الإثنين 7 اكتوبر 2024

سيبري: تدفق الأسلحة والذخائر الغربية على إسرائيل أطالت أمد الحرب على غزة وهددت الأمن الإقليمي

أسلحة ثقيلة

عرب وعالم7-10-2024 | 19:12

دار الهلال

كشف تقرير حديث لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري) عن كميات التدفق الهائلة من الأسلحة والعتاد الغربي لإسرائيل، التي أدت إلى إطالة أمد الحرب على غزة على مدار العام الماضي، وتفاقم سوء الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، بل واتساع دائرة الصراع بالمنطقة الذي امتد ليشمل دول مجاورة، من بينها لبنان وسوريا وغيرها.

كما رصد التقرير حجم التدفق الهائل للأسلحة إلى إسرائيل خلال الفترة التى سبقت عملية "طوفان الأقصى"، وما تلا ذلك من استمرار التدفقات بصورة أكبر منذ السابع من أكتوبر 2023، مشيرا إلى أنه خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2023، شهدت إسرائيل زيادة كبيرة في وارداتها من الأسلحة، مما جعلها في مقدمة الدول المستوردة للأسلحة في العالم.

ووفقًا لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت إسرائيل تحتل المرتبة الخامسة عشرة عالميًا من حيث استيراد الأسلحة الرئيسية خلال هذه الفترة، حيث استحوذت على 2.1% من إجمالي واردات الأسلحة على مستوى العالم. وتمثل هذه الزيادة نقلة نوعية مقارنة بالفترة 2009-2013، مقارنة بالمرتبة السابعة والأربعين سابقًا.

وعلى الرغم من أن ثلاث دول رئيسية فقط زودت إسرائيل بالأسلحة الرئيسية خلال الفترة 2019-2023 - وهي الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا - إلا أن العديد من الدول الأخرى ساهمت بتزويدها بمكونات عسكرية وذخائر وخدمات، ويعتبر اعتماد إسرائيل على هذه الإمدادات أحد العناصر الرئيسية في تعزيز قدراتها العسكرية.

واستعرض التقرير ثلاثة من كبار مصدري الأسلحة الآخرين على المستوى العالمي من بين العشرة الأوائل وهي: المملكة المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، بالاضافة الى أربعة مصدرين آخرين من كبار المصدرين العشرة لا يشملهم التحليل: روسيا والصين (المصدرين الثالث والرابع) لعدم معرفتهم بتزويد إسرائيل بالأسلحة، وكوريا الجنوبية (المصدر العاشر) نظرًا لأن صادراتها إلى إسرائيل قليلة؛ وإسرائيل نفسها (المصدر التاسع).
وخلال تلك الفترة وقبل اندلاع عملية طوفان الأقصى، كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن 69% من واردات إسرائيل من الأسلحة، وقد شملت هذه الصادرات أنواعًا متنوعة من الأسلحة الرئيسية؛ مثل الطائرات والمركبات المدرعة والصواريخ والسفن. وتعتمد القوات الجوية الإسرائيلية بشكل كبير على الطائرات التي تصنعها الولايات المتحدة مع تعديلات خاصة للاستخدام الإسرائيلي. كما يعد التعاون بين الصناعات الدفاعية الأمريكية والإسرائيلية عنصرًا حيويًا في تعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل، وخاصة في مجالات مثل الدفاع الصاروخي.
وفي القانون الأمريكي منذ عام 2008، هناك التزام لضمان "التفوق العسكري النوعي" لإسرائيل، مما يعني قدرتها على مواجهة أي تهديد عسكري تقليدي محتمل من أية دولة أو تحالف دولي أو جهات غير حكومية. ويشمل هذا التفوق التكنولوجي وسائل عسكرية متقدمة في مجالات متعددة مثل الأسلحة والاتصالات والاستخبارات.
ومنذ عام 2016، التزمت الولايات المتحدة بتقديم 3.8 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية لإسرائيل بين 2019 و2028، وهو مستوى الدعم نفسه تقريبًا في العقد السابق، كما يشمل التعاون العميق بين الصناعات الدفاعية الأمريكية والإسرائيلية إنتاج أنظمة دفاعية مشتركة مثل القبة الحديدية ومنظومات الدفاع ضد الصواريخ.
وبعد 7 أكتوبر 2023، قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية طارئة إلى إسرائيل بسرعة. فبحلول 10 أكتوبر، تم نقل 1000 قنبلة موجهة GBU-39، وتسارعت تسليمات الأسلحة بموجب عقود سابقة. وشملت هذه التسليمات القنابل والمعدات الدفاعية مثل منظومات القبة الحديدية والقذائف المدفعية والمركبات المدرعة.
وكشف تقرير سيبري عن أن ألمانيا تسهم بـ30% من واردات إسرائيل من الأسلحة خلال نفس الفترة، وتركزت هذه الواردات على تعزيز القوة البحرية الإسرائيلية، فقد زودت ألمانيا إسرائيل بالفرقاطات والطربيدات، إلى جانب محركات المركبات المدرعة المستخدمة في الحروب، بما في ذلك الحرب في غزة. وقد لعبت الفرقاطات من طراز "ساعر 6" دورًا محوريًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة على غزة، بحسب تقرير سيبري.
وفي نفس الوقت، أشار التقرير إلى أن إيطاليا ساهمت بنسبة 0.9% من واردات إسرائيل من الأسلحة، وكانت أغلب هذه الواردات تشمل طائرات الهليكوبتر الخفيفة ومدافع بحرية لتجهيز الفرقاطات الألمانية، إلى جانب ذلك، تشارك إيطاليا في برنامج إنتاج طائرات "إف-35"، حيث تصنع مكونات أساسية لهذه الطائرات.
وبالنسبة لباقي الدول المتضمنة في التقرير، ووفقًا لبيانات أخرى من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أيضًا، لم تصدر المملكة المتحدة أية أسلحة رئيسية إلى إسرائيل منذ السبعينيات، ومع ذلك، تقوم المملكة المتحدة بتوريد مكونات لإسرائيل تستخدم في أنظمة مختلفة مثل الطائرات، والرادارات، ومعدات الاستهداف، بما في ذلك مكونات للطائرة المقاتلة F-35، وفي عام 2023، ورد أن المملكة المتحدة وافقت على تراخيص تصدير بقيمة لا تقل عن 17 مليون جنيه إسترليني (حوالي 22 مليون دولار) لصادرات عسكرية إلى إسرائيل، باستثناء التراخيص المفتوحة التي تسمح بتصدير كمية غير محدودة من السلع المحددة.
ومع ذلك، في أبريل 2024، صرح وكيل وزارة الدولة للقوات المسلحة ليو دوكيرتي أمام البرلمان: "لم يتم تزويد إسرائيل بأية معدات عسكرية قاتلة أو غيرها من المعدات العسكرية من قبل حكومة المملكة المتحدة منذ 4 ديسمبر 2023".
وأظهرت البيانات الرسمية حول تراخيص التصدير التي نُشرت في يونيو 2024 أنه كان هناك 345 ترخيصًا قائمًا (أي تراخيص لم تُستخدم بالكامل، أو تم التنازل عنها، أو إلغاؤها) تشمل إسرائيل كمتلقي، ومن بين هذه التراخيص، تمت الموافقة على 108 منذ 7 أكتوبر 2023، التي تغطي، من بين أمور أخرى، "مكونات لطائرات الهليكوبتر والطائرات ذات الأجنحة الثابتة، وذخيرة الأسلحة الصغيرة للتدريب، ومكونات الغواصات، ومكونات الدروع الواقية للجسم"، وأظهرت الإحصاءات أن 185 طلبًا للحصول على تراخيص تصدير كانت قيد النظر. ولم تتوفر أية معلومات أكثر حداثة للجمهور.
وفي ديسمبر 2023، رفعت منظمتان من المجتمع المدني، الشبكة العالمية للعمل القانوني (GLAN) ومنظمة الحق، قضية أمام المحكمة العليا في لندن تطعن في استمرار الحكومة في الموافقة على تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. وفي يونيو 2024، تم تحديد موعد جلسة الاستماع في أكتوبر 2024.
وفي الأول من سبتمبر 2024، أعلن وزير الدولة للأعمال والتجارة جوناثان رينولدز، أن المملكة المتحدة أوقفت جميع تراخيص تصدير الأسلحة التي "قُدّر أنها ستستخدم في العمليات العسكرية في غزة" بسبب المخاوف من احتمال استخدامها في "انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي"، وأثر ذلك على حوالي 30 ترخيصًا، تتعلق بعناصر تشمل مكونات لطائرات F-16 المقاتلة والطائرات بدون طيار، والأنظمة البحرية، ومعدات الاستهداف. 
وقال رينولدز إن التراخيص المتعلقة ببرنامج F-35 كانت مستثناة إلا إذا كانت المكونات ستذهب مباشرة من المملكة المتحدة إلى إسرائيل، وأعلنت الشبكة العالمية للعمل القانوني (GLAN) ومنظمة الحق أنهما ستستمران في الإجراءات القانونية بسبب استثناء مكونات F-35.
ولا تظهر بيانات معهد سيبري أية صادرات فرنسية للأسلحة الرئيسية إلى إسرائيل في الفترة من 2019 إلى 2023، حيث كانت آخر صادرات الأسلحة الرئيسية إلى إسرائيل من فرنسا في عام 1998. ومع ذلك، قامت فرنسا بتوريد مكونات للأسلحة.
ففي فبراير 2024، أبلغ وزير القوات المسلحة الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، لجنة الدفاع البرلمانية أن صادرات فرنسا إلى إسرائيل كانت تقتصر على "مكونات أساسية" تُستخدم بشكل رئيسي لإعادة التصدير من قبل إسرائيل. وأضاف أنه منذ أكتوبر 2023، طلب من الموظفين المدنيين أن يكونوا أكثر صرامة عند فحص الصادرات إلى إسرائيل، وأن الحكومة الفرنسية تسعى إلى أن تكون "لا تشوبها شائبة" فيما يتعلق بصادرات الأسلحة إلى إسرائيل. 
وطلب أعضاء البرلمان الفرنسي، إلى جانب منظمات المجتمع المدني، من الحكومة تعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وعلى سبيل المثال، في 11 أبريل 2024، قدمت مجموعة من منظمات المجتمع المدني الفرنسية ثلاث قضايا إلى محكمة إدارية ضد الحكومة الفرنسية تطالب بتعليق طارئ لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل. ومع ذلك، تم رفض جميع القضايا الثلاث.
وفي يونيو 2024، زعمت منظمة التحقيق المستقلة "ديسكلوز" أن الحكومة الفرنسية سمحت بتصدير معدات إلكترونية إلى إسرائيل تُستخدم في الطائرات بدون طيار من طراز Hermes 900، والتي ربما تم نشرها لمراقبة التطورات على الأرض في غزة.
وبخصوص إسبانيا، دعت وزيرة الشؤون الاجتماعية الإسبانية بالوكالة، إيون بيلارا، الدول الأوروبية في 25 أكتوبر 2023 إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وفرض حظر على الأسلحة وعقوبات اقتصادية ردًا على ما وصفته بإعلان بنيامين نتنياهو "الأمم المتحدة غير مرغوب بها في إسرائيل".
وردًا على "تقارير في بعض وسائل الإعلام"، أصدرت وزارة الخارجية الإسبانية والاتحاد الأوروبي والتعاون بيانًا صحفيًا في 12 فبراير 2024 يؤكد أنه لم يتم ترخيص أية مبيعات أسلحة إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023.
وباختصار، شهدت الفترة من 2019 إلى 2023 تحولًا جذريًا في استيراد إسرائيل للأسلحة، حيث صارت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا العسكرية الحديثة التي توفرها الدول الكبرى، مما زاد من قدراتها العسكرية وأثار جدلاً دوليًا حول تأثير هذه الصادرات على النزاعات الإقليمية.
وقد عززت واردات الأسلحة الضخمة من ثلاث دول كبرى من القوة العسكرية لإسرائيل بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى زيادة قدرتها على تنفيذ عمليات عسكرية معقدة في المنطقة في وقت تزايدت فيه التوترات الأمنية والتهديدات على الأمن الإقليمي.
وأشار التقرير - في الوقت نفسه- إلى أن هذه الزيادة الكبيرة في واردات إسرائيل من الأسلحة أدت إلى زيادة الضغوط على بعض الدول الموردة لها، لا سيما في ظل القلق المتزايد بشأن استخدامها في النزاعات المسلحة وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. وقد تمثل هذه الصادرات تحديات قانونية ودبلوماسية للحكومات التي تواصل تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، في وقت تواجه فيه انتقادات بسبب استمرار الصراع في غزة والانتهاكات الانسانية الفظيعة المرتبطة به.
وعقب تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا جديدًا في 18 سبتمبر 2024 يطالب إسرائيل بـ "إنهاء تواجدها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تأخير"، وشمول القرار نفسه على دعوة الدول إلى وقف "تقديم أو نقل الأسلحة والذخائر والمعدات ذات الصلة إلى إسرائيل" ، تصاعدت الضغوط على الدول لوقف أو تقليص صادراتها العسكرية إلى إسرائيل. وقد واجهت عدد من الحكومات حملات سياسية ومدنية محلية ودولية، وتحقيقات وتحديات قانونية تتعلق بسياساتها حول تزويد إسرائيل بالأسلحة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن العلاقة بين جرائم الحرب ونقل الأسلحة واضحة؛ مستشهدا باتفاقيات جنيف التي تنص على أن تلتزم الدول "باحترام وضمان احترام" القانون الإنساني الدولي، ويعتبر ذلك بمثابة شرط على الدول لضمان عدم استخدام صادراتها من الأسلحة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي. وهذا الأمر تعززه عدد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تنظم نقل الأسلحة، بما في ذلك الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي لعام 2008 بشأن صادرات الأسلحة ومعاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013، وتحتوي هذه الأدوات على أحكام مفصلة لمنع استخدام الأسلحة المتداولة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي.