الخميس 21 نوفمبر 2024

سيدتي

بعد فوز ترامب .. هل سيتم منع الإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية؟

  • 6-11-2024 | 12:26

ترامب

طباعة
  • فاطمة الحسيني

مازالت قضية الإجهاض تثير الجدل في المجتمع الأمريكي، بين مؤيدين ومعارضين له والذي يختلف أرائهم من ولاية لأخرى، حيث يستخدم البعض مسمى «الإجهاض المتعمد» للجنين الحي أو الذي ما زال في طور النمو في نقطة ما خلال مرحلة الحمل، بينما يستخدم البعض مصطلح «الإجهاض الاختياري»، للإشارة إلى حق غير مقيَد للمرأة بالإجهاض، سواء اختارت أم لم تختار القيام به، وفي السطور التالية نستعرض أسباب الانقسام حول قضية الإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية، وأهم القوانين والقيود التي تمنع الإجهاض وتجرمه.

 في عام 1973 وذلك قبل قرارات المحكمة العليا للولايات المتحدة إثر قضية رو ضد وايد ودو ضد ولاية "بولتون " التي جرّمت الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، بعد أن كان يتم قانونيًا في عدد من الولايات، تم فرض أطرًا قانونية لتشريعات الولاية بخصوص الموضوع، حيث وضعت مدة زمنية صغرى خلال فترة الحمل، تعتبر الإجهاض خلالها فعلًا قانونيًا.

بعد استقلال الولايات المتحدة، اتبعت أغلب الولايات القانون العام الإنجليزي فيما يخص الإجهاض، وهو ما يعني أنه غير مسموح بعد الارتكاض أي حركة الجنين الأولى، والتي تبدأ عادةً بين الأسابيع 15-20 من بداية الحمل، وبدأت العديد من القوانين التي تقيد الإجهاض بالظهور في الولايات المتحدة خلال فترة عشرينيات القرن التاسع عشر، والتي ساهمت في تنسيق وتوسيع القانون العام.

في عام 1821، استهدف قانون في ولاية كونيتيكت العطارين الذين كانوا يبيعون النساء سمومًا بغرض تحريض الإجهاض لديهن، واعتبرت ولاية نيويورك الإجهاض بعد الارتكاض جريمة يعاقب عليها القانون، وما قبل ذلك كمخالفة عام 1829.

كان الأطباء من قادة المؤيدين للقوانين التي تجرم الإجهاض، اعتماداً على العلم الذي أظهر أن تخصيب البويضة هو بداية لسلسة متطورة من العمليات التي ستنتج أفرادًا جديدة في حال لم تنقطع، ووجدوا أن حركة الجنين الأولى هي مرحلة لا تزيد أو تقل أهمية عن باقي مراحل الحمل الأخرى، وأنه في حال كان المجتمع لا يقبل الإجهاض نتيجة بداية حركة الجنين في الرحم، وفي حال كان الارتكاض مرحلة غير مهمة نسبية خلال الحمل، فإنه تبعًا لهذا الافتراض، سيكون من الخطأ إنهاء الحمل سواء قبل أو بعد الارتكاض.

كانت هناك الكثير من الحملات الداعية للقضاء على ممارسة الإجهاض، بينما كانت للإعلانات المؤيدة له الفاعلية الأكبر.

أشارت التقديرات الحديثة التي تم إجراءها في منتصف القرن الماضي، أنه بين 20 إلى 25% من بين حوادث الحمل في الولايات المتحدة خلال ذلك الوقت انتهت بالإجهاض، وشهد ذلك العصر نقلة نوعية في عدد الحاصلين على عملية الإجهاض، حيث طُلبت معظم عمليات الإجهاض من قبل نساء أصبحن حوامل خارج العلاقة الزوجية، وبين 54 حالة إجهاض نُشرت في مجلات الطب الأمريكية بين عامي 1839 و1880، أكثر من نصفهم قامت بها نساء غير متزوجات، وأكثر من 60% من النساء المتزوجات كان لديهن على الأقل طفل واحد.

قامت العديد من رائدات الحركة النسائية في أواخر القرن التاسع عشر ومنهن " إليزابيث كادي ستانتون وسوزان أنتوني" بمناهضة الإجهاض، واعتبرت النسويات أن إغواء السيدات غير المتزوجات والاغتصاب الزوجي مرضين متأصلين في المجتمع يستدعيان الحاجة للإجهاض، إذ إن الرجال هنا لم يحترموا رغبة المرأة في عدم ممارسة الجنس.

 في عام 1869 ساهم كاتب مجهول بتوقيع «حرف إيه» بالكتابة حول موضوع الإجهاض، مجادلًا بأنه بدلًا من مجرد تمرير مشروع قانون ضد الإجهاض، علينا علاج السبب الأساسي للمشكلة.

وجدت قضية بلاند بارنتهود ضد كيسي، بأنه لا يمكن لتشريع أن يحل محل قيود قانونية تطرح عبئًا لا لزوم له، من أجل الغرض من وراء وضع عقبة كبيرة في طريق امرأة تسعى لإجهاض جنين غير قابل للحياة

وجد استطلاع أجرته شركة جالوب عام 2018 أن النسب المئوية للأشخاص سواء المناوئين أو المؤيدين للإجهاض متساوية في حدود 48%، إلا أن عددًا أكبر من الأشخاص اعتبروا الإجهاض خاطئًا أخلاقيًا 48% عمن اعتبروه مقبولًا أخلاقيًا 43%، ونسبة 29% من المشاركين رأوا أنه على الإجهاض أن يكون قانونيًا تحت جميع الظروف، ورأى 50% منهم أنه على الإجهاض أن يكون جائزًا ضمن شروط معينة، وأظهرت نتائج استطلاع أُجري مؤخرًا أنه فقط 34% من الأمريكيين يشعرون بالرضى تجاه القوانين التي المتعلقة بالإجهاض.

أفادت دراسة حديثة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية لطب الأطفال JAMA Pediatrics بأن قرار المحكمة العليا الأميركية الذي  صدر في يونيو 2022 ألغى الحق الفيدرالي في الإجهاض، ما أدى إلى زيادة في معدلات وفيات الرضّع في الولايات المتحدة، حيث قضي بإلغاء الحكم التاريخي "رو ضد ويد"، الذي كان قد أُقر في عام 1973 وأكد على أن للمرأة حقاً دستورياً في الإجهاض حتى حدود معينة من الحمل، وذلك بعد أن أصدرت ولاية "ميسيسيبي" الأميركية قانوناً في عام 2018 يحظر معظم حالات الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل، وهو ما يتعارض مع قضية "رو ضد ويد" التي كانت تسمح بالإجهاض حتى نحو 24 أسبوعاً وهي نقطة القدرة على بقاء الجنين خارج الرحم، وطعنت منظمة صحة المرأة في جاكسون، وهي العيادة الوحيدة التي توفر خدمات الإجهاض بولاية " ميسيسيبي" في هذا القانون، ما أدى إلى وصول القضية إلى المحكمة العليا، وصوتت المحكمة العليا لصالح السماح للولايات بسن قوانين الإجهاض الخاصة بها، ما أدى فعلياً إلى إلغاء سابقة "رو ضد ويد".

أصبح بإمكان الولايات حظر الإجهاض بشكل كامل أو فرض قيود شديدة عليه، وبعض الولايات، خاصة في الجنوب والغرب الأوسط، فرضت حظراً شبه كامل على الإجهاض، ما تسبب في انقسامات سياسية واجتماعية كبيرة، وأثّر بشكل كبير على حقوق المرأة في الوصول إلى خدمات الإجهاض، كما أثار قلقاً بشأن التداعيات الصحية، إذ يمكن أن يؤدي الحظر إلى حالات حمل خطيرة أو ولادة أطفال بتشوهات قاتلة في غياب خيار الإجهاض.

في عام 2023، أي بعد نحو عام واحد من قرار المحكمة العيا الأميركية إلغاء الحماية الفيدرالية على حق الإجهاض، سجل نظام الرعاية الصحية الأميركي نحو مليون حالة إجهاض في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وفق بيانات إحصائية لمعهد غوتماكر، وهو منظمة بحثية تدعم الحق في الإجهاض، أي ما يمثل 15.9 حالة إجهاض لكل 1000 امرأة في سن الإنجاب في الولايات المتحدة.

في 2024 قررت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، الإبقاء على قرار يحظر عمليات الإجهاض الطارئة التي تنتهك قوانين ولاية تكساس، والتي تعد واحدة من الولايات الأكثر صرامة في حظر مثل هذه العمليات، ورفض القضاة دفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لإلغاء قرار المحكمة الأدنى، إذ تجادل الإدارة أنه بموجب القانون الفيدرالي، يجب على المستشفيات إجراء عمليات الإجهاض إذا كانت ضرورية في الحالات التي تكون فيها صحة أو حياة المريضة الحامل معرضة لخطر شديد، وذلك حتى في الولايات التي تُحظر فيها تلك العمليات.

 شهدت المدن الأميركية الكبرى مظاهرات ضخمة عقب قرار المحكمة العليا، حيث تجمع آلاف من المؤيدين والمعارضين للقرار، حيث احتفل النشطاء المناهضون للإجهاض بهذا القرار باعتباره نصرا كبيرا لحق الجنين في الحياة، وعلى الجانب الآخر، أعرب المدافعون عن حقوق المرأة عن غضبهم وخوفهم من التداعيات الصحية والاجتماعية للقرار، وأعلن نسبة 62 بالمئة من الأميركيين عن دعمهم لشرعية الإجهاض في جميع أو معظم الحالات، بينما عارضه 36 بالمئة.

منذ قرار المحكمة العليا الأخير، حظرت 14 ولاية الإجهاض مع استثناءات محدودة، كما نفذت سبع ولايات أميركية، هي أريزونا وفلوريدا وجورجيا ونبراسكا ونورث كارولينا وساوث وكارولينا ويوتا، قوانين تقيد إمكانية الإجهاض على أساس مدة الحمل.

في المناظرة الرئاسية الأولى لعام 2024، أثارت قضية الإجهاض الجدل بين فريقي الترشح، حيث دافع المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بشدة عن قيود الإجهاض، واتهم الديمقراطيين بـ "دعم قتل الأطفال"، بينما وصف الرئيس، جو بايدن، إنهاء الحماية الفيدرالية للإجهاض بـ"الفظيع"، وبعد انسحاب بايدن واتفاق الحوب الديمقراطي على دعم نائبته، كمالا هاريس، امام ترامب، والتي تعتبر من أشد الداعمين لحق المرأة في الإجهاض ومنع القيود الفيدرالية أو المحلية على هذا الحق.

كان لهاريس موقفاً واضحا وقويا لدعم حقوق الإجهاض، والإنجاب، ولتعزيز حقوق المرأة في الحصول على الرعاية الصحية الإنجابية من دون قيود.

 بينما دعا ترامب إلى تجريم الإجهاض بشكل كامل، بما في ذلك حظر استخدام عقار ميفيبريستون، الذي يستخدم عادة في الإجهاض الدوائي.، ما أدى لجذب الناخبين المحافظين والقاعدة الدينية والذين يعارضون الإجهاض، ما عزز فرصته في الانتخابات، ولكنه أنفر الناخبين المستقلين والنساء والشباب الذين يدعمون حق المرأة في الإجهاض، ووصف ترامب نفسه بأنه "المدافع عن التلقيح الصناعي، مؤكدا أن الجمهوريين كانوا "أكثر فعالية" من خصومهم في هذا المجال.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة