تُعد قصيدة « أيشعر هذا البرق أي المباسم» للشاعر مصطفى البابي الحلبي، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «مصطفى البابي الحلبي» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «أيشعر هذا البرق أي المباسم».
وتعتبر قصيدة «أيشعر هذا البرق أي المباسم»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 32 بيتًا، تميز شعر مصطفى البابي الحلبي بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
أيشعر هذا البرق أي المباسم
سرى فتذكرنا بأي المعالم
وكم دونها من سبسب دون طيه
سرى دونه زجر القلاص الرواسم
بريق الفضا هلا درى كيف حالنا
على البعد أخدان لنا بالعواصم
أأسألهم ما ذا تطيق قلوبهم
صدعت إذن بالظلم قلب المراحم
سقى اللَه أرضاً خيموا بفنائها
وباكرها صوب الحيا المتراكم
ولا زال طفل النبت في مهد تربها
يدر عليه من دموع الغمايم
ولو سقيت أمثالها قبلها دما
لقلت سقاها من دموعي السواجم
معاهد كان اللهو فيها مساعدي
على وفق قصدي والزمان مسالمي
وأيامنا بالأجرع الفرد هل لنا
سبيل إلى عهد الصبا المتقادم
ليالي لا أقداح ترضى مدارةً
علينا سوى أحداق ظبي ملائم
ولا الراح إلا من رضاب مبرد
ولا الورد إلا من خدود نواعم
وسل أثلات الجزع تخبرك أننا
نعمنا بعيش في ذراهن ناعم
إذ الروض مخضل الربا ذو غضارة
تقلد من قطر الندى بتمائم
وفي حلل الأغصان نور كأنه
مجامر ند في حجور الكمائم
يصافح بعض بعضه بيد الصبا
كباسم ثغر راشف ثغر باسم
محاسن غطتها مساو من النوى
وأعراس لهو بدلت بمآثم
سل اليعملات البزل كم فتقت بنا
بأيدي السرى من رتق أغبر قاتم
وكم شدخت أخفافها هام سامد
من الشم تيها توجت بالغمائم
وكنا إذا فل السرى غرب عزمنا
تشحذه ذكرى لقاء ابن قاسم
مقل لواء الفضل غير مدافع
وحامي ذمار المجد غير مزاحم
حديقة فضل لا يصوح نورها
وبحر بأمواج الذكا متلاطم
عنت لمعانيه الكواكب واقتدت
بها فغدت ما بين هاد وراجم
ولولا مقال جاءني عنه أطرقت
حياءً له الآداب أطراق واجم
وقطع أمعاء القريض لهوله
ورد القوافي وهي سود العمائم
إمام العلى اني أحاشيك أن ترى
بعين المعاني عرضة للوائم
زعمت باني سارق غير شاعر
صدقت بمعنى ساحر غير ناظم
لقد قالها من قبل قوم فألقموا
بأيدي الهجا حاشاك صم الصلادم
رأو مثل ما عاينت إبداع أحمد
ببادرة الطائي وطبع كشاجم
حنانيك بعض النفي لا بدع ان أتي
بشعر حبيب من رأى جود حاتم
وان ندى نجل الحسام لروضة
أينكر فيها طيب سجع الحمائم
فدونكها أبكار فكر تزجها
يد الشوق عن ود من الريب سالم
مشيدة البنيان لا يسترثها
حسود ولا يقوى بها كف هادم