الخميس 21 نوفمبر 2024

الهلال لايت

بحث جديد يوضح أنماط التغذية عند الإنسان في العصور القديمة

  • 5-11-2024 | 21:16

ارشيفية

طباعة
  • إسلام علي

اكتشف علماء الآثار في عام 2000 بقايا لثلاثة أفيال قديمة في موقع بامبور بوادي كشمير في الهند، يُعتقد أن عمرها يتراوح بين 300,000 و400,000 عام، بالإضافة إلى 87 أداة حجرية بالقرب من البقايا.

ووفقا لما نقله موقع sci.news، يعد هذا الاكتشاف إحدى أقدم الأدلة على نشاطات البشر الأوائل في المنطقة، حيث يقدم رؤى جديدة حول التفاعل بين البشر والحيوانات الضخمة كالأفيال خلال عصور ما قبل التاريخ.

في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة  Quaternary Science Reviews، عرض الباحثون تفاصيل دقيقة عن اكتشاف رقائق عظام الأفيال، التي تشير إلى أن البشر قاموا بضرب العظام بهدف استخراج النخاع، وهو نسيج دهني غني بالطاقة يمثل غذاءً هامًا، خاصة في بيئات قاسية أو مع قلة الموارد الغذائية.

ويظهر هذا الاكتشاف تطورًا في سلوكيات التغذية لدى البشر، حيث لم يقتصر اهتمامهم على اللحوم فقط، بل امتد إلى استخدام الأدوات لاستخراج النخاع من عظام الحيوانات الكبيرة، ما يشير إلى مدى براعتهم في الاستفادة القصوى من مواردهم.

في ورقة بحثية أخرى نُشرت في مجلة  Journal of Vertebrate Paleontology، أورد العلماء وصفًا مفصلاً لعظام الأفيال المكتشفة، والتي تنتمي لجنس الفيل المنقرض  Palaeoloxodon، الذي كان يتميز بأنيابه المستقيمة وطابعه الفريد.

وتشمل بقايا الفيلة جمجمة شبه كاملة تعود إلى  Palaeoloxodon turkmenicus، وهو نوع نادر تم اكتشافه في السابق مرة واحدة فقط في تركمانستان عام 1955.

وقد أظهرت الجمجمة المكتشفة في كشمير نموًا عظميًا غير طبيعي يُحتمل أنه ناجم عن عدوى مزمنة في الجيوب الأنفية، ما قد يُفسر ضعف هذا الفيل واحتمالية عدم مقاومته للعوامل البيئية، وربما وفاته لأسباب طبيعية بعد أن حوصر في رواسب لينة قرب نهر جيلوم، حيث عُثر عليه لاحقًا.

وما ميز هذا الاكتشاف أيضًا هو الأدوات الحجرية التي تم العثور عليها، والتي يبدو أنها صنعت من البازلت، وهو نوع من الصخور غير متوفر محليًا في وادي كشمير، مما يوحي بأن البشر قد جلبوا المواد الخام من مناطق بعيدة، وقاموا بتشكيلها في الموقع لملاءمة احتياجاتهم.

ويعتبر الباحثون أن هذه الأدوات التي يعود تاريخها إلى ما بين 300,000 و400,000 عام قد صُممت خصيصًا للجزارة واستخراج النخاع، وهو سلوك لم يُوثق سابقًا في شبه القارة الهندية، ويعود أقدم دليل سابق على الجزارة في الهند إلى أقل من عشرة آلاف عام، مما يجعل هذا الاكتشاف تحوّلًا كبيرًا في فهمنا لأنشطة البشر الأوائل في المنطقة.

وأثبت هذا الاكتشاف بشكل قاطع أن البشر الأوائل كانوا يأكلون الأفيال في وادي كشمير، ما يعزز فكرة أن البشر في عصور ما قبل التاريخ كانوا يعتمدون على مصادر غذائية متنوعة.

وتقدم بقايا الفيل المكتشفة معلومات غنية حول نوع  Palaeoloxodon، الذي يُعتقد أنه نشأ في أفريقيا قبل حوالي مليون عام قبل أن ينتشر تدريجيًا في أوراسيا.

ويشتهر هذا الجنس بسمات فريدة، خاصةً وجود جبين عريض وبارز بشكل غير معتاد مقارنة بالفيلة الحالية، حيث يمتلك نتوءًا فوق فتحات الأنف، إلا أن الأنواع القديمة من هذا الجنس في أفريقيا لم تكن تمتلك هذا النتوء البارز، بينما يُظهر Palaeoloxodon turkmenicus، الذي ينتمي إلى العينة المكتشفة، تطورًا جزئيًا لهذا الشكل، مما يجعله في مرحلة وسيطة بين الأشكال الأفريقية والأوروبية، وقد يساعد هذا في رسم خريطة التطور والهجرة لهذا الجنس عبر العصور.

ويشير الباحثون أيضًا إلى أن عدم وجود دليل مباشر على الصيد، مثل نقاط الرماح المغروسة في العظام، قد يعني أن البشر الأوائل لم يصطادوا الفيل مباشرة، بل قد يكونوا عثروا عليه بعد وفاته واستخدموه كمصدر غذائي، ويعتبر هذا السلوك شائعًا في سلوكيات البشر في عصور ما قبل التاريخ، حيث كان استغلال الجثث المتوفاة بديلاً مريحًا عن الصيد.

في هذا السياق، يرى العلماء أن هناك الكثير من الأدلة التي قد تكشف المزيد عن عادات البشر الأوائل في الهند، خاصة وأن الحفريات السابقة ركزت غالبًا على جمع العظام الكاملة مثل الجماجم أو عظام الأطراف، دون الالتفات للعظام المحطمة التي قد تحتوي على دلائل على سلوكيات الجزارة أو تكسير العظام لاستخراج النخاع.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة