الإثنين 27 مايو 2024

مصر والسعودية.. علاقـات تضـرب فـى جذور التاريخ

1-3-2017 | 14:09

بقلم: عادل عبد الصمد

لم يهيئ التاريخ الحديث لدولتين فى منطقتنا العربية من أسباب القوة والتعاون مثلما هيَّأ للمملكة العربية السعودية مصر، وهذا ما يفسر نمط وطبيعة العلاقات الثنائية المتميزة بين الدولتين منذ مطلع القرن العشرين؛ عندما بنى الملك عبدالعزيز آل سعود الدولة الحديثة فى الجزيرة العربية على أسس التعاون والتضامن مع دول الجوار، وكانت مصر بكل تاريخها وثقلها البشرى فى مقدمة هذه الدول لترسى دعائم الشراكة مع المملكة فى كل ما يحافظ على مقومات العالمين العربى والإسلامى.

لقد بنيت العلاقات السعودية- المصرية على ثوابت مشتركة ومتعددة، متشعبة فى المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية معتمدة على قوائم مشتركة، تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، فالدولتان لهما مواقع جغرافية ومحورية متميزة وتمتلكان مقومات سياسية وديموجرافية وعسكرية وضعتهما فى مقدمة أهم المناطق الاستراتيجية فى عالم اليوم أهمية.

ومن ثَمَّ فلا غرابة أن يتحمل قادة الدولتين على مر السنين مسئولياتهم ليكرسوا من دورهما ويضعوهما فى مكانهما الصحيح، لتؤدى كل دولة رسالتها الحقيقية فى الحفاظ على أمن وسلامة ومكانة العالمين العربى والإسلامى.

لقد توالت الأحداث الدولية لتعزز من أهمية هذا الدور، وأظهر التاريخ أهمية البلدين بالنسبة لموازين القوى الدولية على مدى مراحلها، إذ أصبحتا قوتين سياسيتين فاعلتين مكنتهما من أداء دور سياسى بالغ التأثير فى سياسات هذه المنطقة الحيوية من العالم بما تملكانه من مقومات الحركة والفعل والتأثير وبناء منظومة القيم والتقدم فى الحضارة العالمية المعاصرة.

وعلى الرغم مما تعرضت له المنطقة العربية، من اختلافات فكرية وسياسية طرأت على المنطقة ضمن إطار الحرب الباردة للمعسكرين الكبيرين وما نجم عن ذلك من بروز تحالفات إقليمية، إلا أن العوامل المشتركة التى تربط بين هاتين الدولتين ظلت تسهم فى بقاء العلاقة قوية بين الدولتين لا تتزعزع وما مرت به أحيانا كان بمثابة سحابة صيف سرعان ما تنقشع لتكشف عن عناصر جديدة من قوة التلاقى وإعادة الثقة التى كانت سريعا ما تلقى بظلالها الإيجابية على الأجواء فى مناخ منطقتنا العربية.

إن القادة الأوائل بذلوا جهدًا كبيرًا فى بناء علاقة قوية متينة، وقادة اليوم على الدرب سائرون.

سوف نعرض فى السطور التالية صفحات من تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين الكبيرين على مدى ٩٠ عاماً .

«عهد الملك سعود»

منذ أن تولى الملك سعود الحكم فى عام ١٩٥٣، زادت البعثات التعليمية السعودية ـ فى مختلف التخصصات ـ إلى مصر، وانفتحت مجالات التعاون الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين.

وعندما زار جمال عبدالناصر ـ رئيس وزراء مصر وقتها ـ المملكة على رأس بعثة العزاء فى وفاة الملك عبدالعزيز، التقى الملك سعود، فكان اللقاء بداية لتعاون كان يزداد اتساعا بمرور الوقت، وفى بداية عهد الملك سعود دعاه اللواء محمد نجيب فى ١٢ نوفمبر ١٩٥٣ لزيارة مصر، ولبى الملك سعود الدعوة، فكان أول زعيم عربى يزور مصر بعد ثورة ٢٣ يوليو، واستمرت الزيارة فيما بين ٢٠ – ٢٩ مارس ١٩٥٤ م.

كانت مصر تمر بمرحلة حرجة فى المفاوضات مع بريطانيا للجلاء عن أرضيها، لذلك رأى الملك سعود أثناء الزيارة دعم مصر بإعلان تأييد المملكة لها فقال للسفير البريطانى بالقاهرة: “إن العرب يعدون قضية مصر قضيتهم ويدافعون عنها، والسلام الحقيقى فى الشرق الأوسط رهن بتحقيق المطالب المصرية”.

وعندما زار الرئيس جمال عبدالناصر المملكة فى أغسطس ١٩٥٤م لأداء فريضة الحج ازدادت العلاقات السعودية- المصرية قوة، وتم تدشين المؤتمر الإسلامى ليكون هيئة تعنى بشئون المسلمين، كما عدت هذه الزيارة بداية للتنسيق الكامل بين البلدين لمواجهة المخططات الغربية، وإقامة حلف للدفاع عن المنطقة.

وفى عهد الملك سعود ـ رحمه الله ـ زادت أواصر الصداقة والتعاون فى الشئون العسكرية بين مصر والمملكة، فطلب الأمير مشعل بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودى من الملك سعود اعتماد المملكة فى كل شئونها العسكرية على مصر، هذا فى وقت أعلن فيه الملك سعود أن السياسة الخارجية للمملكة هى سياسة مصر وبخاصة فى النواحى السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وأصبحت العلاقات السعودية- المصرية على درجة من القوة والصلابة حتى إن الملك سعود ـ رحمه الله ـ أعلن أن سياسة كل من المملكة ومصر تسير فى اتجاه واحد، وبدا للجميع أن أى أخطار قد تواجهها إحدى الدولتين خطر على الدولة الأخرى.

«موقف السعودية من تأميم قناة السويس»

وعندما قام الرئيس جمال عبدالناصر بإعلان تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦، كان الملك سعود من أوائل زعماء الدول الذين أعلنوا موقفهم من قرار مصر، ففى ٢٩يوليو ١٩٥٦ أيد موقفها معلنا أن فى ذلك مصلحة مصر والعرب، وأنه يؤيد كل ما من شأنه أن يدعم الاقتصاد المصرى ويقوى مركز الأمة العربية، وقال: أنا مع مصر بكل ما أملك.

وعمت مظاهر الفرح ربوع المملكة حكومة وشعبا بالتأميم، وعندما قابل محمود فوزى ـ وزير خارجية مصر ـ سفير المملكة العربية السعودية فى يوم ٣ أغسطس ١٩٥٦م، أعلن السفير السعودى عن استعداد الملك سعود تزويد سفارات مصر بباريس ولندن وواشنطن بما تحتاجه من دعم مادى.

والتقى الشيخ يوسف ياسين ـ مبعوث الملك سعود ـ الرئيس عبدالناصر فى ٢٧ أغسطس ١٩٥٦م بناء على أوامر من الملك سعود لتأكيد دعم المملكة لمصر، ووضع الملك سعود تحت تصرف مصر عشرة ملايين دولار لزيادة رصيد مصر من العملات الأجنبية تسهيلا لعمليات التجارة الخارجية، ولمواجهة الضغوط الاقتصادية المفروضة عليها من الدول الرافضة للتأميم.

وكان الملك سعود حريصا على استمالة رؤية وموقف الولايات المتحدة إلى جانب الرؤية المصرية لحل الأزمة، ورصدت الصحافة رسائل كثيرة تبادلها الملك سعود مع الرئيس أيزنهاور، وأثرت هذه الرسائل على السياسيين والرأى العام العالمى، كما كان الملك سعود حريصا على توحيد الصف العربى خلف مصر فى هذه الأزمة.

ويعد الملك فيصل من أكثر الأمراء الذين زاروا مصر قبل أن يصبح ملكا حيث زار مصر أكثر من مرة وهو ولى للعهد، إبان حكم الملك سعود للمشاركة فى تأسيس الجامعة العربية «بيت العرب» والتقى فى ذلك الوقت بالزعيمين سعد زغلول ومصطفى النحاس وعددا من قادة مصر.

واصل الملك فيصل مسيرة الود والوفاء مع مصر وكانت وقفته إلى جانب مصر فى محنتها ومعاركها وقفات بطولية رائعة وكانت مأساة النكبة فى يونيو ١٩٦٧ من أشق المآسى على الراحل الكبير وكان يقول دائما إنه لولا حالة التمزق العربى لما وقعت فى تلك المأساة وكان يؤمن بأن العمل العسكرى لا يمكن أن ينجح ما لم تدعمه قوة التضامن.

وكانت زيارة فيصل إلى القاهرة فى يونيو ١٩٧١ مرحلة هامة وخطيرة من مراحل تطور العمل العربى الموحد وألقت المملكة العربية بكل ثقلها فى المعركة ولم يكن بترولا رغم خطورته ولم يكن الثقل مالا رغم ما للأموال من أهمية بالغة فى المعركة وإنما كان الثقل إلى جانب البترول والمال ثقلا روحيا لعب دورا هاما وخطيرا فى اتساع الجبهة التى تعادى التوسع الإسرائيلى ويقصد بذلك انضمام سبعمائة مليون مسلم إلى جانب إخوانهم العرب فى معركة المصير.

من أهمها عقب العدوان الإسرائيلى على مصر وسوريا والأردن فى ١٩٦٧ توجه الملك فيصل بن عبدالعزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدولة الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، وقرر مؤتمر الخرطوم فى أغسطس ١٩٦٧ دعما سنويا لدول المواجهة اسماه الملك فيصل التزاما وواجبا لا دعما أو تبرعا ووقفت المملكة بجانب مصر بالمال والسلاح والرجال فى حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣ وأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز قراره التاريخى أثناء الحرب بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة لإسرائيل دعما لمصر فى هذه الحرب، وأرسل سربا من الطائرات للمشاركة فى المعركة وقال ردا على تهديدات الغرب “ماذا يخيفنا؟” إننا لا نخشى الموت لقد عاش آبائى وأجدادى مئات السنين على ثمار النخيل ونحن مستعدون أن نعود للخيام ونعيش مثلهم ونستغنى عن البترول وتقديرا لدوره الكبير أطلق المصريون اسم الملك فيصل على العديد من شوارع مصر وميادينها وأحيائها. وقام الملك فيصل بالطوف بموكبه فى عدد من المدن المصرية فى استقبال شعبى بهيج وقد رفعت رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة تقول “مرحبا ببطل العبور السادات وبطل معركة البترول” وشعر العالم بأهمية التماسك العربى وقت المحن مما كان له أثره فى إيجاد ضغط عالمى، مما أعطى للعرب أهمية من خلال ما يملكونه من طاقة ووحدة الصف العربى. والمملكة تجد نفسها فى علاقاتها مع مصر ملتزمة بمبدأ التشاور فيما يهم البلدين والعالم العربى على الصعيد العالمى خدمة للمصلحة العربية العليا.

استمر حكم الملك خالد رحمه الله من عام ١٩٧٥حتى عام ١٩٨٢ ووصف حكمه بعهد الخير، حيث انطلقت البلاد فى سباق مع التنمية، حيث شهدت فترته تنفيذ مشاريع ضخمة فى مجالات عدة وكان تواصله مع مصر له تميز وتفرد فى العلاقات الأخوية على جميع الأصعدة.

تعتبر زيارة جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود إلى مصر الزيارة الأولى بعد توليه عرش المملكة العربية السعودية والتى دامت أربعة أيام. وكان الرئيس أنور السادات ينتقل مع جلالته ما بين القاهرة والإسكندرية وبين القاهرة والسويس، حيث افتتح حى الملك فيصل رحمه الله.

وبعد عودة جلالة الملك خالد إلى المملكة العربية السعودية صدر عن الزيارة التاريخية البيان المشترك التالى:

تلبية لدعوة من الرئيس محمد أنور السادات لأخيه جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، ودعما لوحدة الأمة العربية فى نضالها من أجل تحرير الأرض واستعادة الحق العربى والحفاظ على المقدسات الإسلامية وتوثيقا لعرى الود والإخاء بين شعبى المملكة العربية السعودية ومصر على النهج الذى أرسى قواعده المغفور له جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز وحرصا من جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية على أن يخص مصر الشقيقة قلعة الصمود العربى بأول زيارة رسمية يقوم بها خارج بلاده بعد توليه مقاليد الحكم، فقد قام جلالته بزيارة جمهورية مصر العربية فى الفترة ما بين السابع والحادى عشر من شهر رجب سنة ١٣٩٥هجرية الموافق ١٦ إلى ٢٠ من تموز سنة ١٩٧٥ميلادية...

وقد استقبل جلالة الملك خالد ضيف مصر الكبير على الصعيدين الشعبى والرسمى استقبالا وديا رائعا يعكس ما يكنه شعب مصر العظيم وقادته من محبة وتقدير لشعب المملكة العربية السعودية وعاهلها المؤتمن على مقدسات الإسلام والراعى لحمى الحرمين الشريفين ويعبر عن الشعور الصادق نحو المملكة العربية السعودية والتقدير العظيم لدعمها المادى والمعنوى لمعركة الصمود التى تخوضها الأمة العربية ضد العدوان والعنصرية.

وقد تجلت هذه المشاعر فى الاستقبالات الحماسية الزاخرة التى قوبل بها جلالة الملك خالد أينما حل فى القاهرة والإسكندرية وعلى طول الطريق بينهما وفى مدينة السويس الباسلة رمز الصمود العربى وتصميم الأمة العربية على ردع العدوان الإسرائيلى، حيث تجلى فى كل هذه الاستقبالات الحافلة ما يرمز إليه جلالة الملك خالد لدى شعب مصر باعتباره قائدا للشعب العربى السعودى الذى تربطه أوثق روابط العقيدة واللغة والتاريخ، ووحدة المصالح والآمال.

وأثناء الزيارة أجرى الملك خالد بن عبدالعزيز والرئيس محمد أنور السادات محادثات سادتها روح الأخوة والصراحة والتفاهم التام وتناولت العلاقات بين الشقيقين والوضع الراهن فى العالمين العربى والإسلامى والقضايا العربية المصيرية وفى مقدمتها قضية فلسطين وكذلك الموقف الدولى بوجه عام.

وفى مجال العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين أكد الزعيمان ارتياحهما للنمو المضطرد فى هذه العلاقات وتطورها لصالح البلدين والشعبين واتفقا على ضرورة تدعيم التعاون بينهما فى جميع المجالات. وانطلاقا من ذلك فقد جرى توفير تسهيلات ائتمانية بمبلغ ستمائة مليون دولار لدى البنك المركزى المصرى لدعم اقتصاد البلد الشقيق، كما قرر جلالة الملك خالد المساهمة فى مشروع الإسكان الشعبى فى حلوان.

ولما توفى الملك خالد فى سنة ١٤٠٢ هجريا - ١٩٨٢ ميلاديا بويع ولى عهده فهد ملكا للبلاد، فعمل جاهدا لترسيخ قواعد الشريعة الإسلامية وتحقيق المزيد من النهضة فى البلاد وخدمة الإسلام والمسلمين فى جميع المجالات ،وقد حقق الملك فهد العديد من الإنجازات وفى مقدمتها على الصعيد الإسلامى «مشروع خادم الحرمين الشريفين لعمارة الحرمين الشريفين» فتمت توسعتهما بحيث يستوعب المسجد الحرام أكثر من مليون ونصف مليون مصل والحرم المدنى أكثر من مليون ومائتى ألف مصل بالإضافة إلى حركة الإنشاء والتعمير التى شملت الأراضى المحيطة بالحرمين لتوفير الراحة والأمن والاستقرار للحجاج والمعتمرين والزوار والمصلين، وهو أول من أعلن رسميا استبدال لقب صاحب الجلالة ليكون اللقب الرسمى للملك هو «خادم الحرمين الشريفين» وكان أحب لقب إليه، وفي عهده استؤنفت العلاقات بين مصر والسعودية عام ١٩٨.. توُفى الملك فهد سنة ٢٠٠٥.

 

عبدالله بن عبدالعزيز، الملك السادس للمملكة العربية السعودية، هو الابن الثانى عشر من أبناء الملك عبدالعزيز الذكور، ولد فى عام ١٩٢٤ بمدينة الرياض. فى عام ١٩٩٥ استلم إدارة شئون الدولة وأصبح الملك الفعلى بعد إصابة الملك فهد بجلطات ومتاعب صحية وبعد وفاة الملك فهد فى ١ أغسطس ٢٠٠٥ تولى الحكم، وبالإضافة لكونه ملكا للدولة فقد كان يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء تبعا لأحكام نظام الحكم فى المملكة القاضية بأن يكون الملك رئيسا للوزراء.

كان الملك عبدالله صارما فى دعم مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ضد جماعة الإخوان.

رسالة الملك عبدالله لمصر

وفى يوم الجمعة الموافق ١٦ أغسطس ٢٠١٣ فاجأ العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالم برسـالة بثها التليفزيون السعودى، حمـلت أقوى رسالة تأييـد من جانبه لمصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، كما حملت رسالة تهديد لكل من يقف ضد إرادة الشعب المصرى الذى ثار ضد الإرهاب. وأكد الملك عبدالله، فى خطابه الذى ما زال يتذكره المصريون حتى الآن، وقوف بلاده مع مصر ضد الإرهاب وقال: «إن السعودية شعبا وحكومة وقفت وتقف مع أشقائها فى مصر ضد الإرهاب»، مؤكدا أن كل من يتدخل فى الشئون مصر الداخلية يوقد نار الفتنة. وقال العاهل السعودى الراحل: «لقد تابعنا ببالغ الأسى ما يجرى فى وطننا الثانى مصر، من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار وأمن مصر، وشعبها، وتؤلم فى الوقت ذاته كل محب حريص على ثبات ووحدة الصف المصرى الذى يتعرض اليوم لكيد الحاقدين فى محاولة فاشلة - إن شاء الله – لضرب وحدته واستقراره، من قبل كل جاهل أو غافل أو متعمد عما يحيكه الأعداء». وأضاف العاهل السعودى الراحل: «إننى أهيب برجال مصر والأمتين العربية والإسلامية والشرفاء من العلماء، وأهل الفكر، والوعى، والعقل، والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، فى وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها فى تاريخ الأمة الإسلامية، والعربية، مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء، وألا يقفوا صامتين، غير آبهين لما يحدث، فالساكت عن الحق شيطان أخرس»، مؤكدا أنه «ليعلم العالم أجمع، أن المملكة العربية السعودية شعبا وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها فى مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية، فى عزمها وقوتها- إن شاء الله وحقها الشرعى لردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس من أشقائها فى مصر، وليعلم كل من تدخل فى شئونها الداخلية بأنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذى يدعون محاربته، آملا منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، فمصر الإسلام والعروبة، والتاريخ المجيد، لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك، وأنها قادرة- بحول الله – وقوته على العبور إلى بر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء بأنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم.

وعقب رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز سافر الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية لباريس ليلتقى مع الرئيس فرانسوا أولاند ويلقى خطابا موجها لكل أوربا، يعلن بصراحة ووضوح أن المملكة ستقف مع مصر وبأنها لن تسمح بانهيارها أو فرض الحصار عليها.

وقال فى تصريح لـ»وكالة الأنباء السعودية»: «ما تشهده مصر الشقيقة اليوم يعبر عن إرادة ثلاثين مليون مصرى معربين عن رغبتهم فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهو الأمر الذى أدى إلى اجتماع كافة القيادات والقوى السياسية والاجتماعية للإعلان عن خارطة طريق جديدة تقود مصر لبر الأمان، بعد أن رفضت الرئاسة السابقة الاستجابة لرغبات الملايين من الشعب المصرى. وتضمنت خارطة الطريق تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى تواريخ محددة تشارك فيها كافة القوى السياسية».

إن المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا وقفت وستقف دائما مع مصر وأن الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولى بمصيرها أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولى أن يعى مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين بأن المملكة جادة ولن تتهاون فى مساندة الشعب المصرى لتحقيق أمنه واستقراره، أما من أعلن وقف مساعدته لمصر أو يلوح بوقفها فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكاناتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر، فمصيرنا واحد وهدفنا واحد، فكما تنعمون بالأمن والهدوء والاستقرار فلا تستكثروا علينا ذلك.

وهكذا عبر ٩٠ عاما يتضح أن العلاقة بين البلدين، مصر والسعودية، هى علاقة أخوة وتضامن بين الأشقاء ومصير مشترك بين البلدين، باعتبارهما قلب العالم العربى والإسلامى.