الثلاثاء 28 مايو 2024

«أدب الطفل» بين إهمال الأسرة ودور المؤسسات

19-1-2017 | 14:57

 

الطفل هو النواة الأولى في المجتمع، والركيزة الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات، التي تحرص على تحقيق بنية متقدمة ومتطورة؛ فالطفل هو حاضر أي أمة وغدها ومستقبلها، ولكن هل تقوم المؤسسات الرسمية المختصة "بأدب الطفل" بدورها الحقيقي في تحقيق تلك الأهداف، بحيث يصل صوتها لكل طفل في مصر؟ وهل تلقى هذه المؤسسات الدعم الكافي من الدولة للقيام بهذا الدور؟، وللإجابة على هذه الأسئلة وتوضيح الرؤية في هذا الموضوع، يقول الشاعر الكبير «أحمد سويلم»، رئيس شعبة أدب الأطفال باتحاد كتاب مصر:

هناك نوعان من المؤسسات التي تتعامل مع الطفل، مؤسسات رسمية تدعمها الدولة مثل: المركز القومي لثقافة الطفل، وقصور الأطفال التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى جانب إدارات أدب الأطفال في هيئات النشر الحكومية، ووزارة التربية والتعليم، أما المؤسسات غير الرسمية، وهي الأهم وتتمثل في الأسرة بالدرجة الأولى، لأنها تلعب دورًا كبيرًا في تأسيس هذا الكيان الصغير، قبل أن تدفعه إلى المدرسة وأيضًا المؤسسات الأهلية، التي تتمثل في أنشطة الأطفال، مثل اتحاد الكتاب، الجمعيات الأدبية وغيرها، وربما تنبيء هذه الصورة عن تشتت الجهد بين المجموعتين، الرسمية، الأهلية، مما يحدث خللًا وقصورًا في الاهتمام بتربية الطفل، وينعكس، كما نرى، في كثير من السلبيات، التي نلمسها في سلوكيات أطفالنا وثقافتهم الضحلة، وحتى استيعاب مناهج الدراسة.

وأضاف «سويلم»: “الأمر يتطلب أن تتوحد الجهات الرسمية، على الأقل، في البداية، في هيئة واحدة، لها أهدافها الواضحة، وهي: التربية الثقافية والفنية للطفل في المرحلة، التي تتصل بهذه التربية، ونلاحظ أيضًا أن مؤسسة الأسرة، لم تعد تقوم بدورها الكامل في تنشئة الطفل، لغياب التواصل بين الوالدين والأطفال، والاعتماد على دور الحضانة في هذه المرحلة الحساسة والمهمة، التي يجب أن تعتمد أساسًا على الوالدين، وما يقدمانه لأطفال الأسرة من تربية حقيقية، تعتمد على تعليم السلوك الجيد، القراءة والحكي، مما ينمي خيال الطفل، ويجعله مقبلا على مرحلة المدرسة، بعقل واعٍ متيقظ.

  • في الرأي كاتب الأطفال الكبير ورائد أدب الطفل في مصر الأستاذ «يعقوب الشاروني»، الذي يرى أنه لكي تقوم مؤسسات أدب الطفل بدورها الحقيقى، سواء كانت مؤسسات حكومية أو خاصة مثل دور النشر الخاصة، لابد أن يكون هناك رأي عام، وعلى وجه خاص، داخل كل أسرة، يتفهم دور وأهمية الكتاب ومجلة الطفل فى حياة الأطفال؛ وكثيرًا ما أؤكد أن أهم أثر تركه ما كان يسمى «مهرجان القراءة للجميع»، هو تنبيه الرأى العام إلى أهمية الكتاب فى حياة الأطفال، وتنبيه الكبار داخل كل عائلة أن يوفروا الكُتب المناسبة لأعمار أطفالهم، وأن يقرأوا لهم ومعهم، ويستمعوا لهم وهم يقرأون، ويصطحبوهم إلى معارض الكُتب وإلى مكتبات الأطفال العامة، ويشجعوهم على أن يعتادوا الذهاب إليها.

 

ويختتم لنا الرؤية في هذا الموضوع الكاتب «أحمد طوسون» كاتب الأطفال، وعضو لجنة ثقافة الطفل، بالمجلس الأعلى للثقافة، والذي قال: ثقافة الطفل واحدة من أهم الصناعات الثقيلة، لأنها ثقافة تتعلق بالمستقبل، لكن للأسف تفتقد مؤسساتنا في الوقت الحالي الكفاءات الإدارية والإبداعية، التي تمتلك رؤية مختلفة تضيف الجديد في هذا المجال، يكاد العمل يسير في كل القطاعات المهتمة بثقافة الطفل بشكل روتيني، بالإضافة إلى افتقاد دعم واهتمام الدولة بثقافة الطفل، سبق أن طالبت بمجلس أعلى خاص بثقافة الطفل ينسق بين الوزارات والجهات المعنية ويكون تابعا لرئاسة الجمهورية، لتكون قراراته ملزمة لكافة الوزارات، فثقافة الطفل ليست مسئولية وزارة الثقافة وهيئاتها فقط، بل بالتلازم مع وزارات التربية والتعليم، ووزارة البحث العلمي والشباب والرياضة.. إلخ، بالإضافة إلى ضرورة وجود دعم كامل من الجهات الإعلامية العامة والخاصة.

ويفسر «طوسون»، لأننا إذا افتقدنا الدعم الإعلامي في إطار استراتيجية واضحة، سيظل الأثر محدود في الوصول للمستهدفين من الخدمة الموجهة لثقافة الطفل، وللأسف يتعامل الكثيرون في مواقع المسئولية بمنطق الموظف الذي يؤدي عملا، بينما تحتاج ثقافة الطفل من الدولة ومؤسسات العمل الأهلي دعمًا أكبر وأفكارًا غير تقليدية، لحل مشكلات عميقة في مجتمعنا كظاهرة أطفال الشوارع، ومعالجة تفشي ظاهرة العنف في المدارس، وضرورة تربية أبنائنا على ذائقة علمية وجمالية وأخلاقية ورياضية تعينهم على صناعة مستقبل أفضل لوطننا.

ويختتم «طوسون»، هذا بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالوسيط، الذي يتعامل مع الأطفال وتدريبه بأحدث الطرق التربوية للتعامل مع الطفل، والاهتمام بالكتاب والفنانين المختصين في ثقافة الطفل، بتخصيص الجوائز وإرسال البعثات للخارج للاستفادة من التجارب الغربية في هذا المجال.. أعتقد أن ثقافة الطفل تحتاج اهتماما أكبر من القيادة السياسية، باعتبارها ترسم خريطة المستقبل الذي ننشده.