على مدار عقود من الجهود المستمرة على المستويات السياسية والدبلوماسية، خاضت مصر جولات من المفاوضات والمباحثات مع الأطراف كافة لدعم القضية الفلسطينية وإيجاد حل دائم وعادل لها بناءً على مقررات الشرعية الدولية، وكذلك توحيد الصف الفلسطيني، وعدة مرتكزات شكلت أيضا الموقف المصري منذ اندلاع العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023.
ويشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في العاصمة السعودية الرياض، في فعاليات القمة العربية الإسلامية غير العادية التي دعت إليها المملكة العربية السعودية، إثر استمرار العدوان على الأراضي الفلسطينية واللبنانية، حيث سيلقي الرئيس السيسي كلمة مصر أمام القمة، التي تتضمن ثوابت الموقف المصري والجهود المكثفة التي تبذلها مصر للتوصل لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان، ومنع انجراف المنطقة لصراع إقليمي واسع النطاق، فضلاً عن الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
مرتكزات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية
ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتدعو مصر لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وترتكز الرؤية والموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية على موقف ثابت بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، حيث تبذل قصارى جهدها لحل القضية الفلسطينية، وهو الموقف الذي أكده الرئيس السيسي في كافة المحافل الدولية والمباحثات الثنائية ومتعددة الأطراف مع قادة العالم.
وعلى مدار السنوات الماضية، كان لمصر دورا بارزا فيما يخص القضية الفلسطينية، وخاصة في عدة مواقف منها التفاهمات الأمنية عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، والإشراف على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتوقيع اتفاق المصالحة عام 2005.
كذلك توسطت مصر لوقف إطلاق النار في الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة التي شدها القطاع، خلال الفترة من 2008 وحتى 2022، فاستطاعت إيقاف الحرب التي شهدها القطاع في مايو 2021، من خلال التحرك في عددٍ من المسارات المختلفة، وحينها أعلن الرئيس السيسي المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة بمبلغ قدره 500 مليون دولار، بهدف التخفيف من معاناة الفلسطينيين في القطاع.
إنهاء الانقسام الفلسطيني
ومنذ اندلاع الانقسام الفلسطيني بعد عام 2007 بين حركتي فتح وحماس، بذلت مصر كافة الجهود لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني، وتكللت بالفعل تلك الجهود بتوقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية عام 2017، بين حركتي فتح وحماس، وبدء وضع جدول زمني لإدارة المعابر وتسليم السلطة، ومع تعرقل الموقف مرة أخرى لم تتخل مصر عن جهودها حيث استضافت اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين في يوليو 2023.
وتستقبل مصر باستمرار الأطراف الفلسطينية للتوصل إلى التفاهمات الثنائية بشأن إجراء الانتخابات الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني في ظل العدوان على غزة ووضع أجندة للتعامل مع اليوم التالي للحرب وإدارة قطاع غزة وضمان الحفاظ على كيان شرعي موحد للشعب الفلسطيني يتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية.
إنهاء الحرب على غزة
ومنذ اندلاع العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023، ظل التحذير المصري من توسع رقعة الصراع وضرورة دعم جهود استئناف عملية السلام، والتدخل الفوري لوقف هذا التصعيد، وحث إسرائيل على وقف الانتهاكات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني بشأن مسؤوليات دولة الاحتلال.
كذلك كانت المبادرة المصرية بالدعوة لعقد قمة «القاهرة للسلام 2023»، في 21 أكتوبر 2023، والتي أقيمت بمشاركة عددٍ كبيرٍ من الملوك والرؤساء، ورؤساء عدد من المنظمات الدولية، وخلالها أكد الرئيس السيسي أنَّ حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير، وليس دفع شعب بأكمله إلى مناطق أخرى؛ بل إن الحل الوحيد لها هو العدل، وذلك بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير مصيرهم، والعيش بكرامة وأمان على أرضهم، في دولة مستقلة مثلهم، مثل باقي شعوب العالم.
وأكد الرئيس خلال القمة إدانة مصر بوضوح كامل، استهداف، أو قتل، أو ترويع كل المدنيين المسالمين وفي الوقت ذاته، تُعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم مُتفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة يُفرض عليهم عقابٌ جماعي، وحصار، وتجويــع، وضــغوط عنيفــة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم المتحضر الذي أبرم الاتفاقيات، وأسس القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لتجريمها، ومنع تكرارها».
وتواصلت الجهود المصرية لتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ودخول قوافل المساعدة الإنسانية والإغاثية وكذلك تقديم كل أشكال الدعم المتاح إلى القطاع الطبي الفلسطيني فضلا عن استقبال المصابين والمرضى من أبناء غزة لعلاجهم في المستشفيات المصرية.