رصدت وكالة أنباء "بيلتا" البيلاروسية، تعليقات عدد من وسائل الإعلام الغربية على قمة بريكس المنعقدة حاليا في مدينة قازان الروسية.
وأشارت الوكالة البيلاروسية - في سياق تقرير مجمع - إلى انطلاق أعمال القمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس في مدينة قازان الروسية، وقد جمعت القمة وفودا من أكثر من 30 دولة وست منظمات دولية.
ولفتت الوكالة البيلاروسية إلى أن الغرب يتابع عن كثب القمة المنعقدة في قازان، وقالت " رغم ذلك تقتصر منشورات وسائل الإعلام الغربية بشكل أساسي على الروايات المألوفة بالفعل حول رغبة مجموعة البريكس في تحدي الغرب وإقامة ثورة عالمية، ويتبع ذلك تأكيدات بأن لا شيء سينجح بالنسبة لمجموعة البريكس بسبب "الانقسام" الداخلي".
وذكرت "بيلتا" أنهم يقصدون بالانقسام (التعددية في الآراء ورغبة كل دولة من دول البريكس في الدفاع عن مصالحها الوطنية)، وهو ما يبدو أمرا لا يمكن تصوره بالنسبة للعالم الغربي الذي يعيش تحت إملاءات الولايات المتحدة.
وتساءلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية "هل تستطيع مجموعة البريكس أخيرا أن تتحدى الغرب؟".. وتقول المجلة "إن أحد التطورات الأكثر بروزا على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية هو أن الاختصار الذي أُطلق على مجموعة من اقتصادات الأسواق الناشئة أصبح بمثابة نموذج للتمرد".
كما أشارت المجلة إلى الخبير الاقتصادي البريطاني جيم أونيل الذي صاغ في عام 2001 الاختصار "بريك" ليضم الدول الأربع ذات الإمكانات الأكبر للنمو الاقتصادي في ذلك الوقت ، وكان الاختصار يضم البرازيل وروسيا والهند والصين، وفي وقت لاحق أضيفت جنوب أفريقيا إلى الدول الأربع الكبرى، وفي عام 2023 انضمت للمجموعة إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن جدول أعمال القمة الجارية سيكون عن إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب لتحدي الهيمنة الأمريكية والغربية، بالإضافة إلى العمل على التوصل إلى بدائل قابلة للتطبيق للهيمنة العالمية للدولار الأمريكي.
وأوضحت المجلة أن "مجموعة البريكس الموسعة هي في الواقع مجموعة متنوعة"، إذ تضم دولا تحت المظلة الأمنية الأمريكية ودولا خاضعة للعقوبات الأمريكية، كما يشمل الأعضاء المحتملين دولا من حلف الناتو.
وتابعت "فورين بوليسي" بقولها "إنها ليست كتلة متماسكة لكنها رسالة متماسكة حول الرغبة في نظام عالمي بديل".
فيما قالت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية إن "الغرب يريد عزل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما تظهر القمة التي يستضيفها أنه بعيد كل البعد عن كونه وحيدا".
وذكرت الشبكة أن "قمة بريكس الجارية هي أكبر تجمع دولي يستضيفه بوتين منذ بدء الحرب الأوكرانية في فبراير 2022، وتسلط الضوء على التقارب المتزايد للدول التي تأمل في رؤية تحول في ميزان القوى العالمي".
وتعتقد شبكة "سي إن إن" أن الرسالة الأخيرة التي سيعرضها زعماء روسيا والصين في الأيام المقبلة هي أن "الغرب هو الذي يقف معزولا في العالم بعقوباته وتحالفاته، في حين تدعم "أغلبية عالمية" من الدول محاولتهم تحدي الزعامة العالمية الأمريكية".
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن "بوتين يجمع الحلفاء لإظهار أن ضغوط الغرب لا تجدي نفعا".. وتابعت "في قازان ستكون مهمة بوتين هي تجاوز الخلافات بين الدول المشاركة ورسم صورة للوحدة، مع إظهار للجمهور الروسي والمجتمع الدولي أن بلاده بعيدة كل البعد عن العزلة".
كما أشارت شبكة "فرانس 24" الفرنسية إلى "عزلة روسيا وتحديات الهيمنة الغربية"، وقالت "جعلت موسكو توسيع مجموعة البريكس ركيزة لسياستها الخارجية، وتشمل القضايا الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال فكرة بوتين لنظام دفع بقيادة مجموعة البريكس لمنافسة سويفت، وهي شبكة مالية دولية انقطعت البنوك الروسية عنها في عام 2022، فضلا عن الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، وقد روج الكرملين للتجمع باعتباره انتصارا دبلوماسيا سيساعده في بناء تحالف لتحدي الهيمنة الغربية".
وأشارت "فرانس 24" إلى أن الولايات المتحدة رفضت فكرة أن تصبح مجموعة البريكس "منافسا جيوسياسيا"، لكنها أعربت عن قلقها بشأن استعراض موسكو "لعضلاتها الدبلوماسية"، إذ تعمل موسكو على تعزيز علاقاتها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية ثلاثة من خصوم واشنطن.
كما تولي شبكة "يورونيوز" اهتماما بنفوذ مجموعة البريكس، وقالت "إن المحللين يرون أنه من المهم للكرملين أن يظهر أن روسيا تقف إلى جانب الحلفاء العالميين على الرغم من التوترات مع الغرب، وهناك أيضا جانب عملي في الحدث وهو عقد صفقات لدعم اقتصاد روسيا، وبالنسبة للمشاركين الآخرين تقدم القمة فرصة لتعزيز تواجدهم على الساحة العالمية".
وتشير يورونيوز إلى أن أحد المشاركين الرئيسيين في قمة بريكس الحالية هي تركيا، التي تقدمت بطلب للانضمام إلى الرابطة، وفي الوقت نفسه تعد تركيا عضوا في حلف الناتو ومرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، لكنها أصبحت تشعر بخيبة أمل متزايدة تجاه الغرب. وقد وصلت المفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود منذ عام 2016، بالإضافة إلى ذلك تتهم أنقرة الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين بالتواطؤ في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأفادت "يورونيوز" بأن عضوية مجموعة البريكس ستساعد تركيا على تعزيز مواقفها.
وتشير وكالة "بلومبرج" الأمريكية إلى أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في قمة البريكس أظهر رغبة في تعزيز العلاقات مع روسيا، وهو ما يثير غضب الولايات المتحدة.
وتقول "بلومبرج" إن قدرة الولايات المتحدة على الضغط على الهند محدودة بسبب الأولوية الاستراتيجية المتنافسة لواشنطن في رعاية علاقات أوثق مع البلاد كقوة موازنة للصين في آسيا.
وذكرت مجلة "بيزنس إنسايدر" الألمانية أن روسيا لديها العديد من الحلفاء، وقد أكدت قمة البريكس ذلك، وقالت "منذ بداية الصراع في أوكرانيا حاول الغرب إضعاف بوتين اقتصاديا وعزله سياسيا، وفي حين أن سم العقوبات يعمل، إلا أن هناك القليل من الدلائل على عزلة روسيا، فقد أصبحت حقيقة أن بوتين لديه الكثير من الحلفاء الذين يمكنه الاعتماد عليهم واضحة من خلال مشاركة زعماء مجموعة البريكس في قمة قازان".
وتعتقد "بيزنس إنسايدر" أن مجموعة بريكس تريد اليوم أن تصبح ثقلا موازنا وعدوا للغرب، ففي حين تهيمن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مجموعة الدول السبع، تهيمن الصين وروسيا على مجموعة البريكس.
وتقول شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية " تحولت مجموعة البريكس إلى منتدى جيوسياسي لأقوى دول العالم خارج العالم الغربي، والأهم من ذلك تحديه".
كما أشارت الشبكة إلى إن مجموعة البريكس لديها الآن نفوذ إضافي بعد انضمام مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة إلى المجموعة في يناير، حيث أصبحت العضوية في الكتلة جاذبة للدول التي تتطلع إلى تعزيز التجارة والاستثمار والتنمية الاقتصادية.
ونوهت الشبكة بأن "توسع تحالف البريكس له أهمية كبيرة وفعالية لأنه مؤشر على حركة جماعية بعيدا عن الغرب، وإظهار لتحول جوهري داخل النظام العالمي الذي يسعى إلى تحدي الهيمنة الاقتصادية الغربية".
يُشار إلى أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو سافر إلى قازان اليوم لحضور قمة بريكس، حيث يشارك في الجلسة العامة للقمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس في صيغة البريكس بلس/أوت ريتش.
وأعربت بيلاروس عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة بريكس كعضو كامل العضوية.