أكدت المدير الإقليمي لمكتب اليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أديل خضر، أهمية الاستثمار في رأس المال البشري وخاصة الأطفال، فهو جوهر أية تنمية، مشيرة إلى أن الاستثمار في تنمية البشر هي مسؤولية الأفراد والمجتمع في الأساس وليست الحكومة؛ فمسؤولية الأسرة تقديم تعليم متميز وجيد لأطفالهم.
وأضافت - في كلمتها خلال جلسة التمويل من أجل التنمية البشرية ضمن فعاليات اليوم الثالث لمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية المنعقد بالقاهرة، اليوم /الثلاثاء/ - إن الصعوبات الاقتصادية قد تجعل الآباء يضطرون لحرمان أطفالهم من التعليم، فهناك 35 مليون طفل محروم من التعليم في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، لافتة إلى أن بعض الأسر قد تهجر أطفالها بسبب الصراعات الدائرة في المنطقة أو بسبب الصعوبات الاقتصادية.
ودعت إلى ضرورة العمل على استعادة لياقة الحياة بالنسبة للطفل؛ لأنه أساس رأس المال البشري؛ فالاستثمار في مراحل الطفولة أهم مرحلة للتنمية، إذ أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يحصلون على تعليم جيد في مراحل دراستهم الأولى يحققون عوائد اقتصادية أكبر عندما يصبحون أفرادا منتجين في المجتمع؛ لذا يجب العمل على ضمان حصول الأطفال على خدمات وافية تعليمية وصحية ونفسية لتعزيز رفاهية الأسر والوصول إلى التنمية في رأس المال البشري، مشيرة إلى ضرورة التركيز أيضا على بناء مهارات الشباب.
وتابعت المسئولة الأممية أن محور التغذية مهم جدا أيضا، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يحصلون على تغذية أفضل ينمون بطريقة أفضل بنسبة 50%.
وأعربت عن قلقها من عدم تحقيق سوى 15% فقط من أهداف التنمية المستدامة، مرجعة ذلك إلى عبء الديون الذي يجعل الحكومات تركز في أولوياتها على سداد الديون بدلا من استثمار هذه الأموال في التعليم والبشر، مشيرة إلى أن المشهد المالي العالمي صار مقلقا بشكل كبير برغم زيادة الدعم المقدم كسيولة مالية وهو الأمر الذي يُعقِّد تكاليف الديون .
وشددت على ضرورة تقديم الدعم لمواجهة التغير المناخي والتوسع في الطاقة الجديدة لتتمكن الدول من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مطالبة المؤسسات التمويلية بتقديم تيسيرات أكبر وتقليل عبء الديون عن الدول مع الاهتمام بالبحث عن مصادر جديدة للتمويل من خلال مصادر طاقة جديدة، مشيرة إلى أن 24% من سكان العالم يعيشون وسط صراعات تتفاقم يوميا مما يؤثر في المجتمع خاصة الأطفال، محذرة من خطورة حرمان أطفال غزة من التعليم للسنة الثانية.
كما حذرت من خطورة الأزمات المناخية التي تؤثر في الأطفال، فقد تدمر بيوتهم ومدارسهم والمرافق الصحية مما يصعب حصولهم عل الخدمات الصحية.
وحثت المسئولة الأممية كافة الحكومات في العالم لمواصلة بناء رأس مالها البشري من خلال الاهتمام بالفئات المهمشة، خاصة المرأة وتدعيمها بمهارات للخروج لسوق العمل ودعم الأطفال والشباب ووضع سياسات للتخلص من الخوف من المستقبل.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي بمكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة بمصر، سكوت ستاندلي، إن الاستثمار في رأس المال البشري هو الأساس في التنمية، ولابد من وضعه في الأولويات الحكومية؛ مستشهدا بتقرير للتنمية أُطلِق مؤخرا الذي أشار إلى وجود فجوة في التمويل بنسبة 5% للدول المتوسطة الدخل، و10% للدول منخفضة الدخل.
وأكد أن الانفاق على التنمية البشرية يجب أن يتم من خلال موارد محلية، مشيرا إلى أن عبء الدين هو أكبر مؤثر علي التنمية في إفريقيا والدول الإفريقية تنفق على الدين أكثر مما تنفقه على التعليم والاستثمار.
وقال ستاندلي إن حل هذه المشكلة يتطلب تبني أدوات مختلفة وتخصيص موارد لتنمية رأس المال البشري، مضيفا أن هذا يتطلب التحرك في اتجاهين هما حشد الموارد وكيفية إنفاقها.
وأشاد ستاندلي بالإصلاحات الضريبية المهمة التي أقرتها الحكومة المصرية، مؤكدا أن الأرباح الضريبية في مصر أقل من مثيلاتها في المنطقة.
بدوره، أكد كبير الاقتصاديين الإقليميين ورئيس فريق النمو الشامل والتمويل المستدام في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمنطقة الدول العربية، فيتو إنتيني، أن التمويل يلقي بظلاله على كل ما نقوم به فالميزانية تعبر عن أولويات أية حكومة، مؤكدا أنه لا يوجد تنمية دون تمويل ولا تمويل دون تنمية.
وأضاف أن النظام العالمي الآن ليس مصمما لخدمة الناس والكوكب بل مصمما لخدمة ذاته، مشيرا إلى أن هناك تمويلا خاصا وعاما إلا أن أغلب التمويل العالمي يذهب للوقود الأحفوري.
وحذر من أن معظم سكان العالم لا يحصلون على خدمات تأمينية، مشيرا إلى أن الاحتياجات العالمية تقدر بـ77 تريليون دولار في حين أن المتوفر يبلغ 2,4 تريليون فقط وهو ما يؤكد الفجوة الكبيرة بين المتاح والاحتياجات.