Mireio» والتي تعني الحصاد في عام 1859م، وأعدت هذه القصيدة بعد ذلك لتقدم في عمل فني كـ«أوبرا»
إحياء اللغة الأوكسيتانية
ونشر الشاعر والأديب الفرنسي «ميسترال» العديد من دواوين الشعر وأنتج قاموسًا، كما قام بترجمة لـ «سِفْرُ التَّكْوِينِ»، والذي يعد هو أول أسفار التوراة من أسفار النبي «موسى» عليه السلام الخمسة.
قاد «ميسترال» عملية إحياء اللغة الأوكسيتانية وهي «لغة أهل بروڤانس، لغويًا وأدبيًا في القرن التاسع عشر، وكان «ميسترال» شخصية مهمة في حركة «فليبريج Le félibrige» التي هدفت إلى إحياء ثقافة مدينة «بروڤانس».
واللغة البروفنسالية هي لهجة من الأوكسيتانية تتحدث بها أقلية من الناس في جنوب فرنسا وغالبيتهم في «بروفانس»، في العالم الناطق بالإنجليزية، ووصف «البروفنسالية» يستخدم إشارة إلى كامل اللهجات الأوكسيتانية، ولكنها في بعض آراء النقاد والباحثين أنها تشير تحديدًا إلى اللهجة المستخدمة في «بروفانس».
مؤلفات «ميسترال»
ألف «ميسترال» الملحمة الشعبية «ميرايو» بلغة «بروڤانس»، والتي أعدت وأصبحت من روائع الأدب العالمي، وبعد عامين من نشر هذه الملحمة نال «ميسترال» جائزة الأكاديمية الفرنسية في عام 1867م، ونشر قصيدة ك«كالندو» وألف كتاب «جزيرة الذهب» والذي يضم مجموعة من القصائد والقصص.
نوبل لـميسترال .. لماذا؟
نال «ميسترال» جائزة نوبل للآداب في عام 1904م، بالتقاسم مع الأديب الإسباني «خوسيه إتشيغاراي»، في العام الرابع للجائزة بعد انطلاقها، وكانت جائزة «ميسترال» تقديرا للأصالة الجديدة والإلهام الحقيقي للإنتاج الشعري الذي قدمه من إنتاجه الأدبي، والتي تعكس المشهد الطبيعي، وواقعية عن مدينته، والروح الوطنية لشعبه، بصدقه وأصالة فنية، إضافة إلى عمل هذا الأديب المنتمي لمحليته حيث كان يقوم بعمل المتحدث البروفنسي».
وجاء في بيان اللجنة التي اختارت «ميسترال» لنوبل أن الجائزة «بسبب عفويته المنعشة، قريظه الرائع والفني الذي يعكس، بأمانة تامة، المناظر والحياة القروية في موطنه وأيضا بسبب نشاطه كباحث للغة بروڤانس»
جوائز وتكريمات
إضافة لجائزة «نوبل» في الآداب نال الفرنسي «فردريك ميسترال» العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى منها: وسام جوقة الشرف من رتبة قائد في عام 1909م، نيشان جوقة الشرف من رتبة ضابط في عام 1895، ووسام جوقة الشرف من رتبة فارس 1863م، ورحل «ميسترال» عن عالمنا في 25 مارس 1914م عن عمر يناهز 83 سنة.