الإثنين 20 يناير 2025

ثقافة

مذكرات جرجي زيدان | الفصل السابع «اجتماع واضراب» (4-3)

  • 8-11-2024 | 14:25

جرجي زيدان

طباعة
  • بيمن خليل

بمناسبة الذكرى الـ110 لرحيل عملاق الأدب والفكر العربي، جرجي زيدان، تقوم "بوابة دار الهلال" بإعادة نشر مذكراته الشخصية، هذه المذكرات القيّمة، التي خطها زيدان بقلمه، سبق أن نشرتها مجلة الهلال على سبعة أجزاء متتالية في أعدادها الشهرية، بدأ نشرها في الأول من فبراير 1954، واستمر حتى الأول من سبتمبر من العام نفسه، مما يتيح الآن فرصة جديدة للقراء للاطلاع على هذه الوثيقة التاريخية الهامة في سيرة أحد أبرز رواد النهضة العربية.

هذا هو الفصل السابع والأخير من مذکرات جرجي زیدان مؤسس الهلال، وفيه يروى تفصيل حادث الاضراب الذي قام به مع زملائه طلبة كلية الطب في بيروت من أجل حرية التفكير وانتهى بفصلهم منها، وهو أول حادث من نوعه في الشرق، ثم حضوره إلى مصر واتخاذه لها الوطن الثاني

الفصل السابع: اجتماع واضراب

وكان لنبأ اخراج الدكتور لويس من عمله في الكلية وقع أليم على نفوس جميع طلبتها، فاجتمعت كلمتهم على الاحتجاج عليه، وشاركهم في ذلك كثيرون من طلبة القسم العلمي، وقد لقيت فكرتهم تشجيعا من الدكتور فانديك، وبعض المعلمين الشرقيين في الكلية

وفي اليوم الرابع من ذلك الشهر، انقطع الطلبة عن الكلية واجتمع 45 منهم في إحدى قاعات المستشفى الألماني، وألفوا من بينهم لجنة كنت رئيسا لها لتقديم ذلك الاحتجاج وبقية مطالبهم إلى المجلس الأعلى للكلية في أمريكا، وفي مقدمة هذه المطالب: إعادة الدكتور لويس إلى عمله في الكلية، والعمل على اعتماد شهادة التخرج في الكلية من الحكومة التركية التي تتبعها بلادهم، أو تيسير إعادة امتحانهم في الآستانة باللغة العربية التي درسوا بها في الكلية، لا باللغة التركية كما تقرر أخيرا، أو الغاء الامتحان في الكلية مادام النجاح فيه لا يفيدهم شيئا أكثر من الاقرار بأنهم لازموا الدروس فيها أربع سنوات

وألفت اللجنة من بين أعضائها وفدا لإبلاغ قراراتها إلى إدارة الكلية، على أنها رأت الاكتفاء بإبلاغ كتاب مختصر ضمنته الاعتذار من الانقطاع عن الدروس، فقالت فيه:

إننا بالنسبة إلى الظروف الحاضرة لسنا قادرين على الدرس، وعندنا أمور كثيرة نقدمها لكم في وقت آخر.. والله يحفظكم.

وكانت الإدارة قد أعلنت في بيان علقته في الكلية منذ اليوم الأول للاضراب أنها تطلب من الطلبة أن يعودوا إلى دروسهم فورا، فلما تلقت كتاب اللجنة في اليوم الثالث للاضراب، علقت في الكلية اعلانا آخر قالت فيه: قد شاهد أساتذة المدرسة بكل أسف إصرار تلامذة الطب على غيابهم من دروسهم، فلم يبق لهم إلا أن ننصحهم نصحا أخيرا، وإذا لم ينتصحوا هذه المرة وقعوا تحت طائلة القصاص المدرسي

وكان ردنا على هذا الإعلان أن كتبنا مذكرة فصلنا فيها مطالبنا السالفة الذكر، وقدمناها إلى إدارة الكلية، وذكرنا فيها أننا مستمرون في الانقطاع عن الدروس حتى تجاب هذه المطالب، وفي مقدمتها أعادة الدكتور لويس، لعدم صحة التهم التي أسندت إليه، ولعدم وجود من يستطيع أن يحل محله في تدريس الكيمياء في الكلية، وقد وقع على هذه المذكرة جميع الطلاب

وقد اشتد الخلاف بين الطلبة والكلية، فألفت الكلية لجنة من أساتذتها لحسم هذا الخلاف، وكان من أعضائها الأستاذ يعقوب صروف، ولكنها لم تنجح في مهمتها، والتجأت الكلية إلى التهديد، وكانت تتوقع أن يعود الطلبة جميعا خاضعين لأمرها بعد ذلك التهديد الشديد، ولكن الطلبة أبدوا ثباتا عجيبا في موقفهم، فانقطعوا جميعا عن الدروس، وكتبوا إليها محتجين، ثم كتبوا إليها بذلك مرة أخرى مستنكرين مقابلة مطالبهم العادلة المشروعة بفصل الطلاب، وهو عقاب لا يتفق مع الحرية ولا القانون وحاولت إدارة الكلية أن تثني الطلبة عن موقفهم بجميع الوسائل، ولكن محاولاتها لم تنجح.

وكانت تعلم أني ألقى مشبقة في سبيل الحصول على نفقات التعليم، فأرسلت إلى مع أحد موظفيها تعرض استعدادها لعدم مطالبتي بالمصروفات المدرسية إذا أنا عدت إلى الكلية، فكان جوابي الرفض القاطع! فقررت فصل الطلاب الذين وقعوا على الشكوى وقرار الاضراب.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة