أطلقت دار الإفتاء المصرية حملة توعوية تحت عنوان "قالوا وقلنا"، بهدف مواجهة الشبهات والاعتراضات التي تثار حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وتأتي هذه الحملة ضمن جهود دار الإفتاء لتعزيز الفهم الصحيح للأحكام الدينية وتوضيح أن الاحتفال بالمولد هو ممارسة شرعية تعبر عن المحبة والامتنان لنعمة إرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم كرحمة للعالمين.
السنة النبوية والاحتفال بالمولد
أحد الأسئلة المركزية التي أجابت عليها الحملة هو: هل احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بمولده؟
جاءت الإجابة بالإيجاب، حيث استندت دار الإفتاء إلى حديث صحيح رواه مسلم، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم عند سؤاله عن صيام يوم الاثنين: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه»، مما يدل على أن النبي كان يحتفي بيوم مولده من خلال الصيام، هذا الفعل يشير إلى أن الاحتفال بالمولد هو ممارسة مستمدة من السنة النبوية.
طرق مشروعة للاحتفال بالمولد
وأكدت الحملة أن الاحتفال بالمولد يمكن أن يتم بطرق مختلفة ومتنوعة، كلها في إطار *الأعمال الصالحة* التي تقرب إلى الله. فمن الممكن إحياء هذه الذكرى عبر الصيام، الصدقات، تلاوة القرآن، وذكر الله.
وأوضحت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بصيام يوم مولده فقط، بل واظب على صيام يوم الاثنين من كل أسبوع، مما يجعل الاحتفال بهذه الذكرى **مستمرًا على مدار العام.
الرد على الشبهات والمفاهيم الخاطئة
الحملة قدمت ردودًا تفصيلية على الشبهات التي تثار حول الاحتفال بالمولد، ومن أبرزها: عدم احتفال الصحابة بالمولد، وأوضحت دار الإفتاء أن غياب هذا الاحتفال بصورته الحالية في زمن الصحابة لا يعني بالضرورة تحريمه أو بدعيته.
إذ إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم فرض شرعي، والاحتفال بمولده هو تعبير عن هذه المحبة التي يجب أن تترجم إلى أفعال وسلوكيات تتماشى مع مبادئ الشريعة.
كما أن الصحابة، وإن لم يحتفلوا بالمولد بالنمط المتعارف عليه اليوم، فقد كانوا يحتفون بالنبي ويعبرون عن محبتهم له بطرق أخرى مثل ذكر الله والتمجيد لنعمة الإسلام، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني عن تجمع الصحابة لذكر الله ومدح النبي صلى الله عليه وسلم.
الفرق بين الاحتفال وسلوك المحتفلين
أحد أهم النقاط التي تناولتها الحملة هو ضرورة التفريق بين حكم الاحتفال بالمولد ذاته وبين سلوكيات بعض المحتفلين التي قد لا تتماشى مع الشريعة.
وأوضحت دار الإفتاء أن الاحتفال بالمولد مشروع شرعًا إذا تم وفق الضوابط الشرعية، مثل الصدقات والذكر والصيام، بينما بعض الممارسات التي تخالف الشريعة مثل الغناء والموسيقى قد تكون محرمة، وبالتالي، الحكم على الاحتفال يجب أن يكون على أساس الأفعال المتوافقة مع الشريعة.
دعم القرآن والسنة للاحتفال بالمولد
ودعمت الحملة مشروعيتها بالاستناد إلى القرآن الكريم، حيث ورد في سورة يونس قوله تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا" [يونس: 58].
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما "فضل الله" بأنه العلم، و"رحمته" بأنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي، فإن إظهار الفرح بمولد النبي من خلال الأعمال الصالحة هو جزء من التعبير عن الشكر لله على هذه النعمة العظيمة.
كما تم ربط الاحتفال بالمولد بشكر الله، وهو ما ثبت في السنة، مثل صيام يوم عاشوراء الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم شكرًا لله على نجاة موسى عليه السلام من فرعون، مما يعزز فكرة أن الاحتفال بمولد النبي هو شكل من أشكال الشكر لله.
حملة "قالوا وقلنا" من دار الإفتاء المصرية تقدم دفاعًا قويًا عن مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وتوضح أن الاحتفال بهذه المناسبة هو وسيلة للتقرب إلى الله عبر إظهار الفرح ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كما تؤكد الحملة على أهمية ممارسة الاحتفال بما يتوافق مع الضوابط الشرعية، مع التفريق بين الاحتفال المشروع وسلوكيات المحتفلين.