تنتهي، غدًا الأربعاء، المهلة التي منحتها الولايات الأمريكية لـ إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي تشن عليه حرب إبادة جماعية منذ أكثر من 13 شهرًا، مع فرض حصار يحول دون دخول الطعام والشراب، وحتى الدواء، ما خلق أوضاعًا إنسانية كارثية.
ويأتي انتهاء المهلة الأمريكية في أعقاب خسارة حزب الرئيس الأمريكي جو بايدن الانتخابات الرئاسية، وبشكل كبير كان لاستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بدعم أمريكي، حتى الآن، دور كبير في حدوث ذلك.
انتهاء المهلة الأمريكية
في الـ13 من أكتوبر الماضي، وجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، رسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف جالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، تلوح بالإضرار بالمساعدات العسكرية في حال عدم إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة في غضون 30 يومًا.
ومع قرب انتهاء المهلة الأمريكية، يبقى السؤال الأبرز: هل أدخلت إسرائيل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؟.. ويُجاب على ذلك من خلال تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس، طالب فيه المنظمات الدولية والأممية بـ"إعلان المجاعة رسميًا" في شمال قطاع غزة، وذلك جراء مرور أكثر من 50 يومًا على منع إسرائيل إدخال أي مساعدات أو بضائع للسكان المحاصرين، الذين يتعرضون لأعنف حملة إبادة جماعية للقضاء عليهم بالقتل والتهجير القسري.
فيما بات عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم عشرات المرضى في ثلاث مستشفيات شمال غزة، يواجهون خطرًا محدقًا بالموت جوعًا، أو الخروج بتداعيات صحية دائمة، جراء الحصار الإسرائيلي غير القانوني.
ومنعت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة منذ الـ25 سبتمبر الماضي، بينما منعت البضائع في الأول من أكتوبر الماضي، لتشن بعدها هجومًا عسكريًا واسعًا ضد سكان جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، ما فصل فعليًا شمال غزة عن باقي القطاع.
ويواجه الفلسطينيون حاليًا أسوأ أيام التجويع والقصف والتهجير لم يكونوا تعافوا أصلًا من موجات التجويع السابقة، التي برزت في محطات مختلفة نهاية العام الماضي وعدة مرات في الأشهر السابقة.
وفي الوقت ذاته، يعاني عشرات الآلاف من النازحين من شمال غزة إلى مدينة غزة يواجهون صعوبة في شراء الأساسيات بسبب ارتفاع الأسعار وشح المواد، كما يفتقرون للمساعدات المناسبة نتيجة الحصار الإسرائيلي غير القانوني على القطاع.
أما في الجزء الآخر من القطاع، حيث الجنوب، لا تختلف الأوضاع كثيرًا، حيث تواصل إسرائيل فرض عراقيل أمام إدخال البضائع، وتحدد أعداد الشاحنات المخصصة للمساعدات، مع تغطية مجموعات مسلحة للاستيلاء على جزء كبير منها، مما يحول دون وصولها إلى المستحقين بعد تدمير إسرائيل للنظام العام في القطاع وقتل العديد من العاملين في تأمين وتوزيع المساعدات، وذلك كله حسب المرصد الأورومتوسطي لـ حقوق الإنسان.
وفي تصريحات صحفية، أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس عملية تضليل من خلال السماح بدخول مساعدات محدودة جدًا للقطاع تحت ضغط من المجتمع الدولي، لكنه يعرقل وصولها إلى مستحقيها.
وأوضح أن جيش الاحتلال يقوم بذلك عبر تسهيله لعصابات مسلحة خارجة عن القانون سرقة شاحنات المساعدات والبضائع وفرض إتاوات دون تدخل منه، وفي الوقت ذاته، يمنع عناصر الشرطة الفلسطينية وشركات الحراسة الخاصة من تأمين شاحنات المساعدات، وسط تهديدات باستهدافها.
وأكد أن هذه الاستراتيجية التي يتبعها جيش الاحتلال في تسهيل سطو العصابات على المساعدات وعرقلة عناصر الشرطة وشركات الحراسة من تأمينها تعزز سياسة التجويع المتعمدة ضد الفلسطينيين، وتؤكد أن الهدف هو دخول المساعدات لا وصولها.
تل أبيب تترقب
في غضون ذلك، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله، إنهم يستعدون لخطوات عملية من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مع اقتراب انتهاء الإنذار الأمريكي لإسرائيل المتعلق بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن إدارة بايدن قد تتخذ قرارات مثل الدعوة إلى إنهاء الجيش الإسرائيلي عملياته في غزة، أو اتهام إسرائيل بتجويع السكان.
وفي الوقت نفسه، نقلت الصحيفة العبرية عن دبلوماسيين غربيين قولهم، إن صدور تقرير أممي بشأن حالة الجوع في غزة قد يكون له تأثير على الحكومات الأوروبية، التي تفكر في فرض عقوبات على وزراء من اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وهذا الأسبوع، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" ناقش سلسلة من الإجراءات لتحسين الوضع الإنساني في غزة، بسبب الضغوط الأمريكية والخوف من حظر الأسلحة.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت ما يزيد عن 146 ألفًا بين شهيدًا وجريح، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام، وفي الطرقات لاتستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.