خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر، وما سبقها من تحضيرات على أعلى مستوى، كانت مصر، وتحديدا قاهرة المعز، محط أنظار العالم، وذلك خلال استضافة فعاليات المنتدى الحضري العالمي في دورته الثانية عشرة (WUF12) الذي تنظمه الحكومة المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (هابيتات).. فقد ظهرت مصر، خلال المنتدى، بشكل حضاري عكس تاريخها العريق ووزنها الإقليمي والدولي، وأظهر التناغم الكبير بين مؤسسات الدولة في تقديم كافة التسهيلات لضيوف مصر.
ويعد المنتدى ثاني أهم الفعاليات العالمية على أجندة الأمم المتحدة بعد قمة المناخ، وأهم حدث في العالم حول التحضر والتنمية العمرانية المستدامة الشاملة للجميع، حيت تستضيفه مصر كأول دولة إفريقية منذ 20 عاما.
ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد حكم البلاد، تبنت الدولة المصرية استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالمؤتمرات الدولية والأحداث العالمية الكبرى، وأصبحت تتعامل مع هذه المؤتمرات على أنها صناعة وليس مجرد تنظيم حدث فقط في ظل المردود الإيجابي الذي يعود على السياحة والترويج للحضارة المصرية وتوطين المعرفة من تنظيم هذه الفعاليات، كما أن هذه المؤتمرات فرصة لعرض التجربة المصرية في التنمية، وجسر للتواصل وعرض القضايا والملفات.
ومع كل حدث عالمي تستضيفه مصر، يكون هناك إجماع على قدرات مصر التنظيمية بعد أن أصبحت تمتلك سلاحا تنظيميا من الشباب المتطوعين من مختلف مؤسسات الدولة الذين يرسمون لوحة فنية مع كل فعالية دولية تعبر عن الشكل الحضاري للدولة المصرية.
وجاءت استضافة مصر للمنتدى الحضري العالمي الذي استقبل 37 ألف مشارك من 174 دولة لتبرهن على أن مصر لم تعد مجرد وجهة للمعالم الأثرية والشواطئ الساحرة، بل أصبحت مركزًا عالميًا لاستضافة المؤتمرات الكبرى بفضل موقعها الاستراتيجي، بنيتها التحتية المتطورة، وتاريخها وتراثها الغني.
نجاح تنظيم المنتدى الحضري يأتي في إطار سلسلة من النجاحات التي قامت بها مصر على مدار السنوات الماضية، ففي نوفمبر عام 2022 كانت مصر وتحديدا في مدينة شرم الشيخ على موعد مع استضافة أهم مؤتمر عالمي وهو مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ cop27.
وحظيت القمة باهتمام كبير ومشاركة دولية واسعة، بحضور نحو 66 ألف شخص من الفئات المشاركة بشكل رسمي في القمة، وقدمت الأمم المتحدة وثيقة شكر لدور وجهود الدولة المصرية على الاستضافة والتنظيم المميز لمؤتمر المُناخ (COP27)، وأعرب أنطونيو جوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، عن سعادته البالغة بنجاح الأعمال التنظيمية التي قام بها الشباب المصري المتطوع.
كما أن هناك العديد من المؤتمرات الدولية التي احتضنتها مصر على مدار الفترة الماضية وشهدت نجاحا كبيرا بشهادة المؤسسات الدولية منها على سبيل المثال وليس الحصر المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية الذي تم تنظيمه في أكتوبر الماضي.
وفي مدينة العلمين الجديدة بمحافظة مطروح، تم تنظيم معرض مصر الدولي للطيران والفضاء 2024، فى نسخته الأولى خلال الفترة من 3 وحتى 5 سبتمبر الماضي بمشاركة أكثر من 300 شركة وجهة من مصنعي الطيران وصناعات الفضاء حول العالم، وممثلين لأكثر من 100 دولة.
وفي مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، تم تنظيم 4 نسخ من منتدى شباب العالم برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبلغ عدد المشاركين في الجلسات وورش العمل ما يقرب من 20 ألف شاب وفتاة من 164 دولة، وما يزيد على 500 متحدث في 180 جلسة نقاشية وورش عمل، كما بلغ إجمالي عدد المتقدمين والراغبين في المُشاركة في منتدى شباب العالم بنسخه الأربعة وفق قاعدة بيانات الموقع الرسمي للمنتدى أكثر من 750 ألف شاب وشابة من مختلف دول العالم.
وتنوع الحضور ليشمل رؤساء الدول والحكومات، والسفراء، والمنظمات الدولية والمحلية، والقادة الشباب الدوليين، والشباب الملهم في مُختلف المجالات، والشخصيات الدولية البارزة، فضلاً عن مُشاركة مجموعات شبابية من جميع أنحاء العالم.
وفي محافظة أسوان أقصى جنوب مصر وبالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عام 2019 استضافت المحافظة ملتقى الشباب العربي الإفريقي برعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي شاركت فيه 31 دولة والعديد من الهيئات والمؤسسات المتخصصة.
وفي السياق، يقول المشاركون بالمنتدى بالحضري العالمي إنه يمكن أن تكون الأحداث والمؤتمرات الحضرية واسعة النطاق مثل المنتدى الحضري والألعاب الأولمبية والمعارض العالمية أكثر بكثير من مجرد عروض كبيرة، ولكن يمكنها أن تحدث تحولا حضريا دائما عندما يتم التخطيط لهذه الأحداث بشكل مدروس وشامل، ويمكن أن تخلق إرثا يمتد لتغيير المجتمعات.. مؤكدين أهمية تطور المؤتمرات والمعارض والأحداث الكبيرة بحيث تتبنى بشكل كامل مناهج مستدامة وشاملة تحقق أفضل النتائج للمجتمعات المحلية وتشعل التغيير الإيجابي.
يقول الدكتور رضا فرحات، خبير الإدارة المحلية ومحافظ الإسكندرية والقليوبية الأسبق إن الدولة المصرية أصبحت مركزا عالميا لاستضافة المؤتمرات والمنتديات الدولية بفضل تطور بنيتها التحتية وتحسن قدراتها التنظيمية، وهو ما يؤكد رؤية القيادة السياسية لجعل مصر منصة عالمية للحوار والتعاون الدولي.
ويشير إلى أن مصر، بفضل امتلاكها لبنية تحتية متطورة وشبكة مواصلات متقدمة، استطاعت أن تقدم نموذجا رائدا في استضافة الأحداث الكبرى بما يعكس ريادتها الإقليمية والدولية وهيبتها العالمية.
ويؤكد أن مصر استضافت مؤتمرات ذات طابع عالمي، بدءا من مؤتمر قمة المناخ COP27، الذي عقد بمدينة شرم الشيخ، وجمع قادة العالم لمناقشة سبل مواجهة تحديات التغير المناخي، وكانت هذه القمة نقطة تحول هامة، حيث أتاحت لمصر طرح مبادرات فعالة مثل "الانتقال العادل للطاقة" وأبرزت جهودها في الحفاظ على البيئة، مما جعلها تحت الأضواء العالمية كمحور مهم لحماية البيئة.
ويوضح أن استضافة المؤتمر الحضري العالمي والمؤتمرات والقمم العالمية حول القضية الفلسطينية، كل هذا ساهم في تعزيز مكانتها كوجهة دولية تناقش القضايا الحضرية والتنمية المستدامة والتأكيد على دور مصر كدولة محورية تتيح للعالم منصة للحوار والتعاون الدولي في مختلف القضايا السياسية والبيئية والاجتماعية.
ويؤكد خبير الإدارة المحلية أيضا أن نجاح مصر في استضافة هذه المؤتمرات يعكس التقدم الكبير في تطوير منشآتها الفندقية والمرافق الخدمية، وكذلك قدرتها على استضافة آلاف الزوار من مختلف دول العالم، حيث أصبحت الدولة المصرية قادرة على تقديم بنية تحتية لوجستية وتقنية تجعل من تنظيم المؤتمرات والفعاليات الدولية مهمة سلسة وناجحة، ما يضع مصر على خارطة الوجهات المفضلة عالميا لاستضافة المؤتمرات.
وأفاد بأن هذا التطور لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة رؤية استراتيجية وجهود مستمرة في تطوير البنية التحتية وإنشاء مدن جديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين، اللتين تمثلان نموذجا للتقدم العمراني الحديث.
ويشدد على أهمية الاستمرار في دعم مسيرة التنمية، وتعزيز البنية التحتية، وتقديم التسهيلات التي تجعل مصر جاذبة للفعاليات العالمية، وهو ما يعكس قوة مصر السياسية والاقتصادية، ويؤكد قدرتها على قيادة القضايا الدولية بجدارة واحترافية، مما يكسبها دورا مؤثرا في مختلف المحافل الدولية.