الخميس 21 نوفمبر 2024

الهلال لايت

دراسة حديثة على قطعة كهرمان تعد الأولى من نوعها في القارة القطبية الجنوبية

  • 13-11-2024 | 20:44

قطعة الكهرمان المكتشفة

طباعة
  • إسلام علي

توصل العلماء إلى العثور على شظايا من الكهرمان في القارة القطبية الجنوبية، في اكتشاف تاريخي هو الأول من نوعه، وهو ما يعد إنجازًا علميًا يسد إحدى الفجوات المتبقية في خريطة العالم فيما يتعلق باكتشافات الكهرمان، وقاد هذا الاكتشاف فريق علمي من مركز هيلمهولتز للأبحاث القطبية والبحرية وجامعة فرايبرغ للتعدين والتكنولوجيا.

ووفقا لما نقله موقع  labrujulaverde، نُشرت نتائج البحث في دراسة حديثة، حيث قدم العلماء فيها تفاصيل حول خصائص هذا الكهرمان النادر، والذي أطلقوا عليه اسم "عنبر جزيرة الصنوبر" نسبةً إلى موقعه في خليج جزيرة الصنوبر ببحر أموندسن، عند خط عرض 73.57 درجة جنوبًا وخط طول 107.09 درجة غربًا.
يعود تاريخ هذا الاكتشاف إلى بعثة استكشافية أجريت في عام 2017، حيث استخدم الفريق العلمي منصة الحفر MARUM-MeBo70 لاستخراج عينات من الرواسب من عمق 946 مترًا في قاع البحر.
ويعتبر هذا الكهرمان المكتشف قطعة مهمة تقدم معلومات قيمة عن البيئات القديمة في غرب القارة القطبية الجنوبية منذ نحو 90 مليون عام خلال العصر الطباشيري. 
ويفسر الدكتور كلاجيس، المؤلف الرئيسي للدراسة، بأن تحليل شظايا الكهرمان يعزز فهمنا لطبيعة النظام البيئي والغطاء النباتي الذي كان يميز هذه المنطقة في تلك الحقبة التاريخية.
لا يقتصر هذا الاكتشاف على كونه تقدمًا في مجال الجيولوجيا والنباتات القديمة فحسب، بل يُعدّ كذلك دليلاً حاسمًا على أن القارة القطبية الجنوبية كانت، خلال منتصف العصر الطباشيري، تتمتع بمناخ يدعم نمو الأشجار المنتجة للراتنج، وهي المادة الأساسية لتكوين الكهرمان عبر الزمن وفي ظل ظروف ملائمة.
ويشير الفريق البحثي إلى أن الكهرمان المكتشف يحتوي على بقايا دقيقة من لحاء الأشجار، ما يسمح بدراسته تحت الضوء المنعكس والمجهر الفلوري. 
وقد لاحظ الباحثون جزيئات شفافة أو شبه شفافة داخل شظايا الكهرمان، مما يدل على أن هذه المادة دفنت في طبقات سطحية ولم تتعرض لضغوط أو حرارة عالية من شأنها تغيير خصائصها. 
وأشار الدكتور جيرشيل إلى أن الكهرمان المكتشف ذو جودة عالية، ويظهر محفوظًا بشكل جيد، ما يعزز فكرة أنه بقي قريبًا من السطح في بيئة غير قاسية.
ويضيف هذا الاكتشاف الغني بعدًا جديدًا لإعادة بناء بيئة قديمة كانت عبارة عن غابات معتدلة، حيث كانت المناطق القريبة من القطب الجنوبي مغطاة بغابات كثيفة شبيهة بالغابات المعتدلة الحالية، بما فيها أنواع الأشجار الصنوبرية القادرة على إنتاج الراتنج. 
وقد أشارت دراسات سابقة، مثل تلك المنشورة في مجلة Nature عام 2020، إلى أن المنطقة المحيطة بالقطب الجنوبي كانت تتميز بغابات رطبة كثيفة تعج بالأشجار الصنوبرية والنباتات الأخرى التي تفرز الراتنج.
كما يكشف الكهرمان القطبي الجنوبي عن أن هذه الأشجار طورت آليات دفاعية مثل إفراز الراتنج لمقاومة الطفيليات أو لمواجهة حرائق الغابات. فعند تعرض لحاء الأشجار الصنوبرية للتلف من الحشرات أو النيران، تطلق هذه الأشجار الراتنج كآلية دفاعية، مكونة حاجزًا يحميها من الالتهابات أو التلف.

يشير وجود الكهرمان في هذه المنطقة إلى أن النظام البيئي الذي كان يغطي غرب القارة القطبية الجنوبية خلال منتصف العصر الطباشيري كان بيئة معقدة وديناميكية. ويرى الفريق البحثي أن هناك إمكانية للعثور على بقايا أحفورية للكائنات الدقيقة أو الحشرات المحبوسة داخل شظايا الكهرمان، ما قد يوفر نظرة أعمق إلى التنوع البيولوجي الذي سكن تلك الغابات القديمة في القارة القطبية الجنوبية.

يعبر الدكتور جيرشيل والدكتور كلاجيس عن أهمية هذا الاكتشاف كونه يمثل رحلة عبر الزمن، وفرصة نادرة لفهم الظروف المناخية والبيئية للأرض في عصور ما قبل التاريخ. ويعتبر هذا الفهم بالغ الأهمية ليس فقط في علم الحفريات، بل أيضًا للتنبؤ بالتغيرات البيئية المستقبلية الناجمة عن تغير المناخ. تقدم دراسة الكهرمان القطبي الجنوبي أدلة قيّمة حول تطور الأنظمة البيئية وقدرة الكائنات على التكيف والصمود، مما يعزز فهمنا لدورة الحياة الطبيعية على كوكب الأرض عبر العصور.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة