أكد نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج السفير أبو بكر حفني محمود، أن مصر ستظل ملتزمةً بمواصلة مسيرة التعاون مع شعوب قارتنا الإفريقية، ومتمسكة بالقيم الحضارية والتزاماتها الأخلاقية في إدارة سياستها الخارجية إزاء الدول الإفريقية، مع حرصها على تطوير أدواتها الدبلوماسية للتعاطي مع التحديات المستجدة والشواغل الآنية التي تواجه قارتنا.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها السفير أبو بكر حفني محمود - والذي حضر نيابة عن وزير الخارجية والهجرة - في الحفل السنوي لمؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة، وتسليم المناضلة والسياسية الموزمبيقية "جراسا ماشيل"، زوجة زعيم جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، جائزة المؤسسة السنوية.
وقال إن الإرث العظيم للمناضلة الإفريقية جارسا ماشيل مصدر إلهام لجميع الأفارقة، فعقب نجاح نضالها ونضال رفقائها في القضاء على الاستعمار وتحقيق التحرر الوطني في موزمبيق، كانت أول وزيرة للتعليم في بلادها وحققت خلال توليها هذا المنصب طفرات مشهودة، فقفزت نسبة الأطفال المسجلين في المدارس في بلادها قفزة هائلة في وقت قياسي فيما يمكن إعتباره مصدر إلهام للعديد من شعوب القارة حتى يومنا هذا.
ونوه بإنجازاتها المتواصلة على مر السنين، وتميزها في ريادة العديد من الأعمال الخيرية والإنسانية، وتبني القضايا التي تشغل القارة الإفريقية والعالم لاسيما مكافحة الفقر وتجنيب الأطفال ويلات النزاعات المسلحة، كما عملت بلا كلل لدعم توفير الرعاية الصحية للسيدات والأطفال والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها.
وتابع أن مسيرة "ماشيل" حازت على تقدير إقليمي ودولي، وانتزعت عن جدارة احترام العديد من المؤسسات والهيئات الدولية.. أذكر منها على سبيل المثال: الحصول على جائزة نانسن من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقديراً لإسهاماتها في الدفاع عن قضايا اللاجئين والنازحين، وعلى الوسام الذهبي من منظمة الصحة العالمية تقديراً لجهودها في تعزيز الرعاية الصحية للنساء والأطفال والمراهقين.
وأضاف:" أن هذا التاريخ الحافل بالكفاح والعطاء لم يُعيقها من أن تكون كذلك أم عظيمة.. فأبنتها المتواجدة معنا اليوم، والتي فقدت والدها بطل استقلال موزمبيق والزعيم الإفريقي الكبير سامورا ماشيل في سن العاشرة .. هي مناضلة مشهود لها بالدفاع عن حقوق المرأة، ومكافحة العنف الأسري، ومؤسسة أحد أبرز الجمعيات الأفريقية لمناهضة التمييز ضد المرأة."
ولفت إلى أن أن "جارسا ماشيل" كانت كذلك رفيقة طريق للزعيم الإفريقي الخالد نلسون مانديلا .. هذا الرمز الذي ناضل بصلابة من أجل إعلاء قيم الحرية والمساواة والعدالة، بعد أن ساهم في تحرير شعبه من العنصرية والتمييز العرقي فأصبح مصدر إلهام لقيم التسامح والتجرد لجميع شعوب الأرض.
وقال إنه لا يمكن الحديث عن كل هذه الرموز دون التنويه بالإرث الإفريقي المشترك في مناهضة الاستعمار والفصل العنصري والذي تحمل عبئه الأكبر الآباء الأفارقة المؤسسون، الذين ناضلوا بعزيمة قوية وإرادة صلبة .. رغم التحديات الجسام لتخليص شعوب القارة من الاستعمار والتبعية والقهر.
وسلط الضوء على محل ميلاد جارسا ماشيل بمقاطعة "غزة" في جنوب موزمبيق، مشيراً إلى الجهود التي قامت بها ضمن مجموعة الحكماء، التي شاركت في تدشينها عام 2007 مع كوكبة من شرفاء وأحرار العالم.. لتتبني الدفاع عن العديد من القضايا الدولية كان في صدارتها نضال الشعب الفلسطيني.
وشدد نائب وزير الخارجية على أن العالم في أمس الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضي للاستماع إلى صوت "جارسا ماشيل"، صوت الحق والعدل والعقل والمنطق ليوقف هذا الجنون الذي يجتاح العالم لأكثر من عام دون توقف.
وأشاد بالجائزة المقدمة التي تحمل اسم رمزاً مصرياً إفريقياً لطالما اعتزت به مصر والقارة وهو الدكتور بطرس بطرس غالي، والذي جسدت مسيرته كأول أمين عام إفريقي للأمم المتحدة، اعتزازه بانتمائه الإفريقي وإيمانه بعالمية مبادئ شعوب قارتنا التي تدعو للتسامح والتعاون والسلام ورفض الظلم ورد العدوان.
وتقدم نائب وزير الخارجية بالشكر والتقدير لمؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة ولرئيسها الشرفي "ليا نادلر" رفيقة طريق الدكتور بطرس غالي.
وباسم وزارة الخارجية، حيا السفير أبو بكر حفني رئيس مجلس أمناء المؤسسة، ممدوح عباس على إحيائه ذكرى أحد أبنائها الأوفياء (بطرس غالي)، وللسفيرة ليلي بهاء الدين المدير التنفيذي للمؤسسة.
وحيا في ختام كلمته، أستاذ أجيال متعاقبة من الدبلوماسيين المصريين، الوزيرة والسياسي والمفكر عمرو موسى، الذي كرّمته مؤسسة بطرس غالي، قائلاً :"لايزال يثري العمل الدبلوماسي والحياة السياسية في مصر بأفكاره التي تأتي دائما من خارج الصندوق، وتجربة حياته الثرية التي تولي خلالها مهام عديدة وضعته في مكانة خاصة في قلوب المصريين".