قسم الأطباء.. تقليد رسمي عرفته كليات الطب حول العالم عند تخريج دفعة جديدة من طلابها وقبل مزاولتهم المهنة، يسمى بـ قسم أبقراط، يستهدف إيقاظ ضمائر الخريجين تجاه أخلاقيات المهنة وآدابها طوال سنوات عملهم، فما الذي يتضمنه هذا القسم؟ وما الذي جعل منه مرجعا لأخلاقيات مهنة الطب لعشرات القرون؟.
في هذا السياق، تستعرض بوابة "دار الهلال"، أبرز المعلومات عن قسم أبقراط كما يأتي:
أبقراط.. قسم الأطباء
قسم أبقراط هو نص عادة ما يقسمه الأطباء قبل مزاولتهم لمهنة الطب، لا يوجد بصفة عامة ما يجبر الأطباء على هذا القسم بما أن مهنة الطب في هذا العصر محددة بنصوص قانونية.
ويعتبر أبقراط، الملقب بأبو الطب وأعظم أطباء عصره، صاحب فكرة هذا القسم الشهير، كما توجد على غرار هذا القسم نصوص أخرى تختلف حسب البلدان والهاجس الديني مثل على سبيل الذكر: ميثاق الشرف النقابي العربي، القسم الطبي للمؤتمر العالمي للطب الإسلامي، رابطة الأطباء في فرنسا.
كانت ممارسة الطب في زمان أبقراط محدودة في أيدي كهنة معبد "اسكولابيوس" إله الشفاء عند اليونان، حيث كان المفهوم السائد في ذاك الوقت عن المرض بأنه غضب من الآلهة.
ولما كان المرض هو غضب الآلهة على البشر فإن استرداد الصحة يكون بإرضاء هذه الآلهة .. والكهنة في المعبد يساعدون المرضى في الحصول على مغفرة الآلهة وعفوها من خلال تقديم القربان.
وكان "أبقراط" أول طبيب يقول بأن "الحقائق" تؤكدها المشاهدات والتجربة، وأن التشخيص الصحيح هو أول خطوات الشفاء.
وتأتي أهمية "أبقراط" من نقل علاج المرضى من الوهم إلى تأكيد "تفسير الأعراض في مجال المحيط"، وقاعدة أن الطبيب يجب أن يلاحظ المريض بعناية ويسجل أعراض المرض فيما عرف لاحقا "بالتشخيص".
اعرف قسم الأطباء.. قسم أبقراط الأصلي
نص القسم كما أورده ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء في طبقات الأطباء:
"إني أقسم بالله رب الحياة والموت، وواهب الصحة، وخالق الشفاء، وكل علاج. وأقسم بأسقليبيوس، وأقسم بأولياء الله من الرجال والنساء جميعًا، وأشهدهم جميعًا على أني أفي بهذه اليمين وهذا الشرط وأرى أن المعلم لي هذه الصنعة بمنزلة آبائي وأواسيه في معاشي، وإذا احتاج إلى مال واسيته وواصلته من مالي. وأما الجنس المتناسل منه فأرى أنه مساو لإخوتي، وأعلمهم هذه الصناعة إن احتاجوا إلى تعلمها بغير أجرة ولا شرط، وأشرك أولادي وأولاد المعلم لي والتلاميذ الذين كتب عليهم الشرط أو حلفوا بالناموس الطبي في الوصايا والعلوم وسائر ما في الصناعة، وأما غير هؤلاء فلا افعل به ذلك وأقصد في جميع التدابير بقدر طاقتي منفعة المرضى.
وأما الأشياء التي تضرب بهم وتدني منهم بالجور عليهم فأمتنع بها بحسب رأيي ولا أعطي إذا طلب مني دواء قاتلًا ولا أشير أيضًا بمثل هذه المشورة وكذلك أيضًا لا أرى أن أدني من النسوة فرزجة (شيء يتداوى به النساء) تسقط الجنين، وأحفظ نفسي في تدبيري وصناعتي على الزكاة والطهارة، ولا أشق أيضًا عمن في مثانته حجر، ولكن أترك ذلك إلى من كانت حرفته هذا العمل. وكل المنازل التي أدخل إليها لمنفعة المريض، وأنا بحال خارجة عن كل جور وظلم وفساد إرادي مقصود إليه في سائر الأشياء، وفي الجماع للنساء والرجال، الأحرار منهم والعبيد، وأما الأشياء التي أعانيها في أوقات علاج المرضى أو اسمعها في غير أوقات علاجهم في تصرف الناس من الأشياء التي لا يُنطق بها خارجًا فأمسك عنها، وأرى أنَّ أمثالها لا ينطق به، فمن أكمل هذه اليمين ولم يفسد شيئًا كان له أن يكمل تدبيره وصناعته على أفضل الأحوال واجملها وأن يحمده جميع الناس فيما يأتي من الزمان دائمًا ومن تجاوز ذلك كان بضده.
مضمون قسم أبقراط
" أقسم أن أحافظ على هذا العهد .. سأتخذ من العلاج سبيلا لمعاونة المرضى، وفقا لما أتمتع به من بصيرة وإحكام، غير متجه قط إلى ضرر أو إساءة، وألا أُعطي أحد قط عقاراً مميتاً، ولو طلب مني أن أفعل ذلك.. سوف أدخل أي بيت لأساعد المريض، وأنني مهما سمعت أو رأيت في أثناء مزاولة مهنتي من أشياء، لا يجوز إفشاءها فلن أفشيها".
هذا مضمون القسم الذي يردده الأطباء في أنحاء العالم حتى اليوم والذي أقره "أبو الطب" أبقراط الذي ولد في جزيرة كوس اليونانية في العام 460 قبل الميلاد.
قسم الأطباء
ويردد الأطباء الجدد القسم في كل حفلة تخرج كل عام على النحو التالي: أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح، والصديق والعدو.
واقعة طبيبة كفر الدوار وإفشاء أسرار المرضى
جدير بالذكر، أن الساعات الماضية شهدت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حول فيديو متداول لطبيبة أمراض نساء وتوليد تدعى وسام شعيب، تحدثت خلاله عن عدد من حالات الحمل السفاح التي ترد إلى عيادتها الخاصة.
وانقسم المتابعون على السوشيال ميدا ما بين مؤيد ومعارض لتصرف الطبيبة، حيث رأى البعض أنها تتكلم في حقائق ومن الضروري الاستقصاء بشأنها، في حين رأى آخرون أنها تفشي أسرار مرضاها وتخالف أخلاقيات وآداب المهنة مطالبين بتوقيع أقصى عقوبة عليها.