ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه بعد عشرة أيام من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي واحتجاز 250 رهينة العام الماضي، توجه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل وتعهد بتوفير الحماية والحد من الوفيات بين المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وإحلال السلام الدائم في المنطقة، ولكن وما تبع ذلك كان عاما من الاضطرابات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة والاشتباكات المتكررة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول عدوانية رد إسرائيل والصراع الذي انتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة -في مقال تحليل أوردته اليوم الثلاثاء- إن الأحداث التي وقعت منذ تصريحات بايدن قد كشفت حدود نفوذه في المنطقة. فحتى مع استمرار الولايات المتحدة في تسليح إسرائيل، تم إحباط محاولات الإدارة مرارا وتكرارا في كبح جماح نتنياهو، الذي تجنب أو رفض توسلات البيت الأبيض لتهدئة الصراع وإفساح المجال لإنشاء دولة فلسطينية بعد الحرب. ومع استعداد إسرائيل الآن لتنفيذ ضربات انتقامية ضد إيران، فإن الحرب الأوسع نطاقا التي سعى بايدن إلى تجنبها أصبحت وشيكة.
ونسبت الصحيفة إلى آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي قوله إن: "الفجوة بين ما كان بايدن يحدوه الأمل في تحقيقه وما اضطر في النهاية إلى مواجهته واسعة ".
وأضاف ميلر أن بايدن وعد الناخبين في حملة عام 2020 بأن "أمريكا ستعود، وستقود مرة أخرى" على الساحة الدولية. لكن العام الذي مر منذ هجمات 7 أكتوبر في إسرائيل "يُظهر حدود النفوذ والقوة الأمريكية ".
وأوضحت الصحيفة أنه في مكالمة هاتفية مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج أمس الاثنين، تعهد بايدن "بعدم التخلي أبدا" عن الجهود الرامية إلى إعادة الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس ، وأعرب عما وصفه البيت الأبيض بأنه "حزن عميق" إزاء خسارة الأرواح في غزة، لكنه تعهد بالبقاء ثابتا في مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن بايدن لم يتحدث مع نتنياهو أمس، في إشارة على تمديد فترة الصمت بين الرجلين والقائم منذ أن تحدثا في 21 أغسطس الماضي، قبل ما يقرب من سبعة أسابيع.
وأوضحت أن التوتر بين بايدن ونتنياهو كان محورا للأسئلة حول الطريقة التي تعاملت بها إدارته مع الوضع في إسرائيل من بينها: إلى أي مدى يجب أن تذهب إذا تجاهل هذا الحليف نصيحتك؟.
وتواجه نائبة الرئيس كامالا هاريس -التي حلت محل بايدن كمرشحة رئاسية ديمقراطية- الآن العواقب الانتخابية لهذه الأسئلة. وفي بيان صدر يوم الاثنين، تعهدت بأنها "لن تتوقف أبدا عن النضال من أجل العدالة" مضيفة أن "قلبها ينفطر بسبب حجم الموت والدمار في غزة".
ومضت الصحيفة تقول إنه على مدار العام الماضي، حققت الإدارة تقدما متعثرا وبعض الإنجازات المتواضعة - وكلها كانت أقل بكثير من الأهداف التي حددها بايدن قبل عام تقريبا.
وأضاف المقال أنه بعد مرور عام، لا يزال ما يقرب من 100 رهينة في الأسر، بما في ذلك أمريكيون بينما قُتل بعض الآخرين. وتم إطلاق سراح الرهائن في اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن بايدن تعهد قبل عام بالمساعدة في ضمان حصول المدنيين في غزة على "الطعام والماء والأدوية والمأوى" وسط القتال الإسرائيلي. وعلى مدار العام الماضي، ساعد الأمريكيون في التفاوض على زيادة تسليم المساعدات ولكن حتى تلك المساعدات كانت أقل بكثير مما هو مطلوب، وفقا لمسؤولي الصحة العالمية.
كما تضمنت رسالة بايدن تحذيرا صريحا لإيران بعدم استخدام القتال في غزة كذريعة لمهاجمة إسرائيل،ولكن في العام الذي تلا ذلك، أثبتت هذه التحذيرات عدم فعاليتها. فقد شنت طهران مرتين هجمات صاروخية مباشرة ضد إسرائيل بما في ذلك الأسبوع الماضي، ويقيم نتنياهو الآن خيارات الضربات الانتقامية.
ورأت الصحيفة أن القرارات التي اتخذها نتنياهو وحكومته تعكس قرارات الساسة الأمريكيين بعد الحادي عشر من سبتمبر الذين شعروا بأن الحرب فقط هي التي تضمن الأمن على المدى الطويل.
وفي عدة نقاط خلال العام الماضي، لم يتمكن بايدن وفريقه من إقناع إسرائيل بالتراجع عن التصعيد، مشيرة إلى أنه لم يتبق لبايدن سوى 105 أيام في ولايته، وحاله كحال العديد من أسلافه، يواجه احتمال ترك منصبه محبطا من دوامات الصراع في المنطقة، غير أنه تعهد أمس الاثنين بمواصلة العمل نحو تحقيق الأهداف التي حددها.
وكتب في بيان أصدره في وقت مبكر من الصباح: "الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء يستحقون العيش في أمن وكرامة وسلام".