أسفر انفجار أجهزة اتصال البيجر في لبنان، الذي وقع أمس الثلاثاء، عن إصابة نحو 3 آلاف شخص حتى الآن وما لا يقل عن 9 وفيات، وسط توعد من قبل حزب الله اللبناني بالرد على إسرائيل، بعد ضلوعها في الهجوم الذي استهدف مئات الأجهزة التي يستخدمها أعضاء الحزب، فيما كشفت الشركة التايوانية لهواتف بيجر تفاصيلا جديدة بشأن الأجهزة المنفجرة في الهجوم.

انفجار أجهزة بيجر

وأعلنت شركة جولد أبولو التايوانية اليوم أن أجهزة الاتصال التي انفجرت بشكل متزامن بأيدي عناصر من "حزب الله" وأودت بتسعة أشخاص على الأقل، من صنع شريكها المجري في أوروبا، وأوضحت الشركة في بيانها أن "إن جولد أبولو تقيم شراكة طويلة الأمد مع شركة بي إيه سي ومقرها في بودابست لاستخدام علامتها التجارية"، مضيفة :"أن الطراز المذكور في تقارير إعلامية تصنّعه وتبيعه بي إيه سي"، وذلك بعد تقرير في نيويورك تايمز أفاد بأن تلك الأجهزة جاءت من الشركة التايوانية.

فيما نشرت شبكة CNN، في تقرير لها اليوم الأربعاء، نقلا عن مصدر أمني تايواني كبير، أن تايوان ليس لديها سجل بشحن أجهزة بيجر جولد أبولو إلى لبنان، موضحا أن الشركة شحنت حوالي 260 ألف جهاز نداء من تايوان بين بداية عام 2022 وأغسطس 2024، معظمها إلى الولايات المتحدة وأستراليا.

كذلك صرح مؤسس ورئيس مجلس إدارة جولد أبولو، هسو تشينج كوانج، للصحفيين في وقت سابق من اليوم أن موزعًا أوروبيًا صنع أجهزة النداء المستخدمة في الهجوم، موضحا أن الموزع هو BAC Consulting KFT ومقرها بودابست، وتعاون مع جولد أبولو منذ حوالي ثلاث سنوات.

وأظهرت الصور المتداولة أنواع طراز هواتف بيجر المنفجرة، ومنها طراز Gold Apollo AR924، ولم يحسم حتى الآن آلية وقوع الهجوم، حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن إسرائيل أخفت متفجرات داخل دفعة من أجهزة النداء التي تم طلبها من Gold Apollo وموجهة إلى حزب الله، فيما قالت صحيفة التايمز أن معظم أجهزة النداء كانت من طراز AP924 الخاص بالشركة ولكن تم تضمين ثلاثة نماذج أخرى من Gold Apollo في الشحنة.

ذكرت CNN سابقًا أن أجهزة بيجر تم شراؤها من قبل حزب الله في الأشهر الأخيرة، وفقًا لمصدر أمني لبناني.

ويحتوي جهاز بيجر AR-924، على بطارية ليثيوم قابلة لإعادة الشحن، وفقًا للمواصفات التي تم الإعلان عنها على موقع Gold Apollo على الإنترنت، قبل إزالتها أمس الثلاثاء بعد الهجوم التفجيري، ويمكن للجهاز استقبال رسائل نصية تصل إلى 100 حرف، وعمر البطارية يصل إلى 85 يومًا، وتعمل أجهزة النداء أيضًا على شبكة لاسلكية مختلفة عن الهواتف المحمولة، مما يجعلها أكثر مرونة في حالات الطوارئ، وهو أحد الأسباب التي تجعل العديد من المستشفيات في جميع أنحاء العالم لا تزال تعتمد عليها.

هجوم أجهزة الاتصال في لبنان

ونقلا عن شهود عيان في لبنان، فقد سقط الجرحى في شوارع العاصمة اللبنانية بشكل مفاجئ بعد انفجار الهواتف، حيث كانت الضواحي وكأنها مدينة زومبي، بسبب الجرحى الذين كانوا متناثرين على الطرق، موضحين أنهم فوجئوا بوجود الكثير من الناس المصابين والممدين على الأرض، والدماء على الطرق، وأن أجهزة بيجر لم تكن بحوزة عناصر حزب الله فقط، بل كان يحملها أشخاص آخرون ممن يعملون في المجال الأمني.

وكانت أجهزة بيجر هي وسيلة التواصل الداخلي بين أعضاء حزب الله، إلا أنهم فوجئوا أمس أن تلك الأجهزة بدأت تسخن بشكل مفاجئ ثم تنفجر، حيث وقعت الانفجارات بشكل رئيسي في المناطق التي يتواجد فيها عدد كبر من أعضاء حزب الله، وخاصة في ضاحية جنوب بيروت وفي منطقة البقاع في شرق لبنان، وكذلك في دمشق، وفقًا لمسؤولين أمنيين لبنانيين ومسؤول في حزب الله.

ونقلت وكالة الأنباء رويترز عن مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر إن جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد زرع متفجرات داخل خمسة آلاف جهاز اتصال لاسلكي استوردتها جماعة حزب الله اللبنانية قبل أشهر من التفجيرات، من طراز AP924، والذي يستقبل ويعرض الرسائل النصية لاسلكياً مثل أجهزة النداء الأخرى، لكنه لا يستطيع إجراء مكالمات هاتفية.

وأوضح المصدران أن مقاتلي حزب الله يستخدمون تلك الأجهزة كوسيلة اتصال منخفضة التقنية في محاولة للتهرب من تتبع الموقع الإسرائيلي، إلا أن هذه الأجهزة تم تعديلها من قبل جهاز التجسس الإسرائيلي "على مستوى الإنتاج، وأكد المصدر اللبناني، وفقا لرويترز، أن الموساد حقن لوحة داخل الجهاز تحتوي على مادة متفجرة تتلقى شفرة. من الصعب للغاية اكتشافها بأي وسيلة. حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي.

وقال المصدر إن 3000 من أجهزة النداء انفجرت عندما تم إرسال رسالة مشفرة إليها، مما أدى إلى تنشيط المتفجرات في نفس الوقت.

وقال مصدر أمني آخر لرويترز إن ما يصل إلى ثلاثة جرامات من المتفجرات كانت مخبأة في أجهزة النداء الجديدة ولم يكتشفها حزب الله لعدة أشهر.

وقال جوناثان بانيكوف، نائب ضابط الاستخبارات الوطني السابق للحكومة الأمريكية في الشرق الأوسط: "سيكون هذا بسهولة أكبر فشل في مكافحة التجسس لحزب الله منذ عقود".

خطاب مرتقب لأمين حزب الله

وتعهد حزب الله المدعوم من إيران بالرد على إسرائيل، مؤكدا "المقاومة ستواصل اليوم مثل أي يوم آخر عملياتها لدعم غزة وشعبها ومقاومتها وهو مسار منفصل عن العقاب القاسي الذي ينتظره العدو المجرم ردا على مذبحة الثلاثاء".

ومن المرتقب أن يلقي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الخامسة، كلمة له، بعد ظهر غد الخميس، يتحدث خلالها عن التطورات الراهنة.

في خطاب متلفز في 13 فبراير الماضي، حذر حسن نصر الله أنصاره بشدة من أن هواتفهم أكثر خطورة من الجواسيس الإسرائيليين، قائلاً إنهم يجب أن يكسروها أو يدفنوها أو يحبسوها في صندوق حديدي.