لم تكن جهود الدولة وحدها، ولا الكنيسة بمعزل عما يعاني منه الأقباط على أرض سيناء، الجحيم هناك إنتقل إلى قلب كل مصري، مبادرات لا تنته في محاولة للتخفيف عن آلام هؤلاء ومعاناة الأسر المكلومة على يد الجماعات الارهابية.
546 شخصا فروا هاربين من العريش بعد ذبح 7 أقباط أمام أسرهم خلال شهر مضى، ظهرت معها مبادرات الدولة التى ساهمت في إحتواء الأزمة كان أخرها توفير وزارة الشباب لبيوت تأوي أولئك بالإضافة لتضافر الجهود الكنسية بفتح حساب بنكي للتبرع لصالحهم فضلا عن الجهود الشعبية من المصريين مسلمين وأقباط.
النزوح الأول إبان 1967
قال المفكر القبطي كمال زاخر، إن فكرة التهجير كانت مرتبطة في السابق بالأوضاع السياسية وحرب الإستنزاف التي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس، وبدأت أحداثها عندما تقدمت إسرائيل صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها عام 1967، فنزح المصريين إلى مدن القناة في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، لكن تلك المرة الأمر يختلف كثيرا، فهنا التهجير جاء بهدف تعجير الدولة المصرية التي قطعت شوطا كبيرا وإنتصارات ضد الإرهاب في سيناء عموما وفي جبل الحلال على وجه الخصوص، فما كان من تلك الجماعات المسلحة إلا إستهداف المصريين الأقباط لمحاولة إحداث ثغرة للضغط على الدولة المصرية معنويا للقفز عليها وتشويه صورتها دوليا من خلال تنفيذ تلك الإنتصارات الزائفة والظاهرية لإثبات أنها مازالت قائمة.
وأضاف، أنه آن الأوان أن تعلن سيناء منطقة حرب وأن يتسلمها حاكم عسكري للقضاء على تلك البؤر الإرهابية خاصة أن الأمر يتطلب تعامل إستراتيجي بالإضافة إلى وضع رؤية واضحة في مدن القناة بتكوين لجنة طوارئ.
وشدد زاخر، على أن الكنيسة دورها يقتصر فقط على الجانب الإنساني لان الكنيسة هي مؤسسة دينية فقط غير مسئولة عن حماية وسلامة الأقباط لانها ليست دولة، بينما الحل النهائي منوط بالدولة والحكومة المصرية التي يقع عليها العبء السياسي والأمني خاصة أن الأزمة تصنف كونها كارثة مصرية وليست قبطية لانها رسالة تهديد واضحة للدولة تستهدف الهوية فقط الهوية الدينية لمحاولة التهويل والتهديد.
أما عن الحشد الشعبي لمواجهة الأزمة، يقول عنه"زاخر"، إنها سمة تميز المصريين في الشدائد منذ قديم الأزل وهو مايخفف عن أشقاءهم في الوطن جرائر تلك الأزمات مثل التبرع بالمال والسكن والملبس وغيرها وكذلك تدخل رجال الأعمال والقادرين من الأقباط والمسلمين دون تمييز لتقديم مساعدات لأولئك النازحين.
الجهود الشعبية من مسلم و مسيحي
جهود متضافرة لمساندة نازحين الأقباط في محافظة الإسماعيلية، كان أخرها قافلة تبناها رجال أعمال وشخصيات مسلمة بمعاونة منظمات المجتمع المدني وجهود نشطاء الأقباط ومحاميين وشخصيات عامة، تلك المبادرة شملت قافلة للمواد الغذائية والعينية، يقول عنها المحام هاني رمسيس، إن المسلمين والأقباط يدا وحدة في محاربة الإرهاب والأعمال التخريبية التي تستهدف زعزعة أمنهم وسلامتهم.
ولفت أن أبرز ما تسعى القافلة لتحقيقه في المرحلة الأولى هو تسكين النازحين وإيواءهم وتوفير حاجاتهم الأولية من مأكل ومشرب يعقبها مرحلة تأسيس مساكنهم خاصة لغير القادرين، وأيضا تسهيل نقل الموظفين للجهات القريبة من إقاماتهم فضلا عن الطلاب في الجامعات والمدارس وأيضا توفير أعمال حرة للعاملين بالأجرة.
فور وقوع تلك الحوادث الطائفية لأقباط العريش، لم يتردد الدكتور يوسف السبع، في تخصيص قافلة تحمل المواد غذائية وطبية للمتضررين إنطلقت في طريقها إلى الإسماعيلية لتخفيف العبء عن عاتق الدولة بالجهود والمبادرات الشعبية.
حكاية نازح من سيناء
على بعد 3 أمتار من محله التجاري، انتفض "رامي" من جلسته مفزوعا، ينظر هنا وهناك، بعد أن شاهد جاره مذبوحا بسكين الإرهابيين، غارقا في دمه، لم يتحمل الصدمة، فر هاربا بملابس بيته، يعدو أمتارا و أميالا يستنجد بأصدقائه، خوفا من أن تطاله أعين المتطرفين.
في سيارة صديقه المسلم، انتقل رامى إلى القاهرة، ثم دمياط و المنصورة، لا يعرف كيف سيكمل حياته، ومن أين يقتات، خاصة أنه خرج من داره بدون أي هوية أو متعلقات شخصية.
معاناه كبيرة مر بها "رامي" بحثا عن عمل لعدم إمتلاكه هوية شخصية، يقول:"تنقلت مابين المحافظات بحثا عن عمل لأتمكن من أن أوفر لزوجتي مسكن مناسب ومأكل ومشرب لكن دون جدوى فقررت زوجتي المكوث في بيت أبيها لحين تستقر حياتي".
- الراهن لم يجد رامى أي فرصة عمل أو سكن يأوويه، مع إنعدام أي فرصة للراحة أيضا،:" مش عارف أغير ملابسي"، ويتابع:"علمت حكمة الله في حرماني من الإنجاب"، يقولها "رامي" متأثرا بقتل زملاءه وأصدقاءه أمام أطفالهم، متأسفا على حاله"كان ممكن أخلف والجماعات دي تقتلني أمام طفلي".