الأربعاء 11 سبتمبر 2024

سيد.. درويش الطرب

سيد درويش

ثقافة10-9-2024 | 13:39

فاطمة الزهراء حمدي

لحن شجي، وصوت عذب، دخل قلوب محبيه بمصر والعالم العربي، كانت ألحانة قريبة للناس، فكانت أحاسيسه تطغى على ألحانه وصوته، فبمجرد أن تستمع للحنه "زروني كل سنة مرة، يتولد بداخلك الشعور بالحنين والحب، ناهيك عن "قوم يا مصري"، فتندفعك بأوردتك العزيمة ويزداد حب الوطن بقلبك، كان بالنسبة للبعض أن هدف الموسيقى الطرب فقط، ولكنه جاء بأحاسيسيه واهتمامه جعل منها مهنة أكبر وأهم، فقد استخدمها في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي، وتقديرًا له لقب بـ "فنان الشعب"، و"خادم الموسيقى"، إنه "سيد درويش" سيد لحن لأصوات المطربين ولأصوات الشعب كما قال عنه الموسيقار محمد عبدالوهاب.

وُلد سيد درويش في 17 مارس عام 1892 بالإسكندرية، كان ينتمي لأسرة متوسطة الحال، التحق وهو في الخامسة من عمره بأحد الكتاتيب ليتلقى العلم ويحفظ القرآن، توفى والده وهو في السابعة من عمره، وقامت والدته بإلحاقه بأحد المدارس، وهنا بدأت تظهر موهبته الفنية من خلال مدرسته وحصة الموسيقى.

كانت الصدفة بمثابة عامل حظ في حياة درويش، في ذات يوم أثناء عمله كعامل بناء، كان يغني بصوته الشجي وأثار إعجاب من حوله، ومن حسن حظه أن يتواجد ويسمعونه الأخوين أمين وسليم عطا الله وهما من أشهر العاملين بالفن فى ذلك الوقت، وقررا أن يصحباه برفقتهم فى رحلتهم الفنية إلى الشام عام 1908.

تعرف هناك على الشاعر الملا عثمان الموصلي، وأعجب بموهبته الفريدة، وقرر أن يرعاه فنيًا، حفظه التواشيح وأفاده وعلمه الكثير، واستمر درويش أن يتنقل من عمل إلى الأخر، حتى تعاقد مع الأخوين أمين وسليم عطا الله وأصبح فردًا من فرقتهم الموسيقية.

كان لسفر درويش إلى الشام هي نقطة انطلاقه حيث أتقن أصول العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية، وكانت أول ألحانه التى قام بتأليفها "يا فؤادي ليه بتعشق".

سطعت نجومية درويش عند انتقاله إلى القاهرة، وزادت شهرته بعد أن قام بتلحين كافة روايات الفرق المسرحية في شارع عماد الدين أمثال فرقة "نجيب الريحاني"، "جورج أبيض" و"علي الكسار"، أدخل سيد درويش في الموسيقى للمرة الأولى في مصر الغناء البوليفوني في أوبريت العشرة الطيبة وأوبريت شهرزاد والبروكة.

انتج درويش العديد من القوالب المختلفة، والعشرات من الأدوار وأربعين موشحا ومائة طقطوقة و 30 رواية مسرحية وأوبريت، تميزت ألحانه بالعمق وطغيان أحاسيسه النفسية، وظهر ذلك في أول أغنية لحنها "زوروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة".

يُعد درويش من اوائل الفنانين الذين ربطوا الفن بالسياسة والحياة اﻷجتماعية فله مثل أغنية "قوم يامصرى" التى غناها أثناء ثورة 1919، أيضا نشيد "بلادى بلادى" الذى اقتبس فيه بعضا من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل، وأغنية "الحلوة دى" التى غناها تضامنا مع الحرفيين والفئات العاملة بالمجتمع.

كان بالنسبة للبعض أن هدف الموسيقى الطرب فقط، ولكن جاء درويش بأحاسيسيه واهتمامه جعل منها مهنة أكبر وأهم، فقد أستخدمها في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي.

ترك سيد درويش إرث فني وتراث كبير، رُغم أنه توفى وهو في ريعان شبابه فى سبتمبر 1923، ولكنه لا زال حيًا داخلنا.