أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً يسلِّط الضوء على المؤشرات التى نجحت مصر فى إحراز تقدم كبير بها خلال الفترة من (2014 - 2024)، واستعرض التقرير موقف مصر فى مؤشر تطور التجزئة العالمى الذى يعمل على توجيه الاستثمارات فى قطاع التجزئة ويصنف المؤشر أفضل الدول الناشئة للاستثمار فى قطاع التجزئة ولا يحدد الأسواق التى تتمتع بالجاذبية اليوم، بل التى توفر إمكانات مستقبلية؛ فقرار دخول سوق جديدة أو توسيع أو وقف العمليات فى الأسواق القائمة هو قرار ذو أهمية كبيرة، ومع ارتفاع المخاطر التجارية يحتاج تجار التجزئة الأذكياء إلى بيانات موضوعية ورؤى مستنيرة؛ لدعم استراتيجيات دخول السوق أو الخروج منها أو التوسع فيها، ولهذا السبب أنشأت شركة "Kearney" مؤشر تطور التجزئة العالمى (GRDI) فى عام 2002.
ويجيب مؤشر تطور التجزئة العالمى (GRDI) لشركة "Kearney"، عن عدة أسئلة وهي: (1- هل يفكر تجار التجزئة فى دخول أسواق جديدة؟، 2- هل ينبغى لتجار التجزئة التوسع فى الأسواق الناشئة رغم احتمالية تحقيق أو عدم تحقيق عوائد؟، 3- ما الآليات المستخدمة لتقييم تجارة التجزئة الحديثة فى الدول التى يهيمن عليها البائعون غير الرسميين أو التقليديين؟).
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار خلال التقرير إلى منهجية مؤشر (Kearney Global Retail Development Index) حيث يصنف نحو 30 دولة نامية على مقياس يتراوح من صفر إلى 100 نقطة، وكلما ارتفعت القيمة كان ذلك أفضل ويتم اختيار الدول من بين مائتى دولة من خلال ثلاثة معايير كالتالي: (1- مخاطر الدولة: أن تحصل الدولة على درجة أعلى من 35 فى درجة مخاطر الدولة المنشورة فى مجلة "يوروموني"، 2- حجم السكان: أن يكون عدد سكان الدولة خمسة ملايين نسمة أو أكثر، 3- الثروة: نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى يتجاوز 3000 دولار)، ويتم حساب المؤشر بناءً على 4 مؤشرات فرعية لكل منها نفس الوزن النسبى فى المؤشر وهو 25%، وتتضمن المؤشرات الفرعية: (1- مخاطر الدولة، 2- جاذبية السوق، 3- تشبع السوق، 4- ضغط الوقت).
وأشار التقرير إلى أن مصر تعد واحدة من أكبر قواعد المستهلكين فى المنطقة مع إمكانات نمو ضخمة طويلة الأجل لتجار التجزئة، وتم استعراض تطور قيمة وترتيب مصر فى المؤشر خلال (2016 - 2023) حيث تقدم ترتيب الدولة المصرية 24 مركزًا خلال 7 سنوات واحتلت المركز السادس من 30 دولة خلال عام 2023.
كما استعرض المركز فى تقريره أبرز تطورات قطاع التجزئة فى مصر وفقًا للمؤشر، ففى عام 2009 وصلت نسبة تراوح معدلات نمو تجارة التجزئة فى مصر إلى (5-15%) مدفوعة فى المقام الأول بالتحول من قنوات التجزئة التقليدية إلى قنوات التجزئة المنظمة مما يجعل مصر سوقًا جاذبة للاستثمار الطويل الأجل.
وفى عام 2011 بلغت نسبة توقع نمو سوق التجزئة المصرية على مدى خمس سنوات 10% منذ عام 2011 مدفوعة بتعداد سكانى كبير ونشط ومتزايد يتجاوز 80.4 مليون نسمة يكتسبون القدرة الشرائية.
أما فى عام 2016 فقد وصل حجم مبيعات التجزئة إلى 133 مليار دولار، فمع استقرار البلاد (حيث اعتبر البعض افتتاح قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2015 بمثابة إشارة إيجابية) فإنها تقدم قيمة جذابة من المدى المتوسط إلى الطويل للاستثمارات فى التجزئة وكان من المتوقع أن يتضاعف إجمالى مبيعات التجزئة بحلول عام 2021.
وقد انضمت مصر مرة أخرى إلى المؤشر فى عام 2016 بعد خروجها منذ عام 2012 فى أعقاب ثورة يناير 2011 واحتلت المركز الثلاثين عام 2016 فى ظل انخفاض المخاطر التى كانت تواجهها البلاد ببطء، مع سهولة وصول تجار التجزئة الدوليين فى هذه الفترة إلى الطبقة المتوسطة سريعة النمو.
واتصالًا، فى عام 2019 بلغ حجم مبيعات التجزئة 115.5 مليار دولار حيث شهد قطاع التجزئة نموًا قويًا بنسبة 25% من عام 2017 إلى عام 2018، وفى عام 2021 أوضح المؤشر أن ما يقرب من 90% من المستهلكين يتمتعوا بثقة عالية فى المدفوعات الرقمية -بنسبة تزيد على 690%- للمعاملات داخل المتجر وعند التسليم وهو ما يفسر جزئًا نجاح أسواق التجارة الإلكترونية مثل "سوق. كوم، وجوميا"، ووجد استطلاع أُجرى عام 2020 زيادة بنسبة 78% فى مستخدمى الدفع الإلكتروني وزيادة بنسبة 44% فى مستخدمى رمز الاستجابة السريعة، وزيادة بنسبة 20% فى المستهلكين الذين يدفعون عبر الإنترنت من خلال البطاقات والمحافظ الإلكترونية.
وشهد عام 2023 معدل نمو فى حجم المعاملات التى تتم من خلال نقاط البيع الإلكترونية بنسبة 71% فى سبتمبر 2023 مقارنًة بعام 2021 وزاد حجم المعاملات من خلال المحافظ المحمولة بنحو 325% فى سبتمبر 2023 مقارنًة بعام 2021، ومنذ عام 2022 اكتسب سوق (BNPL) زخمًا بسبب ارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، ويقدم لاعبون مثل (valu - sympl) خيارات (BNPL) وخطط دفع بدون فوائد، وعلى الرغم من كل التحديات التى تواجهها تواصل مصر جذب تجار التجزئة.
وأشار التقرير إلى حجم مبيعات قطاع التجزئة، حيث وصل فى عام 2016 إلى نحو 133 مليار دولار أمريكي، قبل أن يتراجع إلى 115.5 مليار دولار أمريكى عام 2019، ثم يشهد زيادة كبيرة فى عام 2021 ليصل إلى 200 مليار دولار أمريكي، وفى عام 2023 بلغ حجم مبيعات القطاع 303 مليارات دولار أمريكي.
تناول التقرير التحليل الرباعى لسوق التجزئة فى مصر، الصادر عن وكالة فيتش متضمناً توقعات حتى عام 2028، حيث تمثلت نقاط القوة في: (1- تمويل برنامج "صندوق النقد الدولي" بقيمة 8 مليارات دولار أمريكى بصورة تعزز الإنفاق الاستهلاكي، 2- تعزيز الاقتصاد الكلى على المدى البعيد مما سيوفر فرصًا أكبر للتوسع فى هذه السوق ويجعلها أكثر ربحية لشركات الأغذية والمشروبات الدولية، 3- أصبحت مصر أكثر تحضرًا مما يدعم صعود أشكال البيع بالتجزئة الحديثة، 4- تخفيف قانون مراكز التسوق الذى أقرته الحكومة المصرية فى عام 2018 والذى يشترط أن تشتمل جميع مشروعات العقارات الجديدة على منطقة تجارية، جعلها أكثر جاذبية لمطورى التجزئة لبدء مشروعاتهم الجديدة، 5- وصول عدد سكان مصر لأكثر من 106 ملايين نسمة مما يوفر واحدة من أكبر قواعد المستهلكين فى المنطقة مع إمكانات نمو ضخمة طويلة الأجل لتجار التجزئة، 6- عدد سكان مصر الكبير يجعل هناك سوقًا استثمارية رئيسة للعديد من تجار التجزئة، 7- توفر شعبية مصر بين السياح فرصًا لقطاعى الخدمات الغذائية والضيافة على المدى المتوسط، 8- أدت الروابط الوثيقة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى انتشار العلامات التجارية الإقليمية).
فيما تمثلت أبرز نقاط الضعف وفق التقرير في: (1- انخفاض دخل الأسر المصرية خاصًة فى المناطق الريفية، 2- انخفاض مشاركة القوى العاملة النسائية يحد من نمو دخول الأسر مما يقلل من فرص تجار التجزئة فى بيع المنتجات غير الأساسية، 3- انخفاض عدد الأسر التى يزيد دخلها على 50ألف دولار أمريكى حتى عام 2028 يؤثر بالسلب على الاستهلاك، 4- تعتمد العديد من الأسر المصرية على التحويلات المالية مما يجعلها عرضة للصدمات الخارجية).
أما الفرص التى أشار إليها تقرير فيتش فتتمثل في: (1- إمكانية تشكيل الاستثمار فى مراكز التسوق الجديدة على مستوى البلاد فرصة لتوسيع تجارة التجزئة والاستفادة من الطلب المتزايد للطبقة المتوسطة الكبيرة، 2- إمكانية خلق السكان الشباب فرصًا لتجار التجزئة عبر الإنترنت على المدى المتوسط وخاصة بعد جائحة "كوفيد -19" حيث تبنى عدد متزايد من المستهلكين التجارة الإلكترونية، 3- تبنى السكان الأثرياء والشباب فى البلاد عادات إنفاق حديثة بشكل متزايد مما سيعزز الطلب على السلع غير الأساسية مثل السلع المنزلية والملابس الأحذية على المدى المتوسط إلى الطويل، 4- من المقرر أن ينمو سوق العقارات بالتجزئة بقوة مع تحويل محلات السوبر ماركت والهايبر ماركت والمتجر الكبرى والمتخصصة ومراكز التسوق الحديثة إلى أشكال البيع بالتجزئة المتاحة لتجار التجزئة المحليين والدوليين، 5- من المتوقع أن يستفيد المستهلكون من زيادة الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية على المدى المتوسط إلى الطويل، 6- تشتهر مصر بكونها مركزًا للتصنيع فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى جانب أسواق أخرى فى شمال إفريقيا والتى يمكن أن تقدم طريقًا تسويقيًا مثيرًا للاهتمام لبعض تجار التجزئة).
وتتمثل التحديات في: (1- الحرب الدائرة فى غزة والتى أدت إلى تباطؤ أكثر وضوحًا فى نشاط الاستثمار والحد من السفر والسياحة، 2- زيادة الضغوط التضخمية إلى الارتفاع مما يثقل كاهل ميزانيات الأسر ويقلل من القدرة على الإنفاق غير الضروري، 3- باعتبارها أكبر مستورد للقمح فى العالم فإن الزيادة فى تضخم الغذاء يضيف ضغوطًا تضخمية على مصر مما يثقل كاهل القدرة الشرائية للمستهلكين)، ومن المتوقع أن تقل جميع هذه التحديات إلى حد ما فى عام 2024 مما يخلق نموًا فى عام 2024 وما بعده.
تناول مركز المعلومات فى تقريره جهود الحكومة المصرية فى هذا الشأن والتى تمثلت في: (1- إقرار الحكومة قانون مراكز التسوق فى عام 2018 والذى يشترط أن تتضمن جميع المشروعات العقارية الجديدة منطقة تجارية مما يجعلها أكثر جاذبية لمطورى التجزئة لبدء مشروعات جديدة، 2- تركيز الحكومة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتنمية خدمات النقل الخارجى حيث أطلقت "استراتيجية مصر الرقمية لصناعة النقل الخارجى 2022-2026" على أمل مضاعفة عائدات التصدير الناتجة عن خدمات النقل الخارجى ثلاث مرات وخلق 215 ألف فرصة عمل، 3- تشجيع الحكومة المصرية على نمو تجارة التجزئة حيث أصبحت مراكز التسوق شائعة بشكل متزايد فى مصر وخاصًة فى المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية والجيزة ومنا ما يلي: "فى مايو 2023، أعلنت (GMG) عن خطط لافتتاح أكثر من 100 متجر بيع بالتجزئة للأدوات الرياضية فى جميع أنحاء مصر بحلول عام 2026، تعمل الحكومة على أن يتوسع قطاع التجارة الإلكترونية فى مصر بطريقة آمنة وجديرة بالثقة".
وأشار التقرير فى ختامه إلى توقعات قطاع التجزئة فى مصر وفقاً لمؤسسة فيتش والتى تمثلت في: (1- نمو قطاع التجزئة فى مصر بنسبة 11% أو أكثر خلال السنوات الأربع إلى الخمس المقبلة، 2- زيادة إنفاق الأسر على المدى المتوسط (2024- 2028) مع زيادة النشاط الاقتصادى وتخفيف الضغوط التضخمية مما يدعم القدرة الشرائية للمستهلكين، 3- ستشكل الضروريات نحو ثلث ميزانيات الإنفاق الأسرى خلال الفترة (2024- 2028) وسينمو الإنفاق الأساسى بوتيرة أسرع من الإنفاق غير الضرورى مما يشير إلى تحول فى أنماط الشراء.