أظهرت دراسة جديدة انخفاض مساحة الغطاء الشجري في جنوب شرق أستراليا إلى النصف بعد وصول السكان الأصليين، حيث عزت الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس" هذا التغيير إلى ممارسات الحرق الثقافية، مما ساعد على تقليل خطر حرائق الغابات الكثيفة.
ووفقا لموقع cosmosmagazine، تعتبر الشجيرات التي تنمو بين الأعشاب والأشجار سبباً رئيسياً في اندلاع هذه الحرائق، إذ تساهم في انتقالها من الأرض إلى قمم الأشجار، مما يؤدي إلى حرائق شديدة تُعرف بـ"حرائق التاج" التي يصعب السيطرة عليها.
وأصبح حرق الأراضي وفقًا للممارسات الثقافية وسيلة شائعة للسيطرة على الحرائق في جميع أنحاء شمال أستراليا، لكن السجلات في جنوب شرق القارة كانت أقل دقة بسبب تأثيرات الاستعمار البريطاني، استنادًا إلى دراسة حبوب اللقاح القديمة المحفوظة في الرواسب، قدّر الباحثون التغطية النباتية في المنطقة عبر تحليل 2833 سجلًا من مواقع مختلفة.
وأوضح الدكتور سيمون كونور، الباحث في الجامعة الوطنية الأسترالية، أن "حبوب اللقاح المحفوظة في البحيرات والأراضي الرطبة توفر مؤشرات بيئية دقيقة تخبرنا بأنواع النباتات الموجودة حولها عبر العصور".
وجد الفريق أن الشجيرات كانت تغطي نحو 30% من مساحة المنطقة قبل وصول البشر، لكنها انخفضت إلى 15% بعد وصولهم، ويُرجح أن ممارسات الحرق الثقافية هي السبب الرئيسي.
ارتفعت نسبة الغطاء الشجري إلى 35% بعد الاستعمار البريطاني وتوقف هذه الممارسات، وهي نسبة أعلى مما كانت عليه قبل وصول البشر، تتوافق هذه النتائج مع التاريخ الشفوي للسكان الأصليين ووصف المستعمرين الأوروبيين الأوائل للطبيعة.
ويرى كونور أن الحرق الثقافي ربما ساعد في منع حرائق واسعة النطاق، وهو أمر يصعب إثباته من السجل الأحفوري، وقد أدى تغير المناخ إلى إطالة موسم الحرائق وزيادة احتمال اندلاع الحرائق الكبيرة.
ويؤكد الباحثون، الذين يمارس بعضهم الحرق الثقافي اليوم، على ضرورة إعادة إدخال هذه الممارسات بالتنسيق مع الإدارة الغربية للغابات.
ويوصي كونور بمتابعة هذه العمليات بعناية، حيث يقول "إن ممارسات الحرق الثقافي فعالة، ولكن تغير الغطاء النباتي والمناخ يطرح تحديات جديدة تستدعي تكييف هذه الممارسات، يمكن أن نعيد بعض المناطق إلى النظام القديم، ولكن يجب علينا دراسة تأثير ذلك على الحد من اندلاع الحرائق الكبيرة".