كشفت دراسة دولية حديثة عن أدلة تاريخية تشير إلى وجود كائنات دقيقة عاشت في أعماق الصخور في جرينلاند قبل 75 مليون سنة ما يوفر نظرة جديدة على "المحيط الحيوي العميق" وهو نظام بيئي خفي يقع بعيدًا تحت سطح الأرض، وتلك الدراسة كانت بقيادة الدكتور هنريك دريك من جامعة لينيوس.

كائنات تعيش حتى الآف الأمتار تحت الأرض

ويُعد المحيط الحيوي العميق بيئة صعبة للكائنات الحية، حيث يقع على أعماق مئات أو حتى آلاف الأمتار تحت الأرض، في غياب ضوء الشمس وندرة أو انعدام الأكسجين المذاب، ومع ذلك، فإن الكائنات الدقيقة تكيفت للبقاء على قيد الحياة في هذه الظروف القاسية على مدى ملايين السنين.

ركز دريك وفريقه على الجزء الغربي من جرينلاند، حيث قاموا بحفر عمق في قاع الصخور لتحليل كسور القشرة الأرضية، واكتشفوا معادن على هذه الكسور، تعمل كدليل جيوكيميائي للحياة القديمة.

وباستخدام تقنية تأريخ متقدمة تعتمد على تحليل كربونات الكالسيوم، قاموا بتقييم تحلل اليورانيوم إلى الرصاص، مما أشار إلى وجود الكائنات الدقيقة في هذه الكسور منذ 64 إلى 75 مليون سنة.

استخرج الفريق العديد من العينات من أعماق تصل إلى مئات الأمتار في جرينلاند، وقد عُثر على "بصمات كيميائية" تدل على ازدهار الحياة في تلك البيئة القاسية.

واكتشفوا أيضًا آثارًا بيولوجية، مثل الأحماض الدهنية البكتيرية، محفوظة داخل بلورات كربونات الكالسيوم، مما يدعم فكرة وجود الكائنات الدقيقة في هذه الشقوق العميقة منذ ملايين السنين.

وقد أجرى الباحثون تحليلات لنظائر الكبريت في المعادن التي تشكلت في الكسور، وأظهرت النتائج أن هذه المعادن تشكلت نتيجة لعملية اختزال الكبريتات الميكروبية، وهي عملية تعتمد عليها البكتيريا للحصول على الطاقة في بيئات فقيرة بالأكسجين، مما يؤكد وجود الحياة القديمة في أعماق جرينلاند.

هذا الاكتشاف لا يوسع فقط معرفتنا حول الحياة في المحيط الحيوي العميق، بل يفتح أيضًا آفاقًا جديدة لفهم كيفية بقاء الحياة في بيئات قاسية لفترات زمنية طويلة.

ويعزز هذا البحث الفكرة بأن الحياة في أعماق الأرض تأثرت بحركات القارات، ويثير تساؤلات حول إمكانية وجود حياة مماثلة في بيئات متطرفة أخرى، مثل الكواكب الأخرى، وذلك طبقا لما ذكره موقع labrujulaverde.