مر خمسة وستون عامًا على رحيل الفنانة عزيزة أمير أم السينما، نعم فالسينما في مصر ولدت على يديها وكانت أول ممثلة وكاتبة ومخرجة أفلام روائية في تاريخ السينما العربية.
بدأت رائدة السينما عزيزة أمير رحلتها مع الفن بالعمل مع فرقة رمسيس المسرحية وهي فرقة يوسف وهبي عام 1925وقضت بها قرابة العام ثم انتقلت للعمل بفرقة عكاشة ثم فرقة نجيب الريحاني، وبعد ذلك تزوجت من الثري أحمد الرشيدي الذي اقترح عليها أن تترك العمل بالمسارح وتتفرغ لحياتها الزوجية، وقد وقف أمام عائلته الرافضة لزواجه من سيدة تعمل بالفن ، وقد وافقت عزيزة أمير على رغبة زوجها وعاشت في فيلا أنيقة، وفر فيها الرشيدي كل ما تحتاجه زوجته من وسائل الراحة والسعادة، واشترى لها آلة عرض سينمائية ترى من خلالها بعض الأفلام الأوربية وقت فراغها، وطلبت منه شراء ماكينة تصوير سينمائية لتسجل عليها بعض المقاطع من تمثيلها.
لم يتأخر الرشيدي عن زوجته ولبى لها طلبها، فبدأت في تسجيل بعض المواقف الأسرية ونجحت في تمثيل بعض المشاهد وصورتها بماكينة التصوير، وهنا طرأت على ذهنها فكرة عمل فيلم سينمائي أسوة بالغرب.
أشركت زوجها في الفكرة التي رحب بها، فبدأت عزيزة أمير البحث عن أي شخص ملم بالتصوير أو الإخراج السينمائي، فدلها بعض الأصدقاء على رجل تركي وهو وداد عرفي متداخل في الأوساط الفنية ويدعي خبرته ودراسته لفنون السينما ، وبالفعل أعدت عزيزة أمير قصة وسيناريو أول فيلم روائي في تاريخ السينما وهو فيلم "ليلي" .
طلبت «عزيزة» من وداد عرفي أن يخرج لها الفيلم ليكون لها السبق وأن تولد السينما العربية على يديها، وبالفعل بدأ وداد عرفي تصوير الفيلم وكانت هي بطلته، وبعد الانتهاء منه وجدت عزيزة أمير الفيلم عبارة عن مشاهد هزيلة غير مترابطة ولا يرقى للعرض، فنحت وداد عرفي جانبًا واستعانت بفتى جديد في عالم السينما وهو استيفان روستي الذي درس الإخراج وفنون السينما عند جولته بالخارج، وقامت هي واستيفان روستي بإخراج فيلم ليلى عام 1927 ليكون أول فيلم روائي في تاريخ السينما، واشترك بالتمثيل معها استيفان روستي وأحمد جلال وحسين فوزي وزوجها أحمد الشريعي وبمبة كشر وآسيا داغر وعرض الفيلم في 16نوفمبر من نفس العام.
أنشأت عزيزة أمير أول شركة سينمائية وهي شركة إيزيس لتنتج بعد ذلك فيلم "بنت النيل" عام 1929 ثم فيلم "كفري عن خطيئتك" من بطولتها مع فتى الشاشة آنذاك زكي رستم عام 1933
ولم يقتصر عمل عزيزة أمير فقط على التمثيل ولكنها كانت تخرج أعمالها الأولى بنفسها مع كتابة السيناريو والقيام بأعمال المونتاج أيضًا، وتصوير معظم الأفلام في فيلتها وفي الشوارع المحيطة بها ولم يدخر الشريعي جهدًا في مساعدتها ولم يبخل عنها بماله في سبيل إسعادها نحو ولعها بعالم السينما، وساعدت كثيرًا من نجوم المسرح والموهوبين في التمثيل بإتاحة الفرصة لهم بأدوار في أفلامها وكانت الانطلاقة لهم ليصبحوا بعد ذلك نجومًا في عالم السينما مثل شادية وصباح وأنور وجدي ومحسن سرحان وشكري سرحان والمطرب محمد سلمان وصلاح ذو الفقار ويحيى شاهين ومحمود المليجي وشهر زاد واسماعيل ياسين وسامية جمال وتحية كاريوكا ومديحة يسري وسميرة أحمد وغيرهم.
بلغ إجمالي أفلام عزيزة أمير 20 فيلمًا أشهرها "بائعة التفاح والورشة وابن البلد" مع محمود ذو الفقار الذي تزوجته بعد انفصالها عن الرشيدي وكونا ثنائيًا فنيًا.