بقلم – أكرم السعدنى
ذهبت إلى الغالية العزيزة نادية لطفى، حيث تعالج فى أحد المستشفيات الخاصة بالقوات المسلحة، وتلقى هناك الرعاية الفائقة- ولله الحمد -وجدت روح نادية لطفى كما عهدتها دائمًا
متفائلة بأن المستقبل يحمل دائمًا الخير، وأن الآتى أفضل ألف مرة من الماضى، وحاولت أن أترك نادية لطفى مبكرًا حتى لا أثقل عليها ولكنها أصرت على أن نجلس معًا لأطول فترة ممكنة.. ومن حسن حظى أننى عرفت هذه الإنسانة الرائعة منذ زمان بعيد فى منزل الصديق الأجمل سمير خفاجى.. وأحببت نادية الممثلة لدرجة الجنون.. ولكن حصل لى جنون أشد بنادية لطفى الإنسانة فأنت إذا كتب لك أن تقترب منها فإن مجالًا مغناطيسيًا سوف يجذبك ويدهشك، وستجد النداهة تأخذك إلى حيث شخص يندر أن يجود الزمان بمثيل له.
فى البداية اكتشفت أن الأمور بين نادية لطفى والسعدنى الأكبر رحمه الله لم تكن على ما يرام، وعندما سألتها السبب قالت: أصل أبوك فاكر أن الستات كلها لازم تبقى شبه أمه.. ستك يعنى.. وطبعًا تلاقيها كان شعرها أكرت وفيه حاجات وكده.. لما شاف واحدة ملونة وبتمثل المصريين فى الشاشة.. قالك دى مين؟!
وتضحك نادية لطفى من أعماقها.. ولأول مرة أضحك من قلبى وأنا أسمع نقدًا للولد الشقى ولكن هذا النقد من عاشق ومحب.. وتقول نادية إن اللون والشكل شئ والإحساس وأنك تنتمى لوطن شئ تانى خالص.. بس برضو أبوك مش شايف غير نموذج ستك.. قلت لها السعدنى كان عاشقًا للحارة المصرية وناسها وأهلها وهو عندما فتح الله عليه سكن فى أقرب مكان إلى الحارة التى تربى فيها.. قالت.. أنا أحببت كتابات السعدنى وعشقتها على الرغم من خلافى معه وكان عمك صلاح ومعه عادل إمام من أصحابى الذين اقتربوا منى وأحببتهم.. كانوا أحيانًا يزوروننى ولا يجدوننى فى البيت ويظلون فى الشارع ينادون بأعلى صوت يا بولا يا محمد يا شفيق افتحى أحسن لك وكنت أعرف من الجيران أنهم عملوا فضايح، كانوا من أخف الناس دمًا.
وأجد نادية لطفى تقلب فى قنوات التليفزيون وأسألها.. بتتابعى إيه فى رمضان قالت.. فى رمضان كنت مبهورة بما قدمت يسرا.. سألتها لماذا.. أجابت.. يسرا تجهد نفسها وتجدد فى اختياراتها هى فنانة ذكية وقادرة على الاستمرار بشكل مبهر وقلت لنادية لطفى.. هل توقفت مصر على النجوم القدامى نحن لم نر مواهب جديدة منذ زمن بعيد.. رفعت يدها معترضة وقالت: لأ.. مصر قادرة دايما أنها تطلع أجيال أنا شاهدت بنتًا صغيرة فى العمر جعلتنى أفتح فمى أمام الأداء العبقرى وأتسمر أمامها.. بنت قدرت تخلينى أنظر إليها مرتين بدهشة مش طبيعية.. قلت لها من هذه البنت.. قالت حفيدة محمد عوض.. بنت فى منتهى الخطورة.. أتمنى أن أباها يعمل عليها كنترول لأنها موهبة فظيعة.. وعاوزة حد يديرها بذكاء حتى لا تحترق مبكرا.. قلت لها: وجود هذه البنت لا يعنى أن هناك جيلا سوف يشع كما حدث معكم قالت.. فى بنت تانية بس أكبر.. اسمها نجلاء بدر اللى عملت دور الزوجة الخاينة.. البنت دى بتمثل بره الصندوق.. الأداء الخارج عن المألوف متمكنة بدون تصنع.. فى الحقيقة.. أنا انبهرت بالدور اللى قدمته.. وهنا كان على شخصى الضعيف أن يعترض وقلت لها: عاوز أخالفك الرأى فى خصوص هذه الممثلة فهى منتشرة بشكل غير طبيعى فى البرامج وتشتت جهودها فى مجالات مختلفة.. ويمكن ينطبق عليها المثل القائل صاحب بالين؟! قالت: ما تقول زى ما انت عاوز أنا المهم عندى أقول رأيى ومش أنت ح تعملى زى أبوك هى عشان الست حلوة مش شبه ستك الكارته.. الله يرحمها وتستغرق نادية لطفى فى نوبة ضحك ويرن جرس الموبايل بالمناسبة كول تون نادية لطفى الجدع.. جدع.. والجبان.. جبان. بينا يا جدع ننزل الميدان.. . كلمات العبقرى أحمد فؤاد نجم
وجدت نادية لطفى بعد مرور دقيقة واحدة من المكالمة تكاد تنفجر من الضحك بل إنها نوبة ضحك متواصل لا تنتهى وكادت أنفاسها تضيع.. طلبت منها أن تأخذ راحة من الضحك.. وقلت لها: من هذا الشخص الذى كاد يقتلك ضحكا.. ً وسلمتنى الموبايل فإذا بالفنان الجميل سمير صبرى يقلد صوت زكى رستم وهو يقول لفاتن حمامة: يا آآآمااال.
وأعاد سمير صبرى الحوار على مسامعى، وكأننى أستمع إلى زكى رستم بنبرات صوته شديد التميز.. واكتشفت أهمية السؤال عن المريض، خصوصًا عندما يكون صاحب حس مرهف وفنان كبير.. لقد منحت مكالمة سمير صبرى للفنانة الكبيرة دفعة من السعادة لا يمكن لأى دواء أن يقدمه لها وبالتأكيد عشاق نادية لا يمكن حصرهم، الذين اتصلوا بها بعدد حبات الرمال.. وكانت هناك مكالمات شعرت معها نادية لطفى أن الدولة ممثلة بكبارها يضعون نادية لطفى فى مكانة تستحقها بعد رحلة عطاء لا مثيل لها فى عالم الفن وأن أقل ما يمكن أن نقدمه فى مقابل هذا العطاء النبيل.. هو وضع كل إمكانيات الدولة برعاية هذه الفنانة التى هى إحدى فلتات الزمن الجميل.. يا ست نادية.. أو كما يحلو لعادل إمام وصلاح السعدنى أن ينادوكى.. يا بوله يا محمد يا شفيق ربنا يسعد أيامك ويجعل كل لحظاتك زى ما أسعدتينا على مدار رحلة العطاء الجميل.