انتهت حملة التنقيب في جنوب إيطاليا تحديدا في كامبانيا، حيث استطاع علماء الآثار فتح ثلاثة خنادق على طول مسار الدرب الحديث، والمقصود بـ "مسار الدرب الحديث" هو الطريق الحالي الذي يمر فوق بقايا طريق تاريخي قديم، والذي تم إنشاؤه ليُحافظ على مسار الطريق الروماني الأصلي المعروف بـ "طريق ترايانا".
ووفقا لموقع labrujulaverde، يمتد هذا الطريق القديم بين مناطق إيطالية معينة من بينها بينيفينتو وبرينديزي، بينما "مسار الدرب الحديث" يمثل الطريق العصري المبني في هذا الموضع، ويسمح بإجراء حفريات وأبحاث أثرية دون أن يُضر بالبقايا الأثرية القديمة.
يقع هذا الدرب فوق بقايا تاريخية تمثل طريق ترايانا القديم، الذي أسسه الإمبراطور تراجان في عام 109 م كطريق بديل لطريق أبيا، ويعد أحد الشواهد المهمة على براعة التخطيط الروماني للطرق، والذي سهل السفر والتجارة، حيث كان يربط بين بينيفينتو وبرينديزي.
وفي 27 يوليو الماضي، أدرجت لجنة التراث العالمي في دورتها السادسة والأربعين في نيودلهي هذا الطريق تحت مسمى "ملكة الطرق" في قائمة التراث العالمي، ليصبح الموقع الإيطالي الستين الذي يحظى بهذا الاعتراف المميز من اليونسكو.
تستند تلك الجهود لادراجع داخل قائمة التراث العالمي إلى تاريخ الطريقين أبيا كلوديا وترايانا، حيث بُني طريق أبيا كلوديا في 312 ق.م لربط روما مع كابوا، ثم توسع لاحقاً ليصل إلى بينيفينتو وبرينديزي، ممهداً الطريق بين الغرب والشرق عبر الفتوحات الرومانية، أما طريق ترايانا الذي أنشأه الإمبراطور تراجان عام 109 م، فكان يمثل الطريق الأحدث والأسرع بين بينيفينتو وبرينديزي، ما سهل حركة التجارة والتنقلات بشكل كبير.
استهدفت هذه التنقيبات تعزيز أحد الأقسام التسعة عشر التي تم تحديدها كجزء من مواقع التراث العالمي، والذي يمتد عبر أراضي بينيفينتو، بادولي، سانت أركانجلو تريمونتي، وبونالبيرجو، وهذا التدخل العلمي هو الأول من نوعه على طريق ترايانا بعد الاعتراف بهذا المسار، وجاء نتيجة تعاون وثيق بين بلدية بادولي وهيئة الرقابة على الآثار والفنون الجميلة والمناظر الطبيعية وجامعة سالينتو.
وقد تم الاعتماد في هذه الجهود على تقنيات حديثة ومستمرة من الاستطلاع الطبوغرافي والمسح الجوي باستخدام طائرات بدون طيار مجهزة بأجهزة استشعار متعددة مثل البصرية، الحرارية، والمتعددة الأطياف، بالإضافة إلى تقنية ليدار، بجانب حملات مسح جيوفيزيائية متقدمة.
وأوضح البروفيسور جوزيبي سيراودو أن هذه المنهجية البحثية المتقدمة وغير الجراحية تتيح لنا تحديد الأصول المدفونة للتراث، حيث أظهرت مسوحات منطقة منتدى نوفوم وجود شذوذات هيكلية تشير إلى آثار مدفونة.
وضعت هذه الشذوذات لحفريات أثرية مكثفة، ما سمح بفحصها بدقة، وأتاحت الاكتشافات الأثرية في هذه الحملة الأولى فرصة هامة لإعادة بناء وتحديد مخطط حي Forum Novum، الذي كان يعتبر محطة استراحة رئيسية على طريق ترايانا، حيث يبعد حوالي 15 كم عن نقطة بدايته في بينيفينتو، ويعتبر بمثابة محطة للخدمات والتزود بالمؤن للمسافرين.
عثر أثناء الحفريات على بقايا مبنى ضخم لا تزال وظيفته غير واضحة، ويعود إلى أواخر العصور الوسطى، ويعتقد أن العديد من أحجاره كانت مأخوذة من الرصيف الأصلي لطريق ترايانا، ما يعطيه قيمة تاريخية إضافية.
وقد وُجد أن البناء الكبير يرتبط بمنطقة دفن مجاورة في الخندق الأول، ما أثار فرضية مثيرة للاهتمام تتعلق بإمكانية ارتباط الموقع بعبادة رئيس الملائكة، والتي قد تكون أسهمت في نشوء مستوطنة دينية أضفت على المنطقة بعداً ثقافياً وروحانياً يمتد منذ العصور القديمة.

