الأحد 29 سبتمبر 2024

«كونفوشيوس» صاحب فلسفة الحياة الصينية لمدة عشرين قرنًا

كونفوشيوس

ثقافة29-9-2024 | 13:38

همت مصطفى

هو أول فيلسوف صيني ينجح  في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى،  ولقد كانت تعاليمه وفلسفته ذات تأثير عميق في الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية إنه هو أشهر الفلاسفة الصينيين على الإطلاق «كونفوشيوس».

«الملك الفيلسوف» 

 

لفظ اسم «كونفوشيوس».  هو الصيغة اللاتينية لاسم الفيلسوف الصيني الكبير،  كونغ فوتسو الذي يعني «الملك الفيلسوف» وتكتنف الأسطورة حياة كونفوشيوس المبكرة إلا أنه قيل إنه كان أشد الأولاد دمامة في الصين، أذناه مسطّحتان ضخمتان، وأنفه أفطس كأنف الملاكمين وأسنانه ناتئة وحادة، وقيل أيضا، إنه كان منذ صغره ذكيا، بل مفرط الذكاء، وكان «كونفوشيوس» محترما جداَ في حياته.

 

وفي شبابه التحق بخدمة الحكومة، وعمل طوال سنين بجدّ ونجاح في مهنته هذه، ولكن مع تقدّمه في السن بدأ يحسّ بالرغبة في تحسين نوع الحياة بين إخوانه بني البشر،  إلا أنه لم يفكر في أن ذلك من شأن حكومة خيّرة كريمة تقدّم الإنعامات والهبات إلى الرعايا، بل إن على هؤلاء أنفسهم أن يحسّنوا نمط حياتهم ومواقفهم من جيرانهم، بالاختصار كان يودّ تنمية حس أفضل من المسؤولية الاجتماعية.

 

 استقال «كونفوشيوس» من وظيفته، في سن الستين، من عمره  وأنشأ مدرسة يعلّم فيها تلاميذه أفكاره، تمهيداً لإرسالهم إلى الأرياف الصينية لنقل تعاليمه إلى سكانها، وكان مخططه كبيرًا وطموحًا، ويتناول الأخلاق، والواجبات العائلية، والإصلاح الاجتماعي، العلاقات الشخصية الفردية، ويقال إنه لم يدوِّن الكثير من آرائه وأفكاره كتابة، ولكن أتباعه فعلوا ذلك، ومن بين الأعمال التي تُعزى إلى تعاليمه «المنتخبات الأدبية»، وهي سجل محاضراته.

 

 العصر الذهبي للإنسانية

 

وكان «كونفوشيوس» محافظًا في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان في القدم وراءها، أي كان في الماضي، وهو لذلك كان يحن إلى الماضي ويدعو الناس إلى الحياة فيه، ولكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة.

 

واشتدت هذه المعارضة بعد وفاة «كونفوشيوس»  ببضع مئات من السنين، عندما حكم الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا تعاليمه، ورأوا فيها نكسة مستمرة، لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها، بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء، وعادت  تعاليم كونفوشيوس  أقوى مما كانت وانتشر تلاميذه وكهنته في كل مكان.

واستمرت فلسفة «كونفوشيوس» تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرنا، أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.

 

أما إيمان أهل الصين بفلسفة «كونفوشيوس»  فيعود إلى سببين الأول أنه كان صادقا مخلصا، والثاني  أنه شخص معقول ومعتدل وعملي، وهذا يتفق تماما مع المزاج الصيني، بل هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفته في الصين. وهو بذلك كان قريباً منهم، فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يطوروها،  وإنما هو أكد لهم كل ما يؤمنون به فوجدوا أنفسهم في تعاليمه، ولذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية ولم تتجاوزها إلا إلى اليابان وكوريا.

 

فلسفة «كونفوشيوس» بعد  الشيوعية 

 

وفلسفة «كونفوشيوس»  انحسرت تماما عن الصين،  بعد أن تحولت إلى الشيوعية واتجهت الصين نحو المستقبل وانتزعت نفسها من هذه الديانة وذلك بالبعد عن الماضي ومسالمة الناس في الداخل والخارج، ولكن تظل فلسفة كونفوشيوس هي التي حققت سلاما وأمنا داخليا أكثر من عشرين قرناً للصين. و فشلت الكونفوشيسية أن تترك أثرا يذكر خارج الصين.

أقوال «كونفوشيوس»

 

ومن أقوال «كونفوشيوس»  في الرجل المتفوّق: ىالرجل المتفوّق يودّ أن يكون بطيئاً في أقواله، وجادّاً في تصرّفه، ما يبحث عنه الرجل المتفوق في نفسه، يبحث عنه الرجل العادي في الآخرين.