الأربعاء 13 نوفمبر 2024

عرب وعالم

انطلاق قمة المناخ «كوب 29» في باكو وسط مطالبات إفريقية بزيادة الدعم اليوم

  • 11-11-2024 | 00:48

قمة المناخ كوب 29

طباعة

تنطلق اليوم الاثنين الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 29» في باكو، بأذربيجان، حيث يجتمع ممثلو حوالي 200 دولة؛ لمناقشة السبل لتعزيز التمويل والدعم للدول النامية في مواجهة أزمة المناخ المتفاقمة حول العالم.

وستتناول القمة موضوعات أساسية، وتشمل الهدف الجديد للتمويل المناخي، والذي يعرف باسم «الهدف الجماعي الكمي الجديد»، والتوصل إلى اتفاق نهائي بشان المادة السادسة من اتفاقية باريس للمناخ، والشفافية بشان سياسات المناخ، والخطط المناخية الوطنية الجديدة المقبلة والتي تُعرف رسميًا باسم "المساهمات المحددة وطنيًا"، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة الشاملة والمساواة بين الجنسين فى تناول القضايا المناخية لتحقيق عمل مناخي فعال.

وبينما تتطلع الأنظار خلال القمة المرتقبة، التي يطلق عليها «قمة التمويل»، إلى الالتزامات المالية من الدول الغنية، تأتي إفريقيا في مقدمة المناطق التي تتعرض لتأثيرات كارثية نتيجة تغير المناخ. وتشكل مسألة التمويل محورًا رئيسيًا في هذه القمة، حيث تنتظر الدول الإفريقية دعمًا ملموسًا لتخفيف الخسائر والمساعدة في التكيف مع الآثار المناخية المتزايدة.

وتعاني القارة الإفريقية - بشكل خاص - من كوارث طبيعية مدمرة تفاقمت بفعل التغير المناخي، إذ أضحى الجفاف، الفيضانات، والعواصف ظواهر متكررة تدمر سبل العيش وتؤدي إلى نزوح الملايين.

ففي الصومال، على سبيل المثال، أدى الجفاف المستمر والفيضانات المتكررة إلى تشريد أكثر من مليون شخص، بالإضافة الى تدمير المزارع ونفوق الحيوانات، مما ترك المجتمعات المحلية، التي عانت أصلاً من عقود من الصراع، في مواجهة أزمة إنسانية متزايدة. كما لجأت بعض المجتمعات إلى مخيمات النازحين داخل الصومال أو هربت إلى دول مجاورة مثل كينيا وإثيوبيا بحثًا عن الأمان.

وفي غرب إفريقيا، يعد الساحل السنغالي مثالًا آخر على الدمار الناتج عن تغير المناخ. البحار المرتفعة ألحقت أضرارًا جسيمة بالقرى الساحلية؛ ما أجبر آلاف الأشخاص على الانتقال إلى الداخل، حيث يواجهون نقصًا في المأوى وفرص العمل، دون تلقي الدعم الكافي لإعادة بناء حياتهم. 

أما في تشاد، فقد تسببت موجات الحرارة الشديدة في دفع رعاة الماشية إلى الانتقال نحو المناطق الزراعية في الجنوب، مما أدى إلى نزاعات دموية مع المزارعين المحليين، في غياب حلول فعالة لإدارة هذه الصراعات المتفاقمة.
وفي السياق، ينتظر من الدول الغنية في COP29 أن تقدم تعهدات واضحة بتمويل صندوق الخسائر والأضرار؛ وهو آلية دولية أساسية لتعويض الدول النامية عن الأضرار المناخية التي لا يمكن تجنبها.

وحتى الآن، تم التعهد بمبلغ أقل من 700 مليون دولار عقب قمة المناخ خلال العام الماضي (كوب 28)، بينما تقدر الحاجة الحقيقية بحوالي 400 مليار دولار بحلول عام 2030 لتغطية الخسائر والأضرار في الدول ذات الدخل المنخفض. كما أن تكلفة التكيف مع المناخ في إفريقيا جنوب الصحراء قد تصل إلى 50 مليار دولار سنويًا، ما يتطلب التزامًا ماليًا أكبر بكثير مما تم التعهد به.

إلى جانب تمويل الخسائر والأضرار، ستركز قمة باكو - أيضًا - على ضمان توزيع عادل لهذه الأموال بحيث تصل إلى المجتمعات الإفريقية الأكثر تضررًا. كما تطالب الدول الإفريقية بإعفاءات من الديون لتتمكن من توجيه مواردها نحو تدابير التكيف مع المناخ، مثل تطوير أنظمة إنذار مبكر للبنية التحتية وتوفير حلول مستدامة في مجال المياه والطاقة.

وفي وقت سابق من شهر سبتمبر الماضي، أعلن الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، أن تداعيات الاحتباس الحراري العالمي تكلف الدول الإفريقية ما يصل إلى 5% من ناتجها الاقتصادي، داعياً إلى مزيد من الاستثمارات للمساعدة في التكيف مع تغير المناخ.

وتتلقى القارة الإفريقية، التي تضم 54 دولة، 1% فقط من التمويل العالمي السنوي المخصص للمناخ، على الرغم من أنها تتحمل العبء الأكبر من تداعيات تغير المناخ، فضلاً عن أنها تطلق انبعاثات ملوثة أقل بكثير من الدول الصناعية.

وأضاف ستيل: "الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها إفريقيا لدفع حلول المناخ إلى الأمام تتعرض للإحباط بسبب نقص الاستثمار"، موضحاً أن الاستثمارات المطلوبة تشمل 4 مليارات دولار سنوياً للقضاء على استخدام الوقود التقليدي للطهي، مثل الخشب الذي يطلق انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتابع: "من بين أكثر من 400 مليار دولار أنفقت على الطاقة النظيفة، العام الماضي، لم يذهب سوى 2.6 مليار دولار إلى الدول الإفريقية"، لافتاً إلى أن هناك دعوات متزايدة لتأمين المزيد من التمويل المناخي لإفريقيا خلال قمة كوب 29 باذربيجان.

وفي تقرير، ذكر المركز العالمي للتكيف - مقره لاهاي - أن إفريقيا قد تحتاج إلى زيادة تمويل التكيف مع تغير ؛المناخ بما يعادل 10 أضعاف التمويل الحالي؛ ليصل إلى 100 مليار دولار سنوياً، لمساعدتها على دعم بنيتها التحتية وتحسين أنظمة الإنذار المبكر الخاصة بالطقس وحماية زراعتها من تغير المناخ، وفقاً لما أوردته مؤسسة "بلومبرج".

وأوضح المركز - في تقرير خلال قمة المناخ الإفريقية الاولى في نيروبي - أن التدفقات الحالية لتمويل التكيف مع تغير المناخ، التي بلغت نحو 11 مليار دولار سنوياً في عام 2020 "أقل بكثير من مبلغ 52.7 مليار دولار" الذي قالت دول القارة إنها بحاجة إليه، مشيرة إلى أن "هذا التقدير قد يبلغ فقط نصف القيمة المطلوبة".

وأضاف التقرير أنه "بينما تنتج إفريقيا نحو 4% فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، إلا أن دولها ضمن الأكثر تضرراً من تغير المناخ".

وستركز قمة (كوب 29) في باكو - في جزء من مناقشاتها - على إصلاح النظام المالي الدولي، بهدف جعله أكثر إنصافًا وسهولة في الوصول للدول الإفريقية، لزيادة قدرتها على إعادة هيكلة ديونها الحالية. كما تتزايد الدعوات لإنشاء صندوق عالمي للقدرة على الصمود، وهو ما قد يحمل وعودًا أكبر.

ويشهد تمويل التنمية إصلاحات جوهرية قد تكون مؤثرة لأول مرة. بعد سنوات عديدة، بدأت مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك التنموية الإقليمية في الانفتاح على الإصلاحات.

وفي السياق، تطالب إفريقيا بمزيد من التأثير في مجلس إدارة البنك، وتدعو إلى إعطاء الأولوية لأجندة التنمية والاستثمار في التكيف مع تغير المناخ. وقد تحقق تقدم كبير في هذا الاتجاه، حيث تتمحور معظم الإصلاحات الحالية للبنك الدولي حول جعل المناخ أولوية رئيسية. فطبقا لقواعد صندوق النقد الدولي، كان الوصول إلى حقوق السحب الخاصة (SDRs)، وهي أصل احتياطي دولي، تحديًا كبيرًا بالنسبة للدول الإفريقية. لكن الإصلاحات الحالية قد تجعل من الأسهل للدول الإفريقية استخدام هذا الأداة. 

وصرح الرئيس الكيني ويليام روتو - خلال أبريل 2024 - "في مناقشاتي الأخيرة مع المسؤولين الدوليين، ظهر توافق في الآراء حول أربعة مجالات رئيسية لإصلاح صندوق النقد الدولي: أدوات الإقراض، وإصدار حقوق السحب الخاصة، ومعالجة أزمات الديون، والإصلاحات المتعلقة بالحوكمة".

من جهة أخرى، كشف تقرير أصدرته برنامج الامم المتحدة الإنمائي يحمل عنوان "تقليل تكلفة التمويل في إفريقيا" أن هناك حاجة لتحسين التعامل مع وكالات التصنيف الائتماني، التي تقيم الاقتصادات الإفريقية بشكل غير عادل، مما يزيد من المخاطر المرتبطة بممارسة الأعمال التجارية هناك، ويجعل إفريقيا وجهة استثمارية أقل جاذبية، بينما يصعب اقتراض الأموال من المؤسسات المالية الدولية. لكن زيادة الاستثمار تعني توفير المزيد من الأموال للنمو المستدام، بشرط أن يكون هناك قدر أكبر من الشفافية والمساءلة في استخدام الأموال العامة.

ختامًا، تبقى إفريقيا والدول النامية في قلب النقاشات حول العدالة المناخية في COP29، حيث تعد الالتزامات المالية الدولية وتخفيف عبء الديون أمرين حاسمين لضمان قدرتها على مواجهة التحديات المناخية الكبرى التي تهدد مستقبلها البيئي والاقتصادي.

الاكثر قراءة