الأحد 8 سبتمبر 2024

من نوفمبر إلى سبتمبر.. الاحتلال تعمد عرقلة جميع محادثات وقف إطلاق النار

العدوان على غزة

تحقيقات8-9-2024 | 16:21

محمود غانم

مع دخول ليلة الـ 30 نوفمبر الماضي، كثفت مصر وقطر اتصالاتهما من أجل تمديد الهدنة القائمة في قطاع غزة، إلا أن تلك المساع قوبلت بتعنت إسرائيلي بحت، إذ اختارت مواصلة حربها على القطاع، دون القبول بأي عرض مقدم لاستكمال مسار التهدئة حتى ولو ليوم إضافي.

وفي صباح الـ1 ديسمبر الماضي عاود جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غاراته على قطاع غزة، بعد هدنة دامت سبعة أيام، وعلى الرغم من ذلك واصلت مصر وقطر بذل جهودًا حثيثة في سبيل تقريب وجهات النظر بين حركة حماس وإسرائيل.

وفي هذا الإطار، قدمت مصر في ذات الشهر مقترحًا لهدنة بين حماس وإسرائيل في محاولة منها لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف المعنية، سعيًا وراء حقن الدماء الفلسطينية، ووقف العدوان على قطاع غزة، وإعادة السلام والاستقرار للمنطقة، وتمت صياغة هذا الإطار بعد استماع مصر لوجهات نظر كل الأطراف المعنية بهذا الشأن.

ومرارًا، استضافت مصر وقطر بدعم أمريكي مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، لم تسفر عن نتائج تذكر، جراء عدم تجاوب تل أبيب مع مطالب الأولى، التي تتمسك بتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار.

وفي محطة لافتة من تلك المحادثات، فإن حركة حماس قبلت بالمقترح الذي صاغته "تل أبيب" بشأن وقف إطلاق النار في الـ6 مايو الماضي، في حين أكد مجلس الحرب الإسرائيلي مواصلة العمل العسكري في القطاع.

المشهد المُشار إليه يؤكد أن من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لابد أن تتوافر رغبة سياسية إسرائيلية صادقة لوقف الحرب على القطاع أولًا، ومع ذلك، فإن مصر من جهتها واصلت جهودها المكثفة مع مختلف الأطراف لاحتواء الوضع الراهن.

ومع تلك الجهود، وافق جميع أعضاء مجلس الحربي الإسرائيلي في الـ27 من مايو الماضي على مقترح لإعادة المحتجزين، لكن نتنياهو رفض عرض المقترح على المجلس الوزاري الموسع، وفق تصريحات لـ جادي آيزنكوت الوزير المستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي، مفسرًا ذلك  بأن هناك اثنين من شركائه "يمسكانه من رقبته"، بإشارة إلى الوزيرين إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين رفضا الصفقة وطالبا بالاستيطان في غزة.

المقترح الأمريكي

من المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت لإسرائيل دعم لامحدود في حربها المتواصلة على غزة، إلا أنها من جهة أخرى دفعت بقوة في أحيان كثيرة اتجاه إطار التهدئة بجهود مشتركة مع مصر وقطر، وهو ما قابلته إسرائيل بعدم اكتراث ما سبب لها الحرج مرارًا.

وفي خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن في الـ31 مايو الماضي، عرض مقترحًا يتكون من ثلاث مراحل من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وبالتأكيد إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين، وفي حين عكفت حركة حماس على دراسة ذلك المقترح، قابلته إسرائيل بعدم الإكتراث.

ودون الخوض في تفاصيل، فإن حركة حماس قبلت بما عرضه الوسطاء في الـ2 يوليو الماضي بناءً على مقترح بايدن، وهو ما يضمن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى محاذاة الحدود، وفي المقابل تمسكت إسرائيل ممثلة في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمواصلة حربها على القطاع، والبقاء في محوري نتساريم وفيلادلفيا، ما يعد نسف لمسار المفاوضات بالكامل.

وفي ذلك الوقت، ومع حديث الوسطاء عن أن المؤشرات أكثر إيجابية للوصول إلى تهدئة في القطاع، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة المواصي في الـ13 من يوليو الماضي، والتي أسفرت عن سقوط 400  فلسطيني بين شهيد وجريح، رغم تصنيفها على أنها ضمن "المناطق الآمنة"، وبتبعية فقد أضر ذلك بالمحادثات.

وقد أجمع مراقبون آنذاك على أن جيش الاحتلال ارتكب تلك المجزرة البشعة في هذه الأثناء، لإفشال مسار المفاوضات القائم مع حركة حماس، ما يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي الدافع لإطالة أمد الحرب لأكبر وقت ممكن، لأن انتهاء الحرب يعني السطر الأخير في حياته السياسية.

مفاوضات الفرصة الأخيرة

جاءت مفاوضات الفرصة الأخيرة التي انعقدت منتصف الشر الماضي في فترة حالة السواد، جراء اغتيال إسرائيل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، مما أضفى الكثير من الغموض حول نتائج تلك المحادثات، التي لاتزال متعثرة حتى الآن.

وقد قررت حماس عدم الإنخراط في ذلك المسار من المفاوضات،  مطالبة الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2 يوليو، استنادًا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلًا من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيدًا من الوقت.

وفي خضم المحادثات، جدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي تمسكه بمجموعة الشروط التي ترفضها حركة حماس، ولم يقبل بها الوسطاء، واعتبرها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، في وقت سابق، أنها ستعرقل التوصل إلى الصفقة.

وأكد نتنياهو على أن إسرائيل لن تغادر محوري فيلادلفيا ونتساريم بغض النظر عن الضغوط التي قد تتعرض لها، فهذه أصول عسكرية وسياسية استراتيجية، ما يمثل انقلاب عما جرى التوافق عليه مع الوسطاء، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي الـ2 سبتمبر الماضي، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي  لا يفعل ما يكفي من أجل التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة حماس، رغم أنها زعمت مرارًا أن الأخيرة هي من تقف كحجرة عثرة في الطريق التفاوضي. 

وفي هذه الأثناء، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقديم مقترح جديد تتم صياغته في الوقت الراهن يتضمن كل النقاط الخلافية وعلى رأسها محور فيلادلفيا الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وفق ما أوردته هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر.