الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

العلاقات المصرية الأوروبية.. 200 عام من الشراكة والتعاون في كل المجالات

  • 11-9-2024 | 15:56

تاريخ العلاقات المصرية الأوروبية

طباعة

على مدار أكثر من مائتي عام، ارتبطت مصر بعلاقات قوية وعميقة مع القارة الأوروبية، زادت قوتها بمرور العقود لتشهد نقلة نوعية خلال العشر سنوات الماضية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وتوجت مؤخرا بترفيعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

 

تاريخ العلاقات المصرية الأوروبية

برزت العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبى فى عام 1976، وبعدها اتفاقية بين مصر والمجتمع الاقتصادي الأوروبي في يناير 1977، لتتوالى أوجه التعاون التي توجت بتوقيع اتفاقية الشراكة بينهما في 2001، ودخلت حيز النفاذ في 2004، وهي الاتفاقية التي تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجاري والثقافي وكذلك التعاون في مجالات عديدة تحددها أولويات الشراكة .

ليصبح الاتحاد الأوروبي أهم شريك تجاري لمصر؛ حيث يمثل حوالي 25% من إجمالي حجم التبادل التجاري مع مصر، وتضاعفت التجارة الثنائية ثلاثة أضعاف، تقريبا منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ؛ فبعدما كانت تسجل 8.6 مليار يورو في عام 2003 ارتفعت إلى 24.5 مليار يورو في عام 2020، وحاليا تسجل وفقا لآخر تقرير عن وزارة التجارة والصناعة خلال 2023 بنحو 32.6 مليار يورو.

ويبلغ رصيد الاستثمار الأوروبي في مصر حوالي 38.8 مليار يورو، حيث تمثل حوالي 39% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وعلى المستوى السياسي، يعد الاتحاد الأوروبي أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميًا ودوليًا، فيما يتطلع الجانب المصري إلى تعزيز وتوسيع نطاق التعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة القادمة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وزيادة حجم الاستثمارات الأوروبية في مصر.

 

العلاقات المصرية الأوروبية في عهد السيسي

شهدت العلاقات المصرية الأوروبية خلال السنوات العشر الماضية، تطوراً كبيرًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، حيث حرص الرئيس السيسي على تعزيز أوجه التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، ويحرص الجانبان على تعزيز التشاور وتنسيق المواقف، حيث يرى الاتحاد الأوروبي في مصر القوة التي بيدها تحسين واستقرار الأوضاع في شرق المتوسط وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.

بدأت ملامح تدشين مرحلة جديدة من العلاقات المصرية الأوروبية تتبلور فى عام 2016 عبر برنامج المشاركة الأوروبية المصرية، وتوالت المباحثات بين المسؤولين في مصر والاتحاد الأوروبي، وكانت أبرز أوجه التعاون في هذا البرنامج إطلاق مشروع التوأمة المؤسسية الممول من قبل الاتحاد الأوروبى والذى نفذته إسبانيا والذي هدف إلى تقديم الدعم لوزارة النقل المصرية لتطبيق نظام إدارة السلامة بما يتماشى مع أفضل الممارسات والتشريعات الأوروبية، حيث وصلت ميزانية المشروع إلى 1.3 مليون يورو ممولة من الاتحاد الأوروبى وتم الإنتهاء من المشروع فى يونيو 2017 .

وعقب ذلك الزيارة المهمة التي أجراها جوزيف بوريل، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مسئول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، إلى القاهرة سبتمبر 2020، وشهدت مباحثات مع الرئيس السيسي وعدد من المسؤولين، واستعرض بوريل خلال الزيارة مرتكزات الموقف الأوروبي، ومنها ترحيب الاتحاد الأوروبي بالموقف المصري بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي، وكذلك واهتمامه بإجراء حوار ومفاوضات مع إثيوبيا، بهدف استخدام الموارد الحيوية لمصر بطريقة منظمة.

وعن القضية الفلسطينية، حينها أقر بوريل بأن مصر تلعب دورا حاسما في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وبشأن ليبيا أكد أنمصر تدعم وقف إطلاق النار في ليبيا وتشكيل مجلس رئاسي جديد والتوزيع العادل للثروة ومتابعة مجلس النواب لعمل الحكومة، مع أهمية العمل على التخلص من الإرهاب والمرتزقة على الأراضي الليبية، وإنهاء كافة أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية.

الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي

وفي مارس الماضي، وقعت مصر والاتحاد الأوروبي اتفاقا لتوقيع الشراكة الاستراتيجية بينهما، وأبرم الاتحاد حينها اتفاقيات مع مصر بقيمة 7,4 مليارات يورو على مدى أربعة أعوام، تنوعت مجالات تلك الاتفاقيات بين قروض واستثمارات والتعاون في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب، وذلك خلال قمة مصرية أوروبية، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب رؤساء خمسة دول وحكومات أوروبية، وهم رئيس وزراء بلجيكا الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا واليونان والنمسا.

وتتعدد أوجه التعاون الثنائي بين الجانبين لتشمل مجالات الطاقة وخصوصا مجال الغاز الطبيعي، وغيرها من المجالات، كذلك حددت وثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بوضوح مجالات محددة للتعاون، وهي: العلاقات السياسية، استقرار الاقتصاد الكلي، الاستثمار المستدام والتجارة، بما في ذلك الطاقة والمياه والأمن الغذائي وتغير المناخ، والهجرة، والأمن وتنمية رأس المال البشري، وعليه، يتعين أن يؤدي وضع هذه المجالات قيد التنفيذ إلى إطلاق العنان للعلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبي للعمل بكامل طاقاتهما.

وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، ستواصل مصر والاتحاد الأوروبي العمل على صياغة برنامج عمل إيجابي وتنفيذه؛ لتحقيق الرخاء والاستقرار المشترك، كذلك تعمل مصر والاتحاد الأوروبي على مواصلة تعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص، على النحو المتفق عليه في أولويات الشراكة بين الجانبين.

ووفقا للإعلان المشترك، أكد الاتحاد الأوروبي أنه على استعداد لتوفير الدعم لمصر لتلبية احتياجات استقرار الاقتصاد على المدى القصير، واحتياجات التنمية الاقتصادية على المدى المتوسط، فعلى المدى القصير الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم هذا الدعم في صورة دعم للموازنة، والتمويل الميسر والمنح، وبما يدعم تيسير الوصول إلى التمويل اللازم للتنمية، كما يمكن أن تكون بعض الآليات الأخرى، مثل مبادلة الديون، والتي تقررها دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء، سُبلاً لتعزيز الفضاء المالي اللازم للاستثمار .

وفيما يخص الاستثمارات، أكد الاتحاد الأوروبي في الإعلان المشترك، التزامه القوي بتعزيز مجالات التعاون مع مصر في قطاعات متعددة للاقتصاد الحديث، بما في ذلك الطاقة المتجددة والهيدروجين المتجدد، والتصنيع المتقدم، والزراعة، والأمن الغذائي، والربط والتحول الرقمي والأمن المائي، وإدارة المياه، حيث ستجذب هذه القطاعات ما يصل إلى 5 مليارات يورو من الاستثمارات الأوروبية المدعومة بضمانات الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة وخطة الاستثمار الاقتصادي.

كذلك اتفقت مصر والاتحاد الأوروبي على تكثيف التعاون مع التركيز بشكل خاص على مصادر الطاقة المتجددة، وأنشطة كفاءة الطاقة، فضلاً عن التعاون في مجالات التقنيات الأخرى الآمنة والمستدامة منخفضة الكربون، والاستفادة من الإمكانيات المصرية الكبيرة للتوسع الفعال من حيث التكلفة في توليد الطاقة المتجددة، وذلك من خلال مشروعات مثل مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان (جريجي).

وخلال القمة المصرية الأوروبية، أكد الرئيس السيسي ترحيبه بزيارة القادة الأوروبيين، عُمق العلاقات المصرية الأوروبية الممتدة عبر التاريخ، موضحا أن الزيارة عكست حالة الزخم، التي تشهدها العلاقات خلال الفترة الأخيرة، على مختلف الأصعدة: السياسية، والاقتصادية، والثقافية.. على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأكد الرئيس السيسي حينها أن مصر أولت دوماً أهمية خاصة للعلاقات المتميزة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي ودوله، وذلك في ضوء اعتقادنا الراسخ بمحورية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية المشتركة للجانبين، وبما يدعم تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة