حذر مدير معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، الدكتور روبن جيس، من تأثير التطورات العلمية على السلم والأمن الدوليين، لا سيما الذكاء الاصطناعي العام والتكنولوجيا الكمية، مضيفا أنه مع التطور السريع للمشهد العلمي والتكنولوجي، لا يزال العالم يفتقر إلى فهم واضح بما يتم تطويره.
وأوضح المسؤول الأممي ـ خلال الإحاطة التي قدمها أمام جلسة عقدها مجلس الأمن تحت عنوان "استشراف تأثير التطورات العلمية على السلم والأمن الدوليين" ـ أن التقارب المتزايد بين التقنيات المختلفة إلى جانب طبيعتها مزدوجة الاستخدام، يمكن أن يفضيا إلى عواقب بعيدة المدى وغير مقصودة.
وشدد روبن جيس على أنه من أجل تمكين الاستجابات السياسية المناسبة والفعالة للأزمات والصراعات المستقبلية ولضمان الحماية المناسبة للمدنيين وقوات حفظ السلام والعاملين في المجال الإنساني، وقال: "نحتاج إلى زيادة وعينا وفهمنا للتهديدات والفرص المتزايدة الناشئة عن التطورات العلمية والتكنولوجية".
وأشار مدير معهد بحوث نزع السلاح إلى ما يمكن أن تحمله التكنولوجيا الكمية والذكاء الاصطناعي العام من تأثيرات على السلم والأمن في السنوات القادمة، مضيفا أن التكنولوجيا الكمية ستعطل أمن المعلومات والاتصالات من خلال جعل تقنيات التشفير التقليدية غير فعالة، وستمكن أجهزة الاستشعار التي تعتمد على تلك التكنولوجيا من اكتشاف الأجسام تحت الأرض أو تحت الماء مما سيحدث ثورة في الحرب من ناحية، وجهود المراقبة والتحقق من ناحية أخرى.
وأوضح روبن جيس كذلك أن الحوسبة الكمية ستفتح عصرا جديدا للذكاء الاصطناعي من خلال تمكين حساب النماذج التي لا يمكن تشغيلها حاليا حتى على أقوى أجهزة الكمبيوتر، مشيرا أيضا إلى التقدم المتوقع تحقيقه في مجال الذكاء الاصطناعي العام، الذي يمكن أن يعمل بدرجة من المرونة "أقرب إلى الذكاء البشري".
وقال جيس: "بمجرد أن يصل الذكاء الاصطناعي العام إلى مستوى من الذكاء يتجاوز القدرات البشرية، فقد يفقد البشر القدرة على السيطرة عليه أو تقييد أفعاله. ويرى العديد من الخبراء هذا باعتباره خطرا ملموسا ومعقولا يستحق الاهتمام الجاد، خاصة بالنظر إلى الطبيعة الوجودية للتهديد".
وأشار إلى أن هذه التكنولوجيا القوية يمكن الاستفادة منها لتحقيق الخير، ومعالجة التحديات العالمية المعقدة، مضيفا: "إذا تم استخدامها بشكل غير مسؤول، فقد تشكل مخاطر كبيرة ووجودية على الأمن البشري والدولي".
ودعا المسؤول الأممي مجلس الأمن إلى النظر في مجموعة من الإجراءات بما فيها إضفاء الطابع المؤسسي على حوارات استشراف الأفق المنتظمة حول التطورات التكنولوجية والعلمية.
واقترح روبن جيس أيضًا الاستفادة من عمل وخبرة هيئات الأمم المتحدة المختلفة لصالح المجلس من خلال إحاطات مخصصة بشأن المجالات العلمية والتكنولوجية ذات الأهمية الخاصة، مشيرا إلى أن المجلس نفسه يمكنه تقديم منظور فريد من نوعه حول كيفية تأثير التقدم العلمي والتكنولوجيات الجديدة على السلم والأمن.
وأضاف: "بهذه الطريقة، يمكنه تعزيز قدرة منظومة الأمم المتحدة ككل على منع التهديدات الناشئة حديثا أو الاستجابة لها بشكل أفضل؛ مما يعزز بدوره منظور السلم والأمن المستدامين في المستقبل".
بدوره، دعا رئيس مجلس المؤسسة في مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، أمين عوض، الدول الأعضاء إلى التصرف بشجاعة وتبصر لضمان أن تفي التقنيات الناشئة بوعدها بتعزيز السلام والأمن العالميين، موضحا أن التقدم العلمي في مجال التكنولوجيا العصبية والبيولوجيا الاصطناعية والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية "يعيد تشكيل عالمنا بالفعل".
وقالت سفيرة اليابان للعلوم والتكنولوجيا، كاجي ميساكو، إنه يجب على العالم أن يجمع قواه لدعم الابتكار مع التخفيف بشكل صحيح من مخاطر وإساءة استخدام التقنيات الناشئة.
وأشارت ميساكو إلى أن اليابان قادت المناقشة الدولية بشأن حوكمة أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتحقيق الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق به، بما في ذلك من خلال "عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي"، التي أطلقت في مايو 2023.