تمثل إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت وتعيين يسرائيل كاتس خلفاً له خطوة جديدة ضمن استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعزيز نفوذه وسيطرته على المؤسسة العسكرية وتوجهاته السياسية.
تناولت عدة آراء من خبراء ومحللين استراتيجيين وأساتذة في العلوم السياسية الإقالة بأبعادها وتأثيراتها المحتملة على الوضع الداخلي الإسرائيلي، وكذلك على علاقات إسرائيل الإقليمية والدولية.
سمير فرج: إقالة جالانت خطوة لتفرد نتنياهو بالسلطة
علق اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، على إقالة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير دفاعه يوآف جالانت وتعيين يسرائيل كاتس خلفًا له، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق سعي نتنياهو للانفراد بالسلطة بعد الانتخابات الأمريكية.
وقال فرج في تصريحات لبوابة "دار الهلال": "نتنياهو يريد أن يحقق سيطرة كاملة على السلطة، ولذلك أقال وزير الدفاع ويتجه إلى إقالة رئيس الأركان والشاباك المسؤولين عن العمليات العسكرية في جيش الاحتلال".
وأضاف: "كان نتنياهو يعطي أوامر لم تنفذ كما يريد، وأعتقد أن هذه التغييرات ستمنحه السيطرة الكاملة على السياسة الخارجية والداخلية وعلى الجيش".
وفيما يتعلق بتأثير هذه القرارات على الوضع الداخلي في إسرائيل والمنطقة، أوضح فرج: "حاليًا، لا يوجد تأثير كبير على الداخل الإسرائيلي، لكن من المرجح أن تزداد وتيرة العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين في الفترة المقبلة".
وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أصدر قرارًا بتعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع بدلاً من يوآف جالانت، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة داخل إسرائيل.
طارق فهمي: إقالة جالانت قد تدفع نتنياهو للإطاحة بالمزيد من القادة العسكريين
قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، متحدثًا عن تداعيات إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، إن هذا القرار حوّل بنيامين نتنياهو من قائد سياسي إلى قائد عسكري بامتياز.
وأوضح فهمي في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، أن جالانت الذي يعتبر الرجل الأول للولايات المتحدة في الحكومة الإسرائيلية، كان يتمتع بدعم الإدارة الأمريكية، والتي كانت تفكر في استبدال نتنياهو به في بعض الأوقات.
وأكد الدكتور فهمي، أن جالانت، بحكم خبرته كوزير سابق للخارجية، يتميز بنظرة عقلانية وواسعة للأمور، وله رؤية منفتحة تتماشى مع المشروع الإقليمي.
وتابع أن نتنياهو بهذا القرار لا يستهدف جالانت وحده، بل قد يسعى لإقصاء عدد من القادة العسكريين الإسرائيليين الآخرين، خصوصًا في المنطقة الجنوبية، التي تشهد توترات وصراعات عسكرية مع لبنان.
وأشار فهمي، إلى أن جالانت كان يمثل ركيزة أساسية للإدارة الإسرائيلية، ويؤيد صفقة تبادل الأسرى والموافقة عليها، وكان يسعى إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، ولكن بقرار نتنياهو هذا، فإنه لا يلغي فقط أي نية لإجراء انتخابات مبكرة، بل يرسل أيضًا رسالة واضحة للإدارة الأمريكية برفضه لأي فكرة تتعلق بتشكيل حكومة جديدة، مما يعزز رغبته في البقاء في موقع القرار وفرض رؤيته العسكرية.
واختتم قوله بأن ذلك يظهر نتنياهو كسياسي يحاول إضفاء طابع القوة الصارمة على سياسته الداخلية، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في التركيبة القيادية للجيش الإسرائيلي، ويعكس توجها نحو تكثيف الإجراءات العسكرية وتحجيم النفوذ الأمريكي في الحكومة الحالية.
باحث بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية يكشف سبب إقالة نتنياهو لـ يوآف جالانت
ومن ناحيته، علّق الدكتور محمد هيكل، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، على قرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإقالة وزير دفاعه يوآف جالانت وتعيين يسرائيل كاتس خلفًا له، بالإضافة إلى تعيين جدعون ساعر وزيرًا للخارجية.
وقال هيكل في تصريحات لبوابة "دار الهلال" إن القرار لم يكن مفاجئًا، مشيرًا إلى أن الخلافات بين نتنياهو وجالانت كانت واضحة منذ عدة أشهر، وتنبأت الصحف الإسرائيلية بإقالة الأخير.
وأوضح أن الإقالة جاءت بسبب اختلاف المواقف بين الطرفين، حيث كان نتنياهو يضع هزيمة حماس وتسجيلات العمليات العسكرية كأولوية له، بينما كان جالانت يرى أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة الرهائن والأسرى.
وأضاف هيكل أن جالانت كان قد أعلن سابقًا تأييده لصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار التي كشف عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو الماضي، مؤكدًا أن "تعنت نتنياهو ووضعه لشروط جديدة حال دون تنفيذ الصفقة".
كما أشارهيكل إلى أن نتنياهو يسعى من خلال هذه القرارات إلى إرضاء اليمين الإسرائيلي، الذي يمثل الثقل في ائتلافه الحاكم، لافتًا إلى أن "واشنطن تنظر إلى جالانت باعتباره البديل المحتمل لنتنياهو في المستقبل بسبب علاقاته الجيدة مع القيادات الأمريكية"
وفيما يخص تعيين جدعون ساعر وزيرًا للخارجية، قال هيكل إن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز تحالف نتنياهو مع اليمين الإسرائيلي، موضحًا أن ساعر هو أحد الخبراء السياسيين المتمرسين الذين يضع فيهم نتنياهو ثقة كبيرة.
وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أصدر قرارًا بتعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع خلفًا ليوآف جالانت، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة في الداخل الإسرائيلي.
إكرام بدر الدين: استقالة جالانت لن تؤثر على الأوضاع الإقليمية في غزة ولبنان
قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن استقالة يوآف جالانت لن تؤثر تأثيرًا جوهريًا على الوضع الإقليمي، سواء على مستوى عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة أو في لبنان.
وأوضح أن هناك جذورًا سياسية متراكمة وخلافات قديمة بين نتنياهو وجالانت، حيث شهدت علاقتهما العديد من الاعتراضات من قبل نتنياهو على مواقف جالانت، وهو ما اعترف به نتنياهو علنًا في عدة لقاءات صحفية.
وأشار بدر الدين إلى أن إقالة وزير الدفاع ستترك أثرًا، لكن ليس بالقدر الذي يتصوره البعض، لأن التأثير الحقيقي يتمثل في مجموعة قرارات يتخذها مجلس الحرب بشكل جماعي، وليس في شخص واحد فقط، وأن الأمور ستستمر في مسارها الطبيعي؛ فالهيكل القيادي الإسرائيلي يعتمد على منظومة جماعية من القرارات وليست مرتبطة فقط بفرد محدد.
وأضاف الدكتور بدر الدين أن الإدارة الأمريكية قد لا تبدي رد فعل واضح حتى يوم 20 يناير، تاريخ التنصيب الرسمي للرئيس الأمريكي، موضحًا أن نتنياهو يأمل فعليًا في عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، أما بالنسبة للوضع في لبنان، فيبدو أن هناك توجهًا نحو التهدئة، بناءً على القرار الأممي رقم 1701، الذي تم التوصل إليه سابقًا ويشمل اتفاقًا على عدم توغل إسرائيل بعمق معين، بالتوافق مع حزب الله، وأكد بدر الدين أن هذه التفاهمات ليست لها أي علاقة باستقالة جالانت.