الأربعاء 18 سبتمبر 2024

بيجر كلمة السر.. هل تقود تفجيرات لبنان الأخيرة حزب الله إلى حرب شاملة؟

تفجيرات لبنان

تحقيقات17-9-2024 | 23:07

محمود غانم

سادت لبنان حالة من الهلع على وقع تفجير أجهزة اتصال محمولة من نوع "بيجر" في أيدي من يحملونها، ما أسفر عن سقوط قتلى ونحو 2800 جريح، جلهم من حزب الله اللبناني، الذي حمل بدوره إسرائيل المسؤولية وتوعدها بـ"قصاص عادل" على هذا "العدوان الآثم".

هلع في لبنان

في حصيلة غير النهائية، أفادت وزارة الصحة اللبنانية، بمقتل 9 أشخاص، فضلًا عن إصابة 2800 آخرين، منهم 200 في حالة حرجة، إثر تفجير أجهزة اتصال محمولة من نوع "بيجر" في أيدي من يحملونها.

و"البيجر" جهاز اتصال إلكتروني لا سلكي صغير ومحمول يستخدمه مدنيون وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، وهو يعمل ببطاريات الليثيوم -التي قد تعمل أيامًا متواصلة- وقد تم تطوير النسخ الأولى من هذه الأجهزة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وشاع استخدامها مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن نفسه قبل انتشار الهواتف المحمولة.

وطالبت الصحة اللبنانية، جميع العاملين الصحيين بالتوجه إلى أماكن عملهم لتقديم العلاج للأعداد الكبيرة من المصابين الذين يتم نقلهم إلى المستشفيات، مناشدة المواطنين التبرع بالدم.

من جهتها، حمل حزب الله اللبناني، العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي والذي ‏طال المدنيين أيضًا، وذلك بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوفرة حول الاعتداء الآثم الذي جرى ‏بعد ظهر هذا اليوم، وفق قوله.

وأردف حزب الله:"هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل على هذا العدوان الآثم ‏من حيث يحتسب ‏ومن حيث لا يحتسب".

في المقابل، تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن منشور لمستشاره "توباز لوك" ألمح فيه لمسؤولية تل أبيب عن انفجارات أجهزة الاتصال في لبنان، حيث كتب الأخير:"لم يمر وقت طويل" ردًا على مقال للصحفي في جريدة "هآرتس" العبرية حاييم ليفنسون، كتب فيه: "إذا كان أي شخص يعتقد أن نتنياهو سيقوم بأي خطوة في الشمال قبل أن يعود هو وزوجته من أسبوع في نيويورك وتقضي السيدة عطلة نهاية الأسبوع في الجناح فهو واهم".

وبالفعل بعد وقت قليل من كتابة المنشور، تعاملت إسرائيل مع تهديداتها بتوسيع الحرب مع "حزب الله" من خلال تفجيرها أجهزة الاتصالات في لبنان، ما دفع "لوك" إلى حذف المنشور لاحقًا.

وفي غضون ذلك، قال مكتب نتنياهو:"لم يشغل توباز لوك منصب المتحدث باسم رئيس الوزراء منذ عدة أشهر، وليس في دائرة المشاورات المباشرة".

طوارئ في إسرائيل

وفي هذه الأثناء، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن مسؤولين أمنيين كبارًا في إسرائيل يبحثون احتمالات التصعيد بعد انفجار أجهزة اتصالات "بيجر" في لبنان، كاشفة أن المؤسسة الأمنية في البلاد طلبت من كبار الضباط إلغاء التزاماتهم وحضور نقاش عاجل بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب، تحسبًا لهجوم من "حزب الله".

وفي الوقت ذاته، أشارت الصحيفة إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قدرت أن حزب الله ينوي شن عملية عسكرية ضد إسرائيل، حيث رصدت مؤخرًا إشارات حول استعدادات غير اعتيادية للحزب في جنوب لبنان.

في حين قالت القناة الـ14 الإسرائيلية إن نقل الثقل الأمني والعسكري من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية سيبدأ الليلة، مشيرة إلى أن هناك احتمالات بإعلان إسرائيل قريبًا جبهة الشمال جبهة الحرب الرئيسية.

وفي هذا الإطار، نقلت شبكة "أي بي سي" عن مسؤول أميركي ترجيحه بأن ترد إيران وحزب الله على عملية تفجير أجهزة الإتصال، لكن الأمر قد يستغرق وقتًا للتقييم، مبينًا أن ضمن نفس الهجوم تم استهداف أكثر من 50 شخصًا في سوريا.

فيما أكد موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مصدر مطلع، أن العملية في لبنان تمت الموافقة عليها هذا الأسبوع، في اجتماعات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار أعضاء حكومته.

وبحسب المصدر، فإن إسرائيل نفذت العملية لنقل قتالها ضد حزب الله إلى مرحلة جديدة مع السعي لعدم بلوغ حرب شاملة.

وتأتي حادثة تفجير أجهزة البيجر عقب ساعات من إعلان إسرائيل توسيع الأهداف المعلنة لحرب غزة لتشمل تميكن السكان الإسرائيليين في الشمال من العودة إلى مساكنهم، متجاهلة بذلك التحذيرات الأميركية من توسيع الحرب.

والإثنين، اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، لبحث التطورات على الحدود الإسرائيلية مع لبنان، في محاولة أخيرة لمنع حدوث أي تصعيد كبير بالمنطقة.

ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية من جهه، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى قصفًا شبه يوميًا على الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة، تزايدت حدتها بشكل غير مسبوق خلال الأيام المنقضية.

وتقول الفصائل إنها تؤازر المقاومة الفلسطينية ضد آلة الحرب الإسرائيلية، وترهن وقف هجماته بوقف الحرب على غزة.

ويعد حزب الله اللبناني أبرز تلك الفصائل حيث درج على قصف البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، بأسراب من المسيرات والصواريخ، ما خلق حالة من الذعر في بلدات الشمال الإسرائيلي.

وفي خطوة استباقية لرد كان يجهز له حزب الله اللبناني على إثر اغتيال القيادي في صفوفه فؤاد شكر، شن طيران الاحتلال، في الـ25 من أغسطس الماضي، أكثر من 40 غارة استهدفت مناطق بجنوب لبنان في تصعيد غير مسبوق بين الجانبين، في المقابل، شن الحزب اللبناني هجومًا جويًا بعدد كبير من ‏المسيرات ضد العمق الإسرائيلي، واتجاه هدف عسكري إسرائيلي نوعي، نافيًا صحة الادعاءات الإسرائيلية التي تزعم إحباط الهجوم.

وآنذاك، أكد حزب الله أن رده على اغتيال القيادي فؤاد شكر أنجز بدقة، متهمًا إسرائيل بالكذب والفشل، مضيفًا إن "معطياتنا تفيد بأن عددًا معتدًا من المسيرات وصل إلى الهدفين المحددين بدقة ونجاح، ولكن العدو يتكتم كما هي العادة".