الجمعة 27 سبتمبر 2024

التطورات في علم الكونيات.. اكتشافات حول تأثير الثقوب السوداء على المجرات

مجرة بابلو

ثقافة17-9-2024 | 22:39

إسلام علي

استخدم فريق من الباحثين الدوليين بقيادة مشتركة من جامعة كامبريدج، تلسكوب جيمس ويب الفضائي القوي "JWST" لمراقبة مجرة في الكون المبكر تمر بتغيرات جذرية.

تشبه هذه المجرة حجم مجرة درب التبانة، وُجدت بعد حوالي ملياري سنة من الانفجار العظيم وتحتوي في مركزها على ثقب أسود هائل، ما يميز هذه المجرة هو أنها توقفت عن تكوين نجوم جديدة، مما يجعلها "ميتة" فعلياً.

تعرف هذه المجرة باسم GS-10578 والتي أطلق عليها اسم "مجرة بابلو" تكريمًا لأحد الباحثين المشاركين في دراستها، توفر رؤى جديدة حول تأثير الثقوب السوداء على تطور المجرات.

 

ثقوب سوداء و نمو النجوم

وفقًا للدكتور فرانسيسكو ديوجينيو من معهد كافلي لعلم الكونيات بجامعة كامبريدج، تشير الملاحظات الأولية إلى أن المجرة لم تعد تُشكل نجومًا نشطة، رغم حجمها الكبير، ورغم أن علماء الفلك كانوا يشتبهون منذ فترة طويلة في وجود علاقة بين الثقوب السوداء وتوقف تكوين النجوم، إلا أنهم افتقروا إلى البيانات الكافية لتأكيد هذه الفرضية.

وأوضح ديوجينيو أنه قبل تلسكوب ويب، لم نتمكن من دراسة هذه المجرة بتفاصيل كافية للتأكد من هذا الارتباط، ولم نكن نعرف ما إذا كان توقف تشكل النجوم في هذه المجرة دائمًا أم مؤقتًا.

ما يجعل مجرة بابلو استثنائية هو حجمها الهائل في مرحلة مبكرة جدًا من تاريخ الكون، حيث تصل كتلتها إلى حوالي 200 مليار ضعف كتلة الشمس، تشكلت معظم نجومها قبل نحو 12.5 إلى 11.5 مليار سنة.

وتُعتبر المجرات من تلك الفترة عادةً مليئة بنشاط تشكل النجوم، مما يجعل توقف هذه المجرة عن ذلك أمرًا غريبًا للغاية، ولفت البروفيسور روبرتو مايولينو، أحد أعضاء الفريق البحثي، إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن عملية إيقاف تكوين النجوم قد حدثت بسرعة نسبية.

 

تلسكوب ويب..سبب بداية معرفة جديدة

من خلال القدرات المتقدمة لتلسكوب ويب، اكتشف الباحثون أن المجرة تطرد كميات كبيرة من الغاز بسرعات عالية تصل إلى 1000 كيلومتر في الثانية، وهو ما يكفي للتغلب على جاذبية المجرة.

واتضح أن الثقب الأسود الهائل في مركز مجرة بابلو هو المسؤول عن توليد هذه الرياح القوية، والتي تحرم المجرة من المواد اللازمة لتشكيل نجوم جديدة.

تسمى هذه الظاهرة باسم "التغذية الراجعة"، تُظهر كيف يمكن للطاقة المنبعثة من الثقوب السوداء أن تنظم أو تنهي عملية تكوين النجوم في المجرات.

كما كشفت الملاحظات عن نوع جديد من الرياح المجرية لم يكن بالإمكان رصده باستخدام التلسكوبات السابقة، هذا الغاز أبرد وأكثر كثافة من الغاز الساخن الذي يرافق عادة مثل هذه التدفقات، ولا ينبعث منه الضوء بشكل واضح، مما يجعله صعب الاكتشاف، ولكن بفضل حساسية تلسكوب ويب العالية، تمكن الباحثون من اكتشافه رغم ذلك.

 

تُظهر البيانات أن كمية الغاز المنبعثة أكبر بكثير مما تحتاجه المجرة لدعم تكوين النجوم، مما يؤكد أن الثقب الأسود يلعب دورًا محوريًا في إيقاف هذه العملية.

 وأشار ديوجينيو إلى أن الباحثين "وجدوا الجاني"، حيث يقوم الثقب الأسود "بقتل" المجرة عن طريق منعها من الحصول على المواد اللازمة لتكوين نجوم جديدة.

 

وقد تنبأت النماذج النظرية منذ فترة طويلة بأن الثقوب السوداء الهائلة قد يكون لها تأثير دراماتيكي مماثل على المجرات، ولكن الأدلة المباشرة كانت بعيدة المنال حتى الآن بفضل تلسكوب ويب.

 كانت النظريات تشير أيضًا إلى أن توقف تكوين النجوم سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في بنية المجرة، لكن النجوم في مجرة بابلو لا تزال تتحرك بطريقة منتظمة، مما يشير إلى أن هذا الافتراض قد لا يكون صحيحًا دائمًا.

من المقرر إجراء المزيد من الملاحظات باستخدام مصفوفة أتاكاما الكبيرة للمليمتر/تحت المليمتر (ALMA) لدراسة مكونات الغاز الأكثر برودة وظلامًا داخل المجرة، وذلك بهدف معرفة ما إذا كان هناك وقود متبقٍ لتشكيل النجوم مخفي في المجرة، مما سيوفر فهمًا أعمق لتأثير الثقب الأسود على البيئة المحيطة به، ذلك طبقا لما نقله موقع labrujulaverde.