لمصر أعيادها الخاصة منها القادم من عمق التاريخ مثل «شم النسيم»، ومنها ما هو مستحدث مثل «عيد الحب» في الرابع من نوفمبر من كل عام والذي دعا اليه الصحفي الكبير مصطفى أمين «1914 – 1997».. ولأن السينما المصرية احتفت بالحب عبر تاريخها فكان من الطبيعي أن يحتفل مهرجان الإسكندرية السينمائي هذا العام بالحب، ويقرر الناقد الأمير أباظة رئيس المهرجان إعداد قائمة بأفضل 100 فيلم رومانسي مصري ويعكف الناقد سيد محمود سلام مع 52 ناقدا لاختيار الأفلام.
ويتم الإعلان عن قائمة طويلة يستطيع القارئ الكريم الاطلاع عليها كاملة على المواقع السينمائية.. وسوف أتحدث اليوم عن أهم عشرة أفلام في القائمة «التوب تن» وكما قال عبد الرحمن الأبنودي بصوت نجاة «قصص الحب الجميلة.. أكيد ناقصها قصة».. نعم توجد قصة وراء كل فيلم من أفلام الحب الجميلة.
يأتي على رأس القائمة فيلم "حبيبي دائما" إنتاج 1980 إخراج حسين كمال من بطولة نور الشريف وبوسي، سيناريو د.رفيق الصبان وحوار الكاتبة والأديبة كوثر هيكل وهو الفيلم الذي تأخر إنتاجه 10 سنوات، لأن بطله نور الشريف بعد قراءته لرواية إيريك سيجال "قصة حب" وبعد النجاح الهائل للفيلم المأخوذ عنها تمنى أن يقدم فيلما عن نفس القصة أمام زوجته بوسي، ولكن كان للسيناريست الكبير رفيق الصبان رأى آخر وأدخل تعديلات كبيرة خاصة في شخصيتى بطلي قصة الحب "إبراهيم وفريدة".. لكنه لم يمس النهاية الحزينة برحيل البطلة وكان لذلك تأثير كبير خاصة على جمهور السينما من الفتيات، وانتزع الفيلم مكانة خاصة كنموذج للفيلم الرومانسي واستمرت هذه المكانة لم تهتز حتى تم اختياره في صدارة قائمة اقضل 100 فيلم مصري رومانسي.
يأتي فيلم "الوسادة الخالية" إنتاج 1957 في المركز الثاني عن قصة إحسان عبد القدوس وسيناريو وحوار السيد بدير وبطولة عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز في أول أدوارها على الشاشة، ومما لا شك فيه أن الكثير من أدباء العالم في النصف الأول من القرن العشرين قد تأثروا برواية "جاتسبي العظيم" للروائي الأمريكي فرنسيس سكوت فيتزجيرالد المنشورة عام 1925 وقدمتها السينما في أربعة أفلام إلى جانب عشرات الأفلام المقتبسة عنها، وهي تحكي عن شاب فقير يقع في حب فتاة جميلة تهجره من أجل الزواج من أحد الأثرياء فيقرر الشاب السفر من المدينة ويعيش في منطقة بعيدة ويعمل في تجارة المخدرات وتهريب الكحول ويكسب الملايين ويعود للمدينة مرة أخرى من أجل استعادة محبوبته القديمة .. بالطبع قصة إحسان عبد القدوس لا علاقة لها بجاتسبي العظيم، لكن مايسمي بصدمة الحب الأول كانت الدافع القوي للشاب من أجل تحقيق الثراء .. في الوسادة الخالية نجد قصة حب صلاح وسميحة تنتهي عندما يتقدم طبيب ناجح للزواج من سميحة ويكاد صلاح يتحطم ولكنه يستعيد توازنه وينصرف لعمله ويحقق النجاح ليثبت لسميحة أنه كان يستحق حبها ويتمنى بينه وبين نفسه أن تندم لعدم الارتباط به، والمفأجاة أن "سميحة" لم تكن تعيسة مع الطبيب واستطاع "صلاح" ان يبدا تجربة حب جديدة مع فتاة غيرها .. لكنه وهم مايسمى بالحب الأول.
الفيلم الثالث في القائمة هو "أغلى من حياتي" إنتاج 1965 إخراج محمود ذو الفقار وسيناريو محمد أبو يوسف وفتحي زكي ومأخوذ عن رواية "الشارع الخلفي" للكاتب فاني هيرست وبطولة شادية وصلاح ذو الفقار ، وهو الفيلم المعروف بالصيحة الشهيرة "أحمد .... منى" ويحكي الفيلم عن قصة حب لم تكتمل بين شاب وفتاة يسافر بعدها الشاب للدراسة بالخارج ويعود ويتزوج ويصبح مسئولا عن أسرة، ولكن فجأة يظهر الحب القديم ويتجدد ويتزوجان سرا ولكن في النهاية تنكشف الحقيقة وتتعرض الحبيبة البريئة للإهانة من ابن حبيب العمر.
الفيلم الرابع قمة من قمم السينما المصرية وهو فيلم "نهر الحب" إنتاج 1960 للمخرج عز الدين ذو الفقار وسيناريو وحوار يوسف عيسى عن رواية "أنا كارنينا" لتولستوي بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف، ومن المستحيل إغفال اسم الفنان العظيم زكي رستم رغم أنه ليس العاشق بل هو الغريم القوي والزوج الذي يعرف ان زوجته تقع في حب ضابط شاب، وتأثير هذا الفيلم على جمهور المشاهدين مازال ممتدا حتى اليوم ويظهر على صفحات السوشيال ميديا لقطات من الفيلم تجمع بين الزوج طاهر باشا "زكي رستم" يؤنب زوجته نوال "فاتن حمامة" ويضع مستخدمو الفيسبوك عبارات تختلف تماما عن حوار الفيلم ولكنها تؤكد حضوره في ذاكرة المشاهدين .. وظل البعض لسنوات يعتقدون أن عز الدين ذو الفقار وقع اختياره على قصة هذا الفيلم لأنها تشبه قصة حياته بعد أن تركته فاتن حمامة لتتزوج من عمر الشريف. وقال آخرون بل الفيلم يتحدث بالرمز عن ثورة يوليو عندما رفضت مصر حكم الباشاوات واتجهت إلى حب الضابط الشاب، وكل هذه القصص والكواليس تؤكد تعلق الجمهور بالفيلم بعد عشرات السنين من إنتاجه.
الفيلم الخامس "بين الأطلال" 1959 إخراج عز الدين ذو الفقار عن رواية ليوسف السباعي تتحدث عن قصة حب عابرة للأجيال يبدأ الفيلم بالشاب "كمال" الذي يتقدم لخطبة الفتاة "منى"، ولكن أمها تطلب من كمال قراءة مذكرات والدها الكاتب محمود الذي كان يحب الأم بالرغم من أنه متزوج ويكبرها بكثير، وتتوالى التحديات لهذا الحب الذي ليس له مكان في الأرض إلى أن تتزوج الأم من شخص آخر، ويصاب محمود بشلل نتيجة حادث سير ويتوفى إثر ذلك وتعيش "الحبيبة – الأم" في بيت محمود لأنها ساعدت زوجته في ولادتها لتعش "بين الأطلال" ولكن الأقدار الجميلة تتوافق مع العاطفة القوية وتجعل ابنة محمود تقع في حب كمال ابن مني وتنتقل العاطفة من جيل الى آخر.
ويعود العندليب الأسمر الي القائمة بفيلم "أيامنا الحلوة" إنتاج 1955 تأليف وإخراج حلمي حليم وسيناريو علي الزرقاني مأخوذ عن رواية "البوهيمية" لهنري ميرجيه وبطولة فاتن حمامة وعمر الشريف وعبد الحليم حافظ وأحمد رمزي ويضم الفيلم مجموعة من أجمل أغاني العندليب مثل : "ياقلبي خبي" و "الحلو حياتي" "هي دي هي" و "ليه تشغل بالك ليه " وأتذكر عندما مات العندليب في مارس 1977 أن اختارت سينما الحمرا الصيفي بمصر الجديدة هذا الفيلم بالتحديد لتعرضه ثاني يوم وفاته وظل طوال 3 أسابيع يشاهده الجمهور، تدور أحداث الفيلم حول فتاة فقيرة تسكن في غرفة فوق السطوح بجوار غرفة لثلاثة شباب من طلاب الجامعة يقعون في حبها جميعا، ويكتشفون معاناتها من مرض خطير يستلزم إجراء عملية جراحية، يتهافت الجميع على مساعدتها لإجراء العملية الجراحية مهما كلفهم ذلك من تضحيات .
سابع أفلام قائمة الرومانسية فيلم "رد قلبي" إنتاج 1957 وإخراج عز الدين ذو الفقار عن قصة ليوسف السباعي ويكاد يكون من أشهر أفلام الخمسينيات نظرا لأن التليفزيون يحرص على عرضه كل عام في ذكرى ثورة يوليو وهو من بطولة مريم فخر الدين وشكري سرحان وحسين رياض وصلاح ذو الفقار وعلى أفيش الفيلم مكتوب عبارة "قصة حب ...... وقصة شعب" .. وفي الفيلم يعمل رب الأسرة الريس عبد الواحد في قصر أحد أمراء الأسرة المالكة. يربط الحب بين ابنه "علي" والأميرة "إنجي" ابنة الباشا منذ الصِغَر، يصبح "علي" ضابطًا في الجيش ثم يكتشف علاء شقيق إنجي العلاقة ويبلغ والده الباشا فيواجه الريس عبد الواحد الذي يطلب يد إنجي لابنه ويرفض الباشا رفضًا قاطعا ويطرده من عمله،. بعد ثورة 52، يرأس "علي" لجنة مصادرة أملاك الباشا والمجوهرات الخاصة بالأسرة ، تلقاه إنجي التي تظن أنه جاء شامتًا ولكنها تكتشف صدق عاطفته، وتطلب منه الاحتفاظ بقلب صغير من الذهب كان قد أهداه لها قبل سنوات ومن هنا جاء اسم الفيلم "رد قلبي".
يعود العندليب للقائمة بفيلم "معبودة الجماهير" إنتاج 1967 إخراج حلمي رفلة قصة مصطفى أمين سيناريو يوسف جوهر وحلمي حليم وحوار محمد ابو يوسف، من بطولة شادية وعبد الحليم حافظ وفي الفيلم مجموعة رائعة من الأغاني مثل دويتو "حاجة غريبة" لشادية وحليم و"لست قلبي" و "جبار" و"أحبك" و "بلاش عتاب ياحبيبي" ويحكي الفيلم عن قصة الحب التي جمعت الممثلة سهير"شادية" والممثل الناشئ المغمور إبراهيم "عبد الحليم حافظ". يخشى مخرج أفلامها "يوسف شعبان" أن تنشغل بحبها وزواجها عن فنها فهو من المستفدين من نجاحها، فيرسل لها من تدّعي أن إبراهيم زوجها وأبو أولادها .. تثور سهير لكرامتها وتهين إبراهيم أمام الجمهور. يصمم إبراهيم أن يثبت للجمهور أنه صاحب موهبة في الموسيقى والغناء، وبالفعل يصبح مطربًا ناجحًا في الوقت نفسه يهوى نجم سهير. تنكشف الحقيقة للاثنين وتعود قصة حبهما للحياة .
وفي المركز التاسع تأتي قمة أخرى من قمم السينما المصرية وهو فيلم "دعاء الكروان" إنتاج 1959 إخراج هنري بركات عن قصة لعميد الأدب العربي د.طه حسين وسيناريو وحوار يوسف جوهر وبطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا وأمينة رزق وعبد العليم خطاب .. أما بالنسبة لمضمون الفيلم، والذي أصبحت قصته من كلاسيكيات السينما المصرية، فهو يحكي عن "آمنة" الفتاة الريفية التي تعمل خادمة عند المأمور وأختها هنادي عند مهندس الري، حيث تقع أختها "هنادي" في حب ذلك المهندس الأعزب الذي يعتدي عليها ويحطم حياتها، وبالتالي يقوم خالها بقتلها .. فتقرر آمنة بعد أن عاهدت نفسها مع دعاء الكروان الانتقام لأختها من ذلك المهندس.. وهناك في منزل المهندس تحاول أن تنفذ العهد بالانتقام ولكنها لاتقوى، فقد تحرك قلبها وبدأ يميل نحوه، إلا أنها تدوس على مشاعرها وترفض البقاء معه وتقرر الرحيل عنه، حيث إنها تعرف بأن طيف أختها "هنادي" سيبقى حاجزاً بينها وبينه .. يقوم الثنائي جوهر وبركات بتعديل نهاية القصة وبدلا عن مصرع آمنة على يد خالها يتلقى المهندس الرصاص بدلا عنها ويوافق طه حسين على تغيير النهاية.
يأتي فيلم "سهر الليالي" في المركز العاشر وهو شرف كبير للمخرج هاني خليفة أن يوضع فيلمه إلى جوار أفلام العمالقة: صلاح أبو سيف وبركات وعز الدين ذو الفقار وحسين كمال وحلمي رفلة ومحمود ذو الفقار وحلمي حليم .."سهر الليالي" إنتاج 2003 سيناريو تامر حبيب من بطولة جماعية لكل من: حنان ترك، منى زكي، جيهان فاضل، علا غانم، شريف منير، أحمد حلمي، خالد أبو النجا، وفتحي عبد الوهاب. رشح الفيلم لجائزة الأوسكار ووصل للتصفيات قبل النهائية. الفيلم يدور حول ثمانى شخصيات منهم 3 زيجات تجمعهم صداقة قديمة: خالد "فتحي عبد الوهاب" الزوج اللعوب وزوجته المحبة بيرى "منى زكي" ، الصديق المتحرر سامح "شريف منير" وعلاقته بالفتاة إيناس "علا غانم" ، الشاب عمرو "أحمد حلمي" وزوجته فرح "حنان ترك" ابنة الراقصة المعتزلة الثرية ذات المشاعر المتضاربة، خاصة تجاه خطيبها السابق علي "خالد أبو النجا" الذي لم ينجح عاطفيا في إرضاء زوجته مشيرة "جيهان فاضل" .. يلتقون جميعا في عيد ميلاد ابنة خالد وبيري وبعد عيد الميلاد يجتمع كل زوجين لكي يواجها مشاكلهما. وتتغير بعض المصائر قرب نهاية الفيلم ويقتنع سامح بالزواج من إيناس ويعود كل زوج لزوجته في محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقة الزوجية.
الاطلاع على القائمة الكاملة لأفضل 100 فيلم مصري رومانسي ينشط الذاكرة ويعيد الحياة لتفاصيل أفلام كدنا أن ننساها في زحمة الحياة، ويبقى الحب مصدر إلهام لكل الأفلام سواء العاطفية أو غيرها .. حب الحياة أكبر دوافع الإبداع لفنان السينما وإذا افتقدنا هذا الحب افتقدنا السينما الجميلة أيضا. كما أن كل مشاهد قادر على إضافة قصة حبه الخاصة، لأن قصص الحب الجميلة أكيد ناقصها قصة.