يعد الفن انعكاسًا للفكر والإبداع البشري عبر العصور، ومن أروع الأمثلة على الإبداع الفني القديم هو منحوتة "البيسون يلعق لدغة حشرة"، التي تعود إلى 14 ألف عام، تم اكتشاف هذه التحفة في أواخر القرن التاسع عشر، في كهف مادلين بجنوب غرب فرنسا، وهو يجسد بمهارة حيوان البيسون السهبي وهو يقوم بلعق جانبه، ربما لتخفيف لدغة حشرة.

ويشتهر كهف مادلين وذلك الموقع بالكامل،  بأنه مصدر مهم للثقافة المجدلية والتي امتدت من 17,000 إلى 12,000 عام قبل الميلاد، التي تميزت بتقدمها في فن نحت العظام والأدوات الحجرية.

انعكاس الجانب الثقافي في القطعة الفنية 

ويعطينا هذا التمثال الرائع نظرة أفكار أسلافنا في العصر الجليدي، حيث استخدموا قرون الرنة كوسيط لصنع منحوتاتهم المذهلة، وعبر الأقدمون من خلال هذه القطعة عن أفكارهم العميقة وتعمقهم بهذا العالم. 
ويميز هذا العمل الفني تفاصيله الواقعية التي تعكس الشكل العضلي لثور البيسون السهبي، وطيات جلده، ووضعية لعقه لجانبه، وتعتبر هذه التفاصيل الدقيقة نادرة للغاية في فن العصر الجليدي، وتظهر المهارة الكبيرة للفنان الذي كان يعمل في تلك الفترة بأدوات بسيطة.
ويعطينا هذا التمثال لمحة عن البيسون السهبي ، وهو حيوان عاش في العصور الجليدية وتجول في السهول الباردة لأوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، كان البيسون جزءًا لا يتجزأ من حياة أسلافنا، حيث وفر لهم الغذاء والملابس والمواد لصنع الأدوات.

الفن الرمزي في العصر الجليدي 

تعكس وضعية البيسون مفاهيم الشفاء أو الحفاظ على الذات، مما يشير إلى ارتباط روحاني أو تعليمي بين الفنان والحيوان، تعد هذه التحفة الفنية دليلًا على المهارة والإبداع الذي كان يتمتع به الإنسان القديم.
وتؤكد على العلاقة العميقة التي تربط البشر بالحياة البرية، يظل "البيسون يلعق لدغة حشرة" مصدرًا للإلهام والتأمل، فهو رمز للعلاقة الأبدية بين الإنسان والطبيعة، وذلك طبقا لما ذكره موقع thearchaeologist.