الجمعة 4 اكتوبر 2024

تعرف على دلالات الألوان في العصور الوسطى

المخطوطة تعود إلى القرن الخامس عشر توضح زي الرهبان

ثقافة4-10-2024 | 19:49

إسلام علي

امتلكت العصور الوسطى زوقا خاصا في استخدام الألوان يختلف تمام الاختلاف عن الأن، فكانت الألوان لها معاني روحية وكونية فضلا  عن المعاني الدينية، بل انتشر بين الحضارات في القرون الوسطى استخدام الألوان طبقا للتأثير الحيوي لها على الإنسان. 

قدم المؤرخ الفرنسي ميشيل باستورو نظرة ثاقبة على الألوان بالقرون الوسطى، فقال إن علماء العصور الوسطى ليدهم نفس الاعتقاد عن مفهوم الألوان، التي تنقسم إلى سبعة ألوان رئيسية وهي: الأبيض، الأصفر، الأحمر، الأخضر، الأزرق، الأرجواني، والأسود.

كان اللون الأخضر له أهمية خاصة؛ إذ اعتُبر لونًا مهدئًا، حيث كان الكتبة يحتفظون بأشياء خضراء قريبة منهم لتخفيف الضغط على أعينهم. 

وأوصى الشاعر بودري دي بورغويل باستخدام الألواح الخضراء للكتابة بدلاً من البيضاء أو السوداء، وذلك بسبب تأثيرها البصري الإيجابي.

يبرز باستورو كيف أن اللون الأحمر كان يُعتبر في العصور الوسطى نظيرًا حقيقيًا للون الأبيض، حيث كان يُستخدم في بعض الألعاب مثل الشطرنج، حيث طُليت القطع بالأبيض والأحمر، بعكس التقليد الهندي الذي استخدم الأسود والأحمر، فانتشار التمييز بين الأبيض والأسود لم يحدث إلا في أواخر العصور الوسطى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ظهور الطباعة، مما عزز الفهم للألوان كأضداد طبيعية.

الرمزية في الأدب

كانت روايات الملك آرثر، التي كانت شعبية في العصور الوسطى العليا، تستخدم الألوان بشكل رمزي للتعبير عن الصفات الأخلاقية للشخصيات، فمثلا كان الفارس الأسود يمثل الشجاعة والرغبة في إخفاء الهوية، بينما الفارس الأحمر كان يعبر عن الخيانة والشر، وفي حين أن الفارس الأبيض يُعتبر رمزًا للخير والحكمة، والفارس الأخضر يُمثل الشباب والجسارة، أما الفرسان الأصفر والذهبي فكانوا نادرين.

الرهبنة والألوان

على الرغم من أن القواعد الرهبانية في العصور الوسطى المبكرة كانت تنص على عدم الاهتمام بلون الملابس، إلا أن هذه القواعد تغيرت مع مرور الزمن.
اعتقد الرهبان الكلونيون أن اللون الأسود هو الأنسب، في حين أصر الرهبان السيسترسيون على اللون الأبيض، وكانت هناك مجادلات حادة حول الرمزية المرتبطة بكل لون، حيث اعتُبر الأسود رمزًا للتواضع بينما الأبيض يُعتبر رمزًا للفخر.

اللون الأخضر في الإسلام

ارتبط اللون الأخضر بالإسلام، حيث ذُكر في القرآن عدة مرات كمؤشر على الجنة والربيع، ففضل النبي محمد الملابس الخضراء، واعتُبر اللون رمزًا للأمل والخير، ارتبطت الألوان الأخرى بالسلالات الإسلامية الحاكمة، مثل الأبيض للأمويين والأسود للعباسيين.

الثورة الزرقاء

يشير باستورو إلى أن اللون الأزرق كان مهملاً بين الإغريق والرومان، لكن شهد عودة قوية في القرن الثاني عشر، وتم استخدام الأزرق لتمثيل ملابس العذراء مريم، مما جعل هذا اللون معيارًا في الفن، وكما بدأ الملوك في ارتداء اللون الأزرق، مما أدى إلى اعتباره لون العائلة المالكة.

تدهور اللون الأصفر

في البداية، كان للون الأصفر سمعة إيجابية بفضل تشابهه مع الذهب، لكن في أواخر العصور الوسطى، بدأ يرتبط بالحسد والهرطقة، تم تصوير يهوذا، الرسول الذي خان يسوع، مرتديًا ملابس صفراء، وأصبح هذا اللون مرتبطًا باليهود، مما ساهم في تدهور شعبيته واعتباره لونًا غير مرغوب فيه في الثقافة الأوروبية.
باختصار، تُظهر الألوان في العصور الوسطى رموزًا معقدة تعكس الثقافات والدينات المختلفة، حيث تتداخل الرمزية الدينية والأخلاقية مع المعتقدات الاجتماعية والسياسية، وذلك طبقا لما ذكره موقع medievalists.

الاكثر قراءة