جاءت مشاركة مصر في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي كفرصة مهمة لدعوة الشركات الأمريكية والمستثمرين للاطلاع على الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي نفذتها الدولة لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي وتشجيع الشراكات الاستثمارية بين البلدين لدعم التنمية الاقتصادية في مصر وكانت رسالة الاجتماعات التي جرت واضحة الأهداف وهي تعزيز الاستثمارات الأجنبية وتأكيد سعى الدولة إلى بناء بيئة اقتصادية مستقرة ومشجعة للاستثمار بتنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية بالتعاون مع مؤسسات دولية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة التنافسية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي وهو ما يصب في اتجاه تشجيع الشركات الدولية وخصوصا الشركات الأمريكية على استكشاف فرص الشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص في مصر ما يدعم جهود التنمية ويخلق آفاقا جديدة.
وقد اعتمدت الإصلاحات الهيكلية على ثلاث ركائز رئيسية وهي تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وقد تمثل هذا النهج في تعاون متكامل بين مصر وشركاء التنمية الدوليين الذين ساهموا في دفع عجلة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز كفاءة المالية العامة ووضع سقف للمديونية كجزء من هذه الإصلاحات مما يسهم في دعم استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق التنمية المستدامة.
وتهدف هذه الجهود إلى تحقيق تكامل السياسات الاقتصادية بين مختلف الأطراف المحلية والدولية وتعمل على خلق شراكات بناءة بين القطاعين الحكومي والخاص وتعد هذه الشراكات محورية لدعم الاقتصاد الوطني حيث يتم توجيه الاستثمار المحلي والأجنبي إلى القطاعات الحيوية التي تعد أساسية لتحقيق التنمية الشاملة وقد انتهجت الدولة مسارا طويلا في إعداد استراتيجية وطنية للاستثمار الأجنبي المباشر بالتعاون مع شركاء التنمية والتي تستهدف تعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات ما يعكس سعي مصر للاستفادة من قدراتها الاقتصادية المتنوعة.
من ناحية أخرى وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية الحالية تؤكد مثل هذه اللقاءات أن مصر عازمة على المضي قدما في تحفيز الإصلاحات الاقتصادية ومواصلة العمل على تحسين مناخ الاستثمار رغم التقلبات الجيوسياسية كما أن انضمام مصر إلى تجمع بريكس يضيف بعدا جديدا لشراكاتها الاقتصادية ويفتح آفاقا جديدة للتعاون مع دول ذات اقتصادات صاعدة وهو ما من شأنه دعم مكانة مصر الاقتصادية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات التنموية وتركز الدولة أيضا على تطوير التعاون مع مؤسسات دولية للتمويل من أجل توسيع مشاركة القطاع الخاص في مجالات ذات أولوية مثل قطاع الصحة وهو ما يعكس سعيها لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين عبر استثمار الإمكانيات الخاصة للمساهمة في تطوير هذه القطاعات الحيوية وهذا التعاون يعزز من التكامل بين الموارد المحلية والشراكات الدولية حيث يتم استغلال المزايا النسبية لكل شريك لدفع التنمية الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويمكن إجمال الرسائل التي تبعث بها مثل هذه اللقاءات والحوارات أن مصر تسعى إلى بناء اقتصاد قوي ومتكامل وتتميز ببيئة جاذبة للاستثمار وشراكات دولية متنوعة ما يعكس رؤية استراتيجية ترتكز على إصلاحات هيكلية واقتصادية طموحة لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة.
ولعل الرسالة الأبرز هي أن يسمع الطرف الأمريكي أن انضمام مصر لتجمع "بريكس" يضيف بعدا جديدا لشراكاتها الدولية على عدة مستويات حيث يتيح لها توسيع دائرة شركائها الدوليين حيث ما يسمح بتقليل الاعتماد على شركاء تقليديين كما أنه يفتح أمام مصر فرصا لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل تدفق الاستثمارات مع الدول الأعضاء ما يعزز التنمية الاقتصادية ويساهم في تحقيق النمو المستدام وتوفير منصة للتنسيق بين أعضائه في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية ما يمكنها من الحصول على دعم في مواجهة التحديات العالمية مثل ارتفاع أسعار الطاقة أو الأزمات المالية بالإضافة إلى أنه يعزز مكانتها الجيوسياسية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط وأفريقيا ويقوي نفوذها في القضايا الاقتصادية والتنموية وهي رسالة مهم أن يسمعها الشركاء الأمريكان لعدة اعتبارات فقد تمكنت مصر من تطوير شبكة شراكات قوية تحقق من خلالها مكاسب اقتصادية وتنموية وتعزز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية.