الأحد 16 يونيو 2024

رغم الخوف.. أقباط العريش يؤكدون: لن نتنازل عن العودة..

1-3-2017 | 13:15

تحقيق: محمد فوزى

عندما نتحدث إلى أى من الأسر القبطية الوافدة من العريش إلى الإسماعيلية ترى الخوف فى وجوههم، لكن هذا الخوف الذى أجبرهم على ترك منازلهم فهم يسألون.. متى العودة إلى بيوتنا.. ويؤكدون أنهم لن يتنازلوا عن العودة، لا يشكون لحظة فى قدرة الجيش والشرطة على تطهير سيناء من الإرهاب، ، لا يهتمون بمن يصف حالتهم بالنزوح ولا يقبلون أن يستغلهم البعض للإساءة إلى الدولة التى يرونها لم تقصر فى دعمهم ولكنه الإرهاب الذى يهدد العالم.

 

المصور ذهبت إلى بعض هذه الأسر لتستمع منهم حكايات الخوف والمواجهة ولعنة الإرهاب.

تحكى جوانا شنودة، ٣٦سنة (ربة منزل)، قصة السفر إلى الإسماعيلية، فتقول: جئنا فرارا بأنفسنا وأطفالنا بعد أن دخل الخوف قلوبنا, انفجارات تحت البيوت ومنشورات تهديد للأقباط كل يوم أصدقاء وجيران يقتلون أمام أعيننا، لم يكن هناك اختيار, رحلت أنا وزوجى وطفلى، والسيارة الأجرة التى يمتلكها زوجى و مصدر دخلنا الوحيد، لننجو بأنفسنا من جحيم الإرهاب والتطرف وتركنا كل شىء هناك، لكننى لن أتنازل عن حلم العودة من جديد للعريش، ولبيتى الذى عشت فيه أجمل سنين عمرى.

أمجد (موظف) من العريش بعد أن شعر بغياب الأمن والأمان وأصبحت حياته مهددة والموت يطارده هو وأسرته، أينما ذهبوا..

ولكنه يقول: لم أكن أرغب فى ترك العريش التى أقيم بها منذ أكثر من ٢٠ سنة، لكننى تركتها وأسرتى مضطرين، أنا اللى عايز أفهمه إحنا حنرجع العريش تانى ولا لأ؟!

لسنا لاجئين ولا غرباء داخل وطننا، ونحن بين أهلنا وقد قدمت على إجازة من عملى .

الحقد والغل الذى اتسم الإرهابيون كان هو السبب فى المغادرة لأن الاهالى ايقنوا أن هؤلاء لا دين لهم ولا عقل هكذا تشرح «نبيلة فوزى حنا» ٦٥ سنة والتى تروى قصتها منذ أن فوجئت مساء الثلاثاء الماضى بطرق شديد على باب منزلها بالعريش وعندما ذهب ابنها مدحت ٤٥ سنة، لاستطلاع الأمر فوجئ باثنين ملثمين قاما بدفعه بقوة ثم أطلقا عليه الرصاص فسقط مضرجا فى دمائه تحكى الأم نبيلة وهى تبكى: قاما بطردى إلى خارج المنزل بعدها دخلا على زوجى، مسعد حكيم ٦٦ سنة، وأطلقا عليه الرصاص مباشرة..

ثم خرجا وسألانى أنتو مسيحيين قلت لهم أيوه إحنا مسيحيين أنتو بتعملوا فينا كده ليه؟

لم يردا وسألانى معاكى ذهب قلت لهما لا فأخذا الدبلة من يدى ثم دخلا إلى المنزل من جديد، وأخذا البوتاجاز والأنابيب، وبعدها قاما بإحراق المنزل وبداخله جثتا زوجى وابنى.

لا تتمالك نبيلة نفسها وتقول أنا مذهولة مما رأيت ولا أصدق ما حدث فلا يمكن أن يكون هؤلاء بشرا ولا يوجد دين أو شريعة تقر ما فعلوا.

مجموعة من الشباب المسلمين حاولوا إطفاء المنزل المحترق دون جدوى، وتم إبلاغ الشرطة، التى حضرت بعدما فر الجناة بجريمتهم وفقدت زوجى وابنى فى لحظات قتلا أمام عينى وأحرقت جثثهما بدم بارد!!

(نبيلة حضرت إلى الإسماعيلية بعد دفن زوجها وابنها بالسويس حيث سكنت مع أقرانها نزل الشباب الدولى بالإسماعيلية.

قصة معاناة أخرى يرويها (عزت نظمى ٣٧ سنة) والذى قرر مغادرة العريش بعدما صدرت قوائم بأسماء أقباط العريش لاستهدافهم وقتلهم من قبل الجماعات الإرهابية منذ اختطاف مينا قدرى مترى، الذى عاد إلى أسرته بعد دفع فدية وأرسل الإرهابيون معه قوائم بأسماء مسيحيى العريش.

حسب ما يؤكده عزت فالإرهابيون أعلنوا أن كل مسيحى سيبقى فى العريش مصيره الموت فإما الرحيل أو الموت..

(بالتأكيد قرار الرحيل عن العريش قرار صعب، لكن كنت مضطرا له بعد إصابة نجلى مهرائيل ٥ سنوات بحالة نفسية بسبب أصوات الرصاص).

(ويضيف عزت: إن القوات المسلحة والأمن بلا شك يقومان بدوريهما ويبذلان الغالى والنفيس فى سبيل ذلك، لكن فى رأيى المواجهة الأمنية وحدها لا تكفى فلابد من المواجهة الفكرية، أين الأزهر فى مواجهة الفكر المتطرف؟!

(مريم فايز ٣٤ سنة ربة منزل) هى وزوجها من مواليد العريش، التى لم تغادرها منذ ١٩٨٣ ولا تشعر بالراحة بعيدا عن بيتها وكامرأة لا تشعر بالاستقرار، لكنها اضطرت للسفر بعد أن اصبحت تشعر بالخطر وفقد زوجها صنعته، التى كان يعمل بها.. وكل ما تتمناه العودة إلى العريش من تانى هى وزوجها وطفلها.

(ماهر أبو الخير ٥٢ سنة بائع خضراوات) قضى عمره كله فى العريش، لكنه كما يقول أصبحنا نعيش فى رعب وخوف كل يوم بعد أن قتل أمامه صديقه، سألوه أنت مسيحى رد بالإيجاب فأطلقوا عليه الرصاص فى الحال، طبيعى كان لازم أمشى من العريش ومش حارجع إلا لما الأوضاع تتحسن ونعيش فى أمان.

أين المحافظ؟!

(بقطر دميان ٦٩ سنة موظف بالمعاش) قال: رحلنا عن العريش بسبب الإرهاب، ونريد أن نعود إلى بيوتنا من جديد وأن نعيش فى سلام، لكن الصورة تبدو سوداء قاتمة، بالتأكيد ليس أكبر من الدولة؟! لكن سننتظر لنرى ما الذى سيحدث.

السؤال الذى يطرحه بقطر أين محافظ شمال سيناء مما جرى لنا لم نسمع له صوتًا!!

(عواطف سيفين ٤٥ سنة ربة منزل) أشارت إلى أنها رحلت وأسرتها بالكامل من العريش، الخميس الماضى، خوفا على حياتهم بعدما قتل أحد أقاربهم أمام أعينهم..

وقالت: تركت منزلى بكل ما فيه حتى فرش ابنتى العروسة تركته هناك، نفسى أرجع العريش ونعيش فى سلام زى الأول والدولة مفروض تتحرك ولا تتركنا هكذا.

شباب المتطوعين

وسط المحن تظهر الصورة المصرية الحقيقية وكيف يكون الدعم والمساندة عدد من أبناء الإسماعيلية وبعض المحافظات الأخرى يقفون بجوار الأسر المنتقلة كان منهم (عماد كامل رئيس لجنة المواطنة بالإسماعيلية، الذى أكد أن مجموعة الشباب المتطوعين بالإسماعيلية يعملون منذ تم الإعلان عن وفود أقباط العريش إلى الإسماعيلية، فقرر وزير الشباب، خالد عبد العزيز، فتح بيت الشباب الدولى بالإسماعيلية لاستقبال الأسر، وتم توفير كل سبل الرعاية والراحة لهم، والجميع هنا يعمل لا فرق بين مسلم أو مسيحى.

يشير عماد إلى أحد المواقف، التى تكشف عن تكاتف المصريين وهو من الدكتور يوسف خالد، الذى كان يحجز ٥ غرف ببيت الشباب الدولى بالإسماعيلية ضمن معسكر للشباب يشرف عليه وعندما علم بمجىء الأقباط قرر جمع المعسكر وترك الغرف للأقباط وعاد للقاهرة، وقال همه دول الأولى بالإقامة.

مهدى أحمد أمين صندوق الجمعية الشرعية بالإسماعيلية أشار إلى أن الجمعية تضع إمكاناتها من أغذية وملابس لمساعدة الإخوة الأقباط الذين تركوا منازلهم، كما يجرى البحث عن توفير أماكن إقامة لأن الحدث لا يخص المسيحيين وحدهم، وإنما يخص الوطن والمصريين جميعًا.

(نبيل شكر الله مسئول الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية، أشار إلى أنه فور تصاعد الأزمة كان هناك اتصالات مع القس نجيب خليل مزيد، الذى طلب منه فتح الكنيسة لاستقبال الفارين من أقباط العريش، حيث بدأ استقبالهم من الثامنة صباح الجمعة الماضي حتى نهاية اليوم، وتم استقبال نحو مائة أسرة تم تسكينهم فى مدينة المستقبل ونزل الشباب الدولى, وهناك أسر أخرى متوقع وصولها.

وجع فى قلب الوطن

(القمص يوسف شكرى، راعى كنيسة الأنبا بيشوى بالإسماعيلية، المكلف من قبل الأنبا سارافيم، أسقف الإسماعيلية، بمتابعة ملف أقباط العريش، أشار إلى الجهد الكبير، الذى يبذله فريق العمل من خدام المطرانية وشباب الإسماعيلية لاستيعاب الأسر القادمة من شمال سيناء وتلبية احتياجاتها، حيث كان الجميع على مستوى الحدث.

مشيدًا بتواصل المهندس خالد عبدالعزيز معه لتسهيل تسكين الأسر وإصدار أوامره بفتح نزل الشباب الدولى لاستيعاب القادمين من العريش، وتسكينهم ومد يد العون لهم.

وأكد القمص يوسف شكرى خروج المسيحيين من أبناء العريش وجع فى قلب الوطن بمسلميه ومسيحييه وامتداد للإرهاب الأسود، الذى يريد إسقاط الدولة المصرية وتمزيق توحد أبنائها، وهو ما لن يسمح به أبناء مصر الذين يعون الدرس جيدا.

الدكتور صفوت عبدالمقصود، نقيب الصيادلة بالإسماعيلية، أشار إلى أنه يتم حصر جميع حالات الأمرا ض المزمنة للأسر المسيحية القادمة من العريش، حيث سيتم توفير العلاج الشهرى لهم كذلك التحضير لقافلة إعانة من خلال صندوق الإغاثة بالنقابة العامة وسوف يتم تسليمها بالتنسيق مع وزارة التضامن.

فريق طبى

الدكتور ممدوح غراب، رئيس جامعة قناة السويس، أكد أنه كلف فريقا طبيا من مستشفيات جامعة قناة السويس، بقيادة الدكتور هانى الدمياطى، مدير عام المستشفيات الجامعية، يضم جميع التخصصات للاطمئنان على جميع أفراد الأسر.

كما أعطى توجيهاته بحصر أعداد الطلاب الدارسين بجامعة العريش لضمهم لأشقائهم طلاب جامعة قناة السويس، ونقلهم أسوة بزميلهم ابن القس الشهيد رفافيل موسى، كاهن كنيسة مارى جرجس بالعريش، الذى تم نقله فى بدايه العام الجامعى إلى جامعة قناة السويس فى أعقاب استشهاد والده.