قالت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، إن العالم يواجه حالياً مزيجاً معقداً من النمو الاقتصادي المنخفض والديون المرتفعة، وهو ما يزيد من التحديات أمام الدول، خاصة في ظل استمرار النزاعات السياسية والعسكرية، مشيرة في هذا السياق إلى الحرب في أوكرانيا والصراع المستمر في السودان، إذ أن هذه النزاعات تساهم في تعقيد الأوضاع الاقتصادية وتزيد من معاناة الشعوب.
وأضافت جورجييفا، في تصريحات خلال الاجتماعات السنوية للصندوق، أن "التضخم العالمي بدأ بالفعل في التراجع، لكن هذا لا يعني انتهاء تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر والمجتمعات، وأن التضخم قد يكون تراجع، ولكن تأثير الأسعار المرتفعة سيظل محسوساً لفترة طويلة، خاصة بالنسبة للفئات ذات الدخل المحدود".
وأوضحت أن الأزمة الحالية تختلف عن الأزمات التضخمية السابقة، حيث لم يتسبب التراجع في التضخم في ركود اقتصادي عالمي أو فقدان واسع النطاق للوظائف. ومع ذلك، شددت على أن الوضع لا يستدعي احتفالات، حيث لا تزال آثار الأزمة تلقي بظلالها على العديد من البلدان، خاصة البلدان النامية التي تعاني من آثار تضخم الأسعار بشكل أكبر.
وحول النمو الاقتصادي، شددت مديرة صندوق النقد الدولي على ضرورة أن يكون النمو شاملاً ومستداماً، ويحقق فرص عمل للجميع.. وقالت " نحن بحاجة إلى نمو يولد إيرادات ضريبية تُستخدم في تحسين الخدمات العامة والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا، وليس إخفاءها أو سرقتها"، مؤكدة أهمية التوزيع العادل للثروات والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا لتحقيق مستقبل أفضل للشعوب.
وأعلنت أن صندوق النقد الدولي اتخذ عدة خطوات لتعزيز وضعه المالي، مشيرة إلى ضخ تريليون دولار من السيولة والاحتياطيات لدعم الدول الأعضاء. وأوضحت أن الصندوق قام ببناء احتياطيات مالية قوية، ما يتيح له تقديم الدعم للدول الأعضاء حتى في ظل الأزمات. كما كشفت عن تقليص الرسوم الزائدة بنسبة 36% وزيادة التمويل المخصص للبلدان منخفضة الدخل، وهو ما سيساعد هذه الدول على تحسين أوضاعها الاقتصادية.
وفي خطوة أخرى، قالت جورجييفا إن الاجتماعات السنوية ستشهد تعزيز تمثيل الأعضاء الأفارقة في الصندوق، من خلال إضافة مقاعد جديدة تسمح بأن تكون أصواتهم مسموعة بشكل أكبر في ممرات صنع القرار، واعتبرت هذه الخطوة " تصحيحاً لظلم طويل الأمد تجاه الأعضاء الأفارقة".. مؤكدة أن الصندوق يعمل دائماً على تحسين تمثيل أعضائه بشكل عادل.
وشددت على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.. وقالت: "في هذا العالم المتشتت، علينا بذل كل جهد لجمع العالم معاً والعمل على تعزيز التعاون الدولي". مؤكدة أن صندوق النقد الدولي سيواصل تقديم المشورة والدعم للدول الأعضاء من خلال تقديم حلول مالية واستشارية تساهم في تحقيق استقرار اقتصادي عالمي.
كما أعلنت جورجييفا أن الصندوق سيقوم بنشر بحث جديد كجزء من تقرير "الآفاق الاقتصادية العالمية"، والذي سيركز على كيفية تحسين قبول الإصلاحات الاقتصادية.
وأوضحت أن النجاح في تنفيذ الإصلاحات يعتمد بشكل كبير على إشراك المواطنين في عملية صنع القرار.. مشيرة إلى أن "عندما يشعر الناس بأنهم جزء من العملية وأن أصواتهم مسموعة، تكون فرص نجاح الإصلاحات أكبر".
واختتمت حديثها بتأكيد التزام صندوق النقد الدولي بمواصلة الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز شرعية الصندوق وشموليته، بما يساعده في دعم الدول الأعضاء بشكل أفضل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجون إليها.