سجلت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة أبشع مشاهد العصر الحديث، حيث ارتكبت فيها ما لايرتكب وفعلت ما لايفعل، حتى تركت القطاع مدمر على أهله جراء إلقاء نحو 83 ألف طن من المتفجرات، ما خلف عشرات الآلاف بين شهيد وجريح.
وبداية من مجزرة مستشفى المعمداني، وصولًا إلى مجزرة الطحين، انتهاءً إلى مجزرة الفجر، تعمدت إسرائيل استهداف المدنيين بشكل متكرر، وسط صمت مخزي من المجتمع الدولي.
وفيما يلي أبرز المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق أهالي القطاع على مدى نحو عام:
مجزرة مستشفى المعمداني
في الـ17 من أكتوبر 2023، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبشع مشاهد العصر الحديث بقصف مستشفى المعمداني، ما أسفر عن سقوط 500 شهيد جلهم من النساء والأطفال.
وأثارت تلك المجزرة موجة غضب واسعة على المستويين الإقليمي والدولي، لكن الاحتلال اعتبرها كمقدمة لسلسة مجازر أخرى لاتزال متواصلة حتى الآن.
وآنذاك، أكدت الرئاسة الفلسطينية، أن قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى المعمداني في مدينة غزة، يعد جريمة إبادة جماعية وكارثة إنسانية تتحمل إسرائيل كامل المسؤولية عنها والمحاسبة عليها أمام المحاكم الدولية.
وبدورها، اعتبرت مصر هذا القصف المتعمد لمنشآت وأهداف مدنية، انتهاكًا خطيرًا لأحكام القانون الدولي والإنساني، ولأبسط قيم الإنسانية.
مجزرة مستشفى كمال عدوان
لاتوجد حصيلة رسمية عن تلك المجزرة، التي ارتكبت في النصف الثاني من ديسمبر الماضي، لكن الشاهد أن قوات الاحتلال ارتكبت فيها ما لايرتكب وفعلت ما لايفعل، لقد وصل بها الحال إلى قبر الجرحى أحياء بمستشفى كمال عدوان، حيث حفرت قوات الاحتلال حفرة كبيرة وألقت فيها جثث الشهداء باستخدام جرافاتها.
وآنذاك، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن تلقى شهادات وشكاوى من فرق طبية وإعلامية تؤكد أن الجرافات الإسرائيلية دفنت فلسطينيين أحياء في ساحة المستشفى قبل انسحابها منه.
وأضاف أنه كان بالإمكان مشاهدة أحد الجثث على الأقل وسط أكوام الرمال، وسط تأكيد مواطنين أنه كان مصابًا قبل دفنه وقتله.
مجزرة الطحين
في الـ29 من فبراير 2024، ارتكبت قوات الاحتلال واحدة من أبشع مجازرها ضد مدنيين ينتظرون المساعدات عند دوار النابلسي شمالي قطاع غزة مما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 100 فلسطيني، وإصابة مايزيد عن 800 آخرين، وذلك على الأقل تقدير.
وتعليقًا على ذلك، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن الاحتلال ارتكب هذه المجزرة المروعة مع سبق إصرار في إطار الإبادة الجماعية لأهالي القطاع، حيث كان يعلم بوصول الضحايا إلى المنطقة للحصول على مساعدات، لكنه قتلهم بدم بارد.
مقبرة مجمع ناصر الطبي
في الـ21 من أبريل الماضي، عُثر على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث بمجمع ناصر الطبي، ولاحقًا، كشف الدفاع المدني بغزة عن انتشال جثمان 400 شهيد من تلك المقبرة.
وفي ذلك الحين، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن المقابر الجماعية المكتشفة في المستشفيات، خاصة في مجمع الشفاء الطبي في غزة ومجمع ناصر الطبي في خان يونس، تثير شبهات بأن الجيش الإسرائيلي نفذ إعدامات خارج نطاق القانون بحق أشخاص معتقلين ومحتجزين ثم أقدم على دفنهم، حيث عثر على أشخاص مقيدين وأشخاص يبدو أنهم كانوا يتلقون علاجات.
ومن جهتها، طالبت حركة حماس "الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة، بضرورة إرسال فرق متخصصة في الطب الشرعي ومعدات لازمة للبحث عن المفقودين والتعرف على الجثامين".
مجزرة النصيرات
في الثامن من يونيو الماضي، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي أحد أبشع مجازره في غزة، بغية تحرير أربعة محتجزين إسرائيليين، حيث شن هجومًا وحشيًا غير مسبوق على مخيم النصيرات، ومناطق عدة في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن استشهاد نحو 270 فلسطينيًا، فضلًا عن سقوط نحو 400 مصاب على أقل تقدير. واللافت أنه على إثر تلك العملية قتل ثلاثة من المحتجزين بالقطاع.
وآنذاك، أفادت وزارة الصحة بغزة، بأن أعدادًا كبيرة من القتلى والمصابين تصل إلى مستشفى شهداء الأقصى، غالبيتهم من الأطفال والنساء، نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل على عدة مناطق في المحافظة الوسطى بالقطاع.
مجزرة المواصي
في الـ13 من يوليو الماضي، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة "المواصي" في سبيل إفشال مسار المفاوضات القائم مع حماس.
حيث قصف جيش الاحتلال خيام النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، رغم تصنيفها على أنها ضمن "المناطق الآمنة".
وأكد الدفاع المدني بغزة، آنذاك، أنه بعد انتهاء عملية البحث في المنطقة انتشلت طواقمه 400 شخص بين شهيد ومصاب، موضحًا أن القصف الإسرائيلي دمر 1200 خيمة ومقر لتوزيع مساعدات خيرية ومحطة تحلية مياه.
مجزرة الفجر
في الـ10 من أغسطس الماضي، أسفر قصف إسرائيلي بحق المصلين أثناء تأديتهم صلاة الفجر داخل مدرسة التابعين بمدينة غزة، عن استشهاد 100 فلسطيني، فضلًا عن عشرات المصابين.
وعلى وقع ذلك، قال مكتب الإعلام الحكومي بغزة، إن جيش الاحتلال قصف النازحين بشكل مباشر أثناء تأديتهم صلاة الفجر، مما رفع أعداد الشهداء بشكل متسارع، مشيرًا إلى أنه من هول المذبحة وعدد الشهداء الكبير، لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال جثامين جميع الشهداء حتى صدور البيان.
وقصف الاحتلال الإسرائيلي المدرسة، التي تؤوي نازحين بـ3 صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات، بحسب المكتب، الذي شدد على أنه كان يعلم بوجود النازحين داخل المدرسة.
وأكد على أن رواية الجيش الإسرائيلي لما حدث مليئة بالأكاذيب والمعلومات المزيفة، مشيرًا إلى أنه يسعى من خلال بياناته الزائفة تبرير جرائمه في حق شعبنا.
فيما قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "مدرسة التابعين" في غزة التي تعرضت لقصف إسرائيلي كبير خلف أكثر من 100 شهيد لا تضم أي تجمعات مسلحة أو مظاهر عسكرية.
وأظهرت جميع الأدلة والشهادات أن المدرسة خالية من أي تجمعات أو مراكز عسكرية، وكانت تؤوي المئات من الأطفال، إذ لم يكن ممكنًا أن تُعرض العائلات أطفالها للخطر لو كان الموقع يستخدم لأغراض عسكرية، طبقًا للمرصد.
وتعليقًا على ذلك، أكدت السلطة الفلسطينية أن تلك الجريمة نتيجة لفشل المجتمع الدولي ومؤسساته، بما فيها مجلس الأمن، في تحمل مسؤولياته لوقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى فشله المتواصل في توفير الحماية الدولية لشعبنا.