قال السفير الدكتور عاطف سالم، سفير مصر الأسبق لدى تل أبيب، إنه على مدار عام كامل مضى دمرت إسرائيل قطاع غزة، واستهدفت البشر والشجر والحجر، في سابقة أعادت السلوك البشري الإسرائيلي إلى حروب العصر الجاهلي وغزوات التتار والمغول، وذلك بدعم ومساندة كاملة من الولايات المتحدة الأمريكية وقوى غربية.
وأضاف السفير عاطف سالم - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت، في ذكرى مرور عام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة - أن المجتمع الدولي والمنظمات الأممية عجزت عن فرض رؤيتها وقواعدها القانونية التي تحكم العلاقات الدولية، وفشلت في إجبار إسرائيل على الانصياع للشرعية الدولية.
وأبرز السفير سالم عدة مواقف تثبت تحدي الدولة العبرية للمجتمع الدولي وقوانينه، مستشهداً بتمزيق المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة لميثاق المنظمة في جلسة علنية، وإهانة مندوبي دول مجلس الأمن، فضلاً عن اتهام وزير خارجية إسرائيل للأمين العام للأمم المتحدة؛ بسبب مواقفه المعتدلة، بأنه يعيش في عصر وهمي آخر، وذلك قبل أن يعلنه الخميس الماضي شخصاً غير مرغوب فيه في إسرائيل.
وأكد أن حرب غزة أظهرت عجز المجتمع الدولي عن حماية قوانينه وقيمه، بعد تركه إسرائيل تستخدم كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة في اغتيال البنية القيادية للشعب الفلسطيني وتدمير بنيته التحتية ومستقبله، بينما وقف العالم كله موقف المتفرج بل والمساند للدولة العبرية في سلوكها الذي يتعارض كلياً مع الشرعية الدولية.
وتابع أن المجتمع الدولي تغاضى أيضاً عن ما يحدث في السجون الإسرائيلية المكتظة بالأسرى الفلسطينيين، بل أنها تعدت قدرتها الاستيعابية في احتجاز الفلسطينيين، علاوة على الحواجز الممتدة في الضفة الغربية بأعداد كبيرة تعوق الحركة وتفرض هيمنتها على حركة الشعب الذي يعاني لسنوات دون أن يجد ما يسانده أو يمنحه حقوقه.
وأوضح أن المجتمع الدولي لم ينتفض أمام اتهام إسرائيل لوكالة "الأونروا" - التي تساعد نحو 6 ملايين فلسطيني - بـ "الإرهاب"، بل ودعت حكومة تل أبيب الغرب إلى تعليق المعونات لها، ومنعت موظفي الأمم المتحدة من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية، وهددت المحكمة الجنائية الدولية ومسئوليها واتهمت كل من صرح بجملة إيجابية في صالح الشعب الفلسطيني بأنه "كاره لإسرائيل ومعاد للسامية".
وأشار إلى أنه على مدار عام كامل لم يستطع مجلس الأمن إصدار قرار واحد يوقف النار وينقذ المدنيين والأطفال من الموت، كما لم يُرغم المجتمع الدولي حكومة تل أبيب على إنجاز هدنة إنسانية في غزة تسمح بفتح الطريق للحلول الدبلوماسية حقناً لدماء الأبرياء، ولم تنجح أي محاولة لإعادة المسار الفلسطيني إلى وضعه الطبيعي وحقوقه المشروعة.
ولفت إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى ارتكبتها حكومة تل أبيب دون رادع، بالإضافة إلى استخدامها لسلاح الجوع في تلك الحرب، بجانب إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني لمنع وإعاقة تدفع المساعدات الإغاثية إلى القطاع المنكوب لإنقاذ الأطفال والمدنيين من الجوع والعطش.
ورأى سفيرنا الأسبق لدى إسرائيل أن القضية الفلسطينية لم تكن مجرد قضية احتلال أرض وتهجير شعب بقدر ما كانت مسألة تتقاطع معها كافة المعايير الإنسانية والأخلاقية والقانونية التي عملت بعض الدول الغربية على نشرها بل وفرضتها على كافة المحافل والمنتديات الدولية، بينما منذ عام 1948 وما قبله نشط الكيان الإسرائيلي في تطبيق معاييرها اللاإنسانية على الشعب الفلسطيني ناكراً حقه في الوجود بل وعدم الاعتراف به كشعب نشأ في أرضه وله تاريخه ومقدراته.
وذكر في هذا الصدد بأنه ومع نشأة الدولة الإسرائيلية بدعم غربي أصدرت مجموعة من القوانين حرمت بموجبها الشعب الفلسطيني من حقوقه ومقدراته وفي مقدمتها قانون العودة الذي يسمح لأي يهودي في العالم بالتمتع بالجنسية الإسرائيلية وحق العودة إلى فلسطين، وصولاً إلى قانون يهودية الدولة الذي جعل من المواطن الفلسطيني المقيم على أرضه مواطناً من الدرجة الثانية، هذا فضلاً عن عمليات التهجير وبناء المستوطنات وضم القدس الشرقية وتهويدها ومصادرة الأراضي وغيرها.
واعتبر أن إسرائيل أقامت خططها على أنها لن تعود إلى خطوط 67 بل ولن تقبل بوجود دولة فلسطينية، كما أنها تنصلت من مسئوليتها كقوة احتلال، حيث لا تتعامل على أن هناك وثائق مقدسة ولا تحترم القانون الدولي الإنساني وتحتكر الحقوق وتبرر الجرائم.
وسلط الضوء على الجانب الأممي حيث أصدر مجلس الأمن الدولي ما يزيد عن 115 قراراً، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ما يزيد عن 700 قرار، ولم تكن كلها كافية لإقناع القوى الاستعمارية منح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة فب إقامة وطنه على أرضه.
وانتقد السفير عاطف سالم، العالم الغربي الذي يرى القضية الفلسطينية من منظور واحد وهو الدعم الكامل لإسرائيل بصرف النظر عن الشرعية والقرارات الدولية.