استعرضت صحيفة الجارديان البريطانية اليوم الثلاثاء معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية حيث تفاقم الوضع المتدهور بالفعل بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أكتوبر الماضي.

وأوضحت الصحيفة في تقرير إخباري إن السكان في مدينة جنين المحتلة بالضفة الغربية، يكافحون للعودة إلى الحياة الطبيعية دون رؤية مستقبل إيجابي بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة يوم الجمعة الماضية بعدما شنت أطول عملية عسكرية وأكثرها دموية منذ 20 عاما وببعض المقاييس هو الأكبر في المنطقة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2005.

وأشارت الصحيفة إلى أن المدينة عادت ببطء إلى الحياة بعد غارات مروعة استمرت عشرة أيام لكن في بعض الأماكن، لا تزال مياه الصرف الصحي تتدفق عبر الشوارع التي حفرتها الجرافات العسكرية كما أظهرت العديد من المباني المحترقة علامات قتال عنيف، والآن أصبحت الطوابق العليا مليئة بثقوب الرصاص والنوافذ المكسورة بينما تضررت البنية التحتية للمياه والكهرباء بشدة، وليس من الواضح متى سيتم استعادة هذه الخدمات.

ونقلت الصحيفة عن مواطن فلسطيني قوله والذي افتتح متجره لبيع ملابس الأطفال لأول مرة منذ عشرة أيام بعد مغادرة الإسرائيليين إن الدمار الذي لحق بأجزاء كبيرة من المدينة لم يسبق له مثيل.

وذكر في إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي كانت جنين خلالها في قلب أعمال العنف أنه: "حتى في الانتفاضة الثانية لم يكن الأمر كذلك، لم يدمروا الطرق والشوارع ولم يتنقلوا من منزل إلى منزل".

وأضاف "أن شباب المدينة يقاتلون الاحتلال، نعم، لأنهم لا يستطيعون العثور على عمل ولا يرون مستقبلا لكننا لم نبدأ هذا، لقد فرض الإسرائيليون هذا علينا".

وتابعت الصحيفة أنه في الساعات الأولى من يوم 28 أغسطس الماضي، نزل مئات من جنود الجيش الإسرائيلي ورجال الشرطة والمخابرات على جنين وطولكرم ونابلس وطوباس وقلقيلية في شمال الضفة الغربية لاستهداف جماعات مسلحة.

ونوهت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي كان يستهدف الجماعات المسلحة في هذه المناطق منذ ربيع عام 2022، بعد سلسلة من الهجمات على الإسرائيليين كما تأججت أعمال العنف في الضفة الغربية بسبب تصرفات المستوطنين اليمينيين المتطرفين وأنصارهم في الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة أنه حتى الآن، ركزت المداهمات بشكل أساسي على مخيمات اللاجئين الحضرية، بما في ذلك مخيم في جنين، الذي بُني لإيواء الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم في عام 1948. واليوم تشبه المخيمات الأحياء الفقيرة المبنية بكثافة والتي تفتقر إلى الخدمات حيث ينتشر الفقر.

وتابعت الصحيفة أنه وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، قُتل 36 شخصًا خلال الغارات في الضفة الغربية، بما في ذلك 21 في جنين، دون التمييز بين القتلى من المسلحين والمدنيين بينما قالت الوزارة إن ثمانية أطفال واثنين من كبار السن كانوا من بين القتلى كما قال نضال أبو صالح، رئيس بلدية جنين، إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية قدرت بنحو 13 مليون دولار.

ولفتت الصحيفة إلى أن سكان المدينة والمخيم وصفوا الظروف المروعة أثناء الغارة، حيث حوصر حوالي 20 ألف شخص في منازلهم بدون ماء أو كهرباء وقليل من الطعام كما أوقف الجنود سيارات الإسعاف التي كانت تجلي الجرحى بحثًا عن المسلحين.

وتأمل الصحيفة في ختام تقريرها أن يساعد وقف إطلاق النار في غزة كثيرا في تهدئة التوترات في الضفة الغربية، ولكن على الرغم من الجهود المتجددة التي يبذلها الوسطاء الدوليون، لا يبدو أن التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الأفق.