كشف فريق من العلماء الأتراك والإسبان عن نتائج دراسة أثرية غرب تركيا تعيد النظر في التواريخ المعروفة لقناة مائية قرب مدينة ليبيدوس القديمة، وهي واحدة من المدن الإيونية الاثنتي عشرة في الأناضول.
وتعد المدن الإيونية الاثنتي عشرة مجموعة من المدن الإغريقية القديمة التي كانت تقع في منطقة الأناضول تركيا الحالية، وتحديدًا على ساحل بحر إيجه.
تشكلت هذه المدن في اتحاد يعرف باسم الرابطة الإيونية في القرن السادس قبل الميلاد، وكان لهذا الاتحاد دور هام في التاريخ الإغريقي، المدن الإيونية الاثنتا عشرة هي: ميليتوس، أفسس، سميرنا، كلازومينايي، كولوفون، برايني ، فوكاي، ليبدوس، تيوس ، إريثراي، هاليكارناسوس ، خيوس.
ووفقا لما نشره موقع labrujulaverde، نُشرت هذه الدراسة مؤخرًا في "مجلة العلوم الأثرية واعتمدت على تأريخ اليورانيوم والثوريوم لتحديد عمر التكوينات الكربونية التي تغطي قناة دوغانبي، وقد أظهر التأريخ احتمال إنشاء القناة قبل العصر الروماني، مما يرجح وجودها خلال فترة الاستيطان الإيوني.
قدّرت أعمار القناة بين 2717 ± 106 و2528 ± 106 عامًا، وهو ما يعزز إمكانية تواجدها قبل الحكم الروماني في المنطقة.
تشير النتائج إلى أن نظام إدارة المياه في ليبيدوس قديم بعمق أكبر مما كان يعتقد، مدفوعًا بالاستفادة من الينابيع الحارة الغنية بالمعادن التي كانت تجذب السكان المحليين بشكل مستمر.
تُعتبر قناة دوغانبي، الواقعة قرب إزمير، قديمة تاريخيًا بسبب قربها من بقايا حمام روماني موثق في كاراكوج، ومع ذلك، فإن الاختلاف في المواد وأساليب البناء مع عدم توافر دراسات أثرية كافية، قد أثار الشكوك حول توقيت بنائها.
كانت مدينة ليبيدوس ومثيلاتها من المدن الإيونية مثل تيوس وكلازوميناس معروفة للرحالة والمؤرخين القدماء الذين أشاروا إلى أهمية الينابيع الحارة فيها.
وقد عزز هذا الاكتشاف الشهادة التاريخية بفضل التأريخ العلمي الذي يثبت وجود مرافق استحمام سبقت العصر الروماني، ويؤكد أهمية موارد الطاقة الحرارية الأرضية في الحياة اليومية للمجتمعات القديمة.
تمتد القناة حوالي 500 متر، وتغطيها طبقة من رواسب الكربونات المعروفة محليًا باللبيدة، وقد تشكلت هذه الطبقات بسبب تدفق المياه الساخنة، وقدم التأريخ المعتمد على تقنية U-Th للمرة الأولى أدلة على أن اللبيدة تشير إلى وجود استيطان ما قبل الرومان في ليبيدوس.
استخدم الباحثون منهجية دقيقة لجمع عينات الكربونات على امتداد جدران القناة وقاعدتها، وتم تحليل العينات باستخدام تقنية متقدمة في مختبر U-Series في CENIEH، مما مكّن الفريق من تحديد عمر الطبقات الخارجية بدقة، وهذا الاكتشاف يشير إلى أن القناة قد صُممت وشيّدت بطريقة تُبرز كفاءة في هندسة المياه القديمة.
رغم الأضرار التي لحقت بالقناة بسبب الأنشطة الزراعية والطرق المجاورة، أشار الباحثون إلى ضرورة إجراء دراسات أوسع في المنطقة. يؤكد الفريق أيضًا على احتمال أن تكون الهياكل المجاورة بنفس القِدم، مما يستدعي إجراء بحوث دقيقة لتقديم صورة متكاملة لتاريخ المنطقة.
يُعد هذا الاكتشاف تقدمًا كبيرًا في فهم تاريخ الاستيطان في ليبيدوس، ويعزز الفرضية بأن قناة دوغانبي قد سبقت الحقبة الرومانية، مما يثري فهمنا للتراث الهندسي والهيدروليكي في غرب الأناضول ويكشف عن تقاليد إدارة المياه القديمة لدى الحضارات الإيونية.