الجمعة 13 سبتمبر 2024

المولد النبوي.. بين المحبة الحقيقية والاحتفال المشروع


بلال شعبان

مقالات11-9-2024 | 16:51

بلال شعبان

الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق على الإطلاق، ولا يختلف فى ذلك منصف ولو كان حتى من غير المسلمين، ودليل ذلك ما كتبه الكاتب الأمريكى مايكل هارت فى كتابه "العظماء مائة وأعظمهم محمد"، إذ يقول بالنص "إن النبى محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الإنسان الوحيد فى التاريخ الذى نجح نجاحًا مطلقًا على المستويين الدينى والدنيوى"، ولهذا السبب وضعه على رأس قائمة العظماء فى تاريخ الإنسانية.

وأيضا قال الأديب الروسي الكبير ليو تولستوي في كتابه الشهير حكم النبي محمد: "أنا من المبهورين والمعظمين بمحمد، فهو الذي اختاره الله لتكون آخر الرسالات على يديه، ويكون هو كذلك آخر الأنبياء، فيكفيه فخرا وشرفا أنه خلص أمة ذليلة همجية دموية من مخالب شيطان العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم"

ويقول النبى عليه الصلاة والسلام فى حديث صحيح رواه الإمام مسلم فى صحيحه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع"، فحق له علينا أن نتبعه ونقتفى أثره إلى لحظة مماتنا.. فنبى الرحمة هو سبب كل خير الدنيا الذى نحن فيه وهو سبب خير الآخرة الذى سنصل إليه إن نحن اتبعناه واقتفينا أثره.. ومما زانى فخرا وتيها وكدت بأخمصى أطأ الثريا دخولى تحت قولك يا عبادى  وأن جعلت أحمد لى نبيا ومن القديم الحديث يختلف الناس عند مولد الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم ما بين محتفل وممتنع عن الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم.

والغريب أن المختلفين تحت راية الإسلام وممن ينتسبون لأهل السنة المحمدية، فياليتهم يتفقون فى الأصول ويختلفون فى الفروع كيفما يشاؤون، فالكل يدعى حبه صلى الله عليه وسلم ويكاد يحلف بأغلظ الأيمان على حبه النبى وهو يخالفه فى كل ما يقول ويعمل ويقر ويأتى ليحتفل بيوم المولد بطريقة بلهاء.

ربما تخالف الشرع ونهج النبى صلى الله عليه وسلم نفسه، وهذا بعيد عن حبه وعن تعاليمه واتباعه وهذا يخالف المنطق السليم وصدق فيه القائل: تَعْصِى الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هذا محالٌ فى القياس بديعُ لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ.

أولا لم تتفق الأمة على يوم مولد الحبيب النبى لا فى الشهر ولا فى اليوم، بل اختلفوا فى يوم مولده فى شهر ربيع الأقول أهو يوم الثامن أم العاشر أم الثانى عشر أم الثامن عشر، لكنهم اتفقوا جميعا على يوم موته أنه يوم الثانى عشر من شهر بيع الأول.

وحتى نجمع الشتات والخلاف فكل شخص مسؤول عن فعله ومحاسب أمام ربه وحيدا فريدا حافيا عاريا، نأتى لتفصيلة صغيرة للاحتفال وهو على ثلاث صور راجعة إلى اعتقاد الإنسان فيه :

أولا: من اعتقده عيدا كعيدى الفطر والأضحى فقد ابتدع فى احتفاله لأن للمسلم عيدان فقط.

ثانيا: من اتخذه ذكرى للنبى صلى الله عليه وسلم باعتباره نعمة من نعم الله، وشكر هذه النعمة بالأعمال الصالحة، فهذا مأذون فيه بل هو مطلوب لأنه أمر بالصيام فيه شكرا لله على ميلاده وكثير من أهل العلم أخذوا بهذا الرأى وعلى رأسهم أزهرنا الشريف.

ثالثا وأخيرًا: من اتخذه مناسبة لبعض الأمور المباحات كإظهار الملابس الجديدة والمطاعم ونحو ذلك فهذا فى الأصل من الأمور الجائزة لأنه ليس مما يدخل حيز البدع فالبدع لا تدخل فى العادات ولا فى اللباس، فمن أراد أن يشترى حلوى فيشتر ومن أراد أن يأكل أكلة ما فليأكلها هنيئا مريئا.

إذن فالأمر فيه متسع طالما كان بعيدا عن البدع وإغضاب النبى صلى الله عليه وسلم فى مخالفة نهجه ونهج أصحابه الكرام والخلفاء الراشدين، فحب النبى تتمثل فى صيام يوم مولده وهو يوم الإثنين حتى ولو فى العام كله وليس فى يوم ميلاده فقط، جمع الله الأمة جميعها على كلمة واحدة وعلى منهج واحد وجنبهم الخلاف ظاهره وباطنه.