الأحد 20 اكتوبر 2024

الطائرات المسيرة .. القتل بدون طيار

طائرة مسيرة

تحقيقات20-10-2024 | 17:17

محمود غانم

شبح لا يهاب الموت.. يتسلل في صمت فيصنع "العشاء الأخير".. إنها الطائرة "المسيرة" التي برزت في الآونة الأخيرة كأحد أقوى الأسلحة فعالية في المعارك الحربية، خاصة أنه يتعذر كشفها بواسطة العين أو حتى "رادارات" الدفاع الجوي.

وقد ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية، ومن بعدها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في إبراز مميزات "المسيرات" بشكل واسع، فواحدة كافية أن تصنع ما عجزت مئات الصواريخ عن صنعه.

وأصبحت الطائرات "المسيرة" سلاح مهم جدًا لخوض أي صراع أو نزاع، حيث أوجد حرب خاصة به تسمى حرب "المسيرات"، بحسب اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية.

ويؤكد "الغباري" في حديثه لـ"دار الهلال"، على أهمية امتلاك الطائرات المسيرة كسلاح، نظرًا للعديد من القدرات والمميزات التي تتسم بها.

ويبرز تلك المميزات مبينًا أن تكلفة الطائرة "المسيرة" منخفضة جدًا إذا ما قورنت بنظيرتها الحربية، وبذلك يتضح أن المستقبل يرتبط بتلك النوعية من الطائرات، موضحًا أن قوتها التدميرية مرهونها بالمواد المتفجرة المحملة بها.

ومستقبلًا، يتوقع الخبير العسكري والاستراتيجي، أن يجري اللجوء إلى "المسيرات" بشكل متزايد، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنها أصبحت شئ أساسي من تجهيز الجيوش الحديثة، حيث بات ذلك ينعكس على قوة سلاح الطيران.

إضافة قوية

من جانبه، يرى العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، أن الطائرات "المسيرة" أصبحت إضافة قوية للجيوش، لكن في الوقت ذاته لا يمكن الاستغناء عن الطائرات "المجنحة" ولا حتى "الهليكوبتر".

ويؤكد في حديثه لـ"دار الهلال"، على ما يراه بأن الدول تنفق عشرات ملايين الدولارات في سبيل شراء طائرات إف-35، لذلك فالطائرات "المسيرة" إضافة حيث تقوم بمهام مختلفة عما تقوم به الطائرات الأخرى.

وأوضح راغب، أن الطائرات "المسيرة" تحمل عبوة انفجارية صغيرة، بخلاف الطائرات الأخرى التي قد تحمل ثمانية أطنان من المتفجرات، متابعًا:"هذا جزء من الموضوع القوة التدميرية لـ الطائرات المسيرة منخفضة، كما أنها ليست بالسرعة المطلوبة، فهي ليست سب سونك أو سوبر سونك".

وأشار إلى أن سبب انتشار "المسيرات" في الآونة الأخيرة يرجع إلى أنها رخيصة، فضلًا عن أنها سهلة في التصنيع، أما الذهاب إلى القول بأن الحروب تحولت إلى "مسيرات" فقط فهذا غير صحيح.

واستدرك بأن الطائرات "المسيرة"، أصبحت جزء من التطور المستقبلي، مشيرًا في السياق ذاته إلى أن معظم الجيوش العظمى أصبحت تستخدم المسيرات، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا.

ويؤكد في الأخير، على أن الطائرات "المسيرة" إضافة، لكن لن تلغي الأسلحة التقلدية، حيث ستظل موجودة.

فيما يرى اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن مستقبل الحروب لا يتوقف على امتلاك "المسيرات"، بل يتوقف على شئ واحد فقط هو "المقاتل"، وذلك قديمًا وحديثًا، موضحًا في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الحرب بدون مقاتل فهم وواعي، تكون خاسرة.

وأضاف إن "المسيرة" مثلها مثل أي سلاح، لديها القدرة على تحقيق نجاحات، ولكن ليست في كل النواحي.

الطائرات المسيرة والمستقبل

وأبرز تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن هناك خمس دول على مستوى العالم من حيث عائدات سوق صناعة الطائرات "المسيرة" ، وذلك حتى يونيو 2024 وهي: الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة.

ووفق التقرير، فإن "المسيرات"  لها تأثير في حروب المستقبل وذلك من خلال: تزايد استخدام الطائرات دون طيار في الحروب العسكرية في السنوات الأخيرة؛ حيث توفر عددًا من المزايا مقارنة بالطائرات التقليدية، بما في ذلك: التكلفة الأقل، والقدرة الأكبر على التحمل، وتقليل المخاطر على الطيارين، فضلاً عن تعزيز المرونة.

إضافة إلى تقليص الاعتماد على الأسلحة المتطورة مرتفعة التكلفة، ما قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى الإقليمية والعالمية، والحد من استخدام الأسلحة المتطورة التي لا تستطيع سوى القوى العظمى تحمل تكلفتها، كما أنه من المرجح مع استمرار تقدم التكنولوجيا التي تعتمد عليها، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ستصبح الطائرات بدون طيار أكثر قدرة وتنوعاً، وسيتزايد استخدامها في مهام المراقبة والاستطلاع؛ حيث أفات دراسات نقلًا عن وثائق صدرت عن الجيش الأمريكي، بأنه بحلول عام 2035، ستقوم الطائرات دون طيار بنحو 95% من مهام الاستطلاع، بحسب التقرير.

وأضاف أنه في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والتقدم الملحوظ في مجال البرمجيات، من المرجح أن يتم توظيف الطائرات دون طيار على نطاق أوسع لا يقتصر فقط على الجانب المادي، ليتم توظيفها في الحروب السيبرانية، ولذلك؛ فإنه من المتوقع أن تكون هناك مساع دولية لتقنين امتلاكها وردع مخاطرها، وأن تصبح مواجهة التهديد الناشئ عنها أولوية في خطط الجيوش النظامية وقوات إنفاذ القانون.

واختتم التقرير بأن من المتوقع أن يكون للطائرات دون طيار تأثير عميق في الحروب المستقبلية، ليس فقط من خلال تعزيز قدراتها الحالية، ولكن أيضًا من خلال إدخال نماذج عملياتية جديدة، ما يؤثر في القرارات التكتيكية والاستراتيجية للصراعات المستقبلية، ويؤكد الحاجة إلى البحث والتطوير المستمرين في تكنولوجيا الطائرات دون طيار، والأطر التنظيمية والقانونية المنظمة لاستخداماتها في الأغراض العسكرية.