الخميس 21 نوفمبر 2024

ثقافة

مذكرات جرجي زيدان| الفصل السادس «هيكل بشري» (5-3)

  • 1-11-2024 | 10:17

جرجي زيدان

طباعة
  • بيمن خليل

بمناسبة الذكرى الـ110 لرحيل عملاق الأدب والفكر العربي، جرجي زيدان، تقوم "بوابة دار الهلال" بإعادة نشر مذكراته الشخصية، هذه المذكرات القيّمة، التي خطها زيدان بقلمه، سبق أن نشرتها مجلة الهلال على سبعة أجزاء متتالية في أعدادها الشهرية، بدأ نشرها في الأول من فبراير 1954، واستمر حتى الأول من سبتمبر من العام نفسه، مما يتيح الآن فرصة جديدة للقراء للاطلاع على هذه الوثيقة التاريخية الهامة في سيرة أحد أبرز رواد النهضة العربية.

هذا هو الفصل السادس من مذكرات مؤسس الهلال، وقد وقف في الفصل الماضي عند الحديث على نجاحه في امتحان القبول بكلية الطب بالمدرسة الكلية ببيروت "الجامعة الأمريكية الآن"، وكيف تم له هذا النجاح على الرغم من العقبات التي كانت أمامه، ثم تغلب عليها بالصبر والثبات والاجتهاد حتى حقق أمنيته، وأصبح طالبا بهذه الكلية، وفي هذا الفصل يتحدث عن حياته الدراسية بهذه الكلية.

الفصل السادس: هيكل بشري

كذلك كانت دراسة التشريح من ألذ الدراسات وأمتعها عندي، لما فيها من وقوف على أسرار تكوين الجسم البشري، ولم يكن لدراسته بد من اقتناء عظام الهيكل البشري للدرس عليها، وكانت هذه العظام قليلة، لصعوبة الحصول على الجثث. واستنكار الناس تشريح جثث موتاهم، فكانت الكلية تدفع ثمنا باهظا للحصول خفية على إحدى الجثث، أما العظام فكان الطلبة يشترونها من بعضهم بعضا، ويندر أن يكون لدى أحدهم هيكل تام بأجزائه الكبيرة والصغيرة، ولذلك حدثتني نفسي بأن أسعى للحصول على هيكل كامل، ثم بلغني يوما أن رجلا من أهل رأس بيروت توفى منذ أربعة ايام ودفن في المقبرة العامة هناك فاتفق زميل لي في الكلية مع أحد حفاري القبور على أن يسرق جثة هذا المتوفى، فزار معه تلك المقبرة بالنهار للتحقق من موضع القبر الذي به الجثة، ثم توجهنا معه إلى هناك بعد منتصف الليل، غير أننا ضللنا الطريق إلى القبر المطلوب، ونبش العامل خطأ عدة قبور أخرى غير قبر هذا الرجل، ثم فوجئنا بأن الجثة ليست في تابوت يسهل حمله، وخشينا أن يدهمنا الفجر فيفتضح أمرنا ويحدث ما لا تحمد عقباه، فلم يسعنا إلا أن قنعنا من الغنيمة بالإياب، حاملين ما استطعنا حمله من العظام التي وجدناها هناك.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة